تتوسط قرية "عين حفاض" الطريق ما بين "صافيتا" و"الدريكيش"، حيث تشرف على برج "صافيتا" الأثري، وهذا ما أكسبها أهمية ميزتها عن باقي القرى المجاورة بإطلالة تستثمر "صافيتا".

مدونة وطن "eSyria" زارت القرية بتاريخ 10 أيلول 2014، والتقت السيدة "جهينة ابراهيم" إحدى معمرات القرية؛ التي حدثتنا قائلة: «يعود تاريخ القرية إلى حوالي ثلاثمئة عام مضت، توالت عليها الكثير من العائلات، من أهمها: "أحمد، منصور، سليمان، يوسف"، الزراعة وتربية الماشية كانتا تشكلان قديماً مصدر الرزق الأساسي لأهالي القرية، فلم يكن لمقومات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء وماء أي وجود في حياتنا، إذ كنا نضطر للذهاب مشياً على الأقدام إلى منطقتي "صافيتا" و"الدريكيش" التي تبعد كل منهما مسافة 7كم، للحصول على حاجاتنا الأساسية، بمعاناة قاسية لرجال وأطفال ونساء القرية استجداءً للماء، أما الإضاءة فقد كان قنديل الكاز هو سيد الموقف في سهراتنا».

تحتوي القرية على مستوصف حكومي يقدم الخدمات للأهالي بشكل مجاني وبكافة الاختصاصات، كذلك تم مؤخراً بناء مركز آخر في وسط القرية يحوي عيادات من كافة الاختصاصات، وعلى الصعيد الاجتماعي تم مؤخراً بناء "مبرّة" من خلال تبرعات الأهل وصندوق المعونة، يؤمها المعزون في حالات الوفاة، وتتحول في غيابها إلى مكان لإلقاء المحاضرات الطبية والعلمية، وذلك من قبل المثقفين من أبناء القرية، كما يجتمع فيها الأهالي لمناقشة المواضيع التي تتعلق ببعض المشكلات التي يعاني منها أهل القرية

وعن أهم العادات والتقاليد؛ تتابع "ابراهيم" قائلة: «على الرغم من التطور الكبير الذي لحق بالقرية؛ إلا أننا ما زلنا نحافظ على العادات والتقاليد المتوارثة حتى هذا اليوم، سواء في الأفراح والأعياد أو الأتراح، فمثلاً عند حدوث وفاة في القرية يقوم قسم من الأهالي بحفر القبر، بينما يتوجه آخرون لفتح "المبرة" وتجهيزها لاستقبال المعزين، بينما يتوجه قسم الشباب لتوزيع النعوات، قبل أن يتوجه أهل القرية بصحبة آل المتوفي إلى "المبرّة" لاستقبال المعزين، ويكون أهل القرية مسؤولين عن كل ما يلزم أهل الفقيد خلال فترة التعزية من طعام وشراب وضيافة؛ وكل ذلك دون مقابل، وفي نهاية العزاء يقوم كل بيت بالتبرع بمبلغ من المال لأهل المتوفي، ويعد صندوق المعونة الذي أنشئ مؤخراً دليلاً على روح التعاون بين الأهالي، حيث يقوم كل شخص يملك دخلاً مادياً بالتبرع بمبلغٍ نقدي؛ يجمع ضمن صندوق ويوزع للمحتاجين والأيتام وطالبي العلم، ويستخدم المبلغ الفائض لتحسين الواقع الخدمي».

القرية من صافيتا

كما التقت مدونة وطن الأستاذ "محمد منصور"؛ وهو أستاذ في مدرسة القرية، حدثنا عن واقع التعليم قائلاً: «تعد تجربة القرية رائدة على مستوى المحافظة في مجال التعليم، فلقد كان لطلاب القرية الأوائل معاناتهم المريرة، إذ كانوا مضطرين لقطع مسافات كبيرة مشياً على الأقدام للوصول إلى المدرسة، يتخلل ذلك عبور نهر "الغمقة" الذي يفصل بين القرية ومدينة "صافيتا"، الذي كان يفيض في فصل الشتاء؛ ما شكل خطراً حقيقياً على حياة الطلاب، إلى أن قام مختار القرية الشيخ "إبراهيم سليمان"، الذي كان يتمتع بحكمة واحترام لدى أهل القرية، ببناء مدرسة من وارد العمل الشعبي في العام 1967، حيث منحت المدرسة فرصة التعليم لطلاب أكثر من عشر قرى مجاورة، وتمكنت من تخريج المئات من الطلاب؛ تخرجوا اليوم في جامعات القطر أطباء ومهندسين ومحامين، فقد بلغ عدد الأطباء في القرية تسعة، والمهندسين سبعة عشر؛ وتسعة محامين، وفي كل عام لدينا طلاب متفوقون على مستوى المنطقة، فقد نالت الطالبة "امتثال أحمد" المرتبة الأولى على مستوى المنطقة في العام 2014، وتتحول المدرسة في فصل الصيف إلى مكان لإقامة المهرجانات والحفلات الموسيقية والمباريات التي تجري بين فريق القرية والقرى المجاورة، كما تقام فيها حفلات تأبين لشهداء القرية».

وللحديث عن الواقع الخدمي في القرية، التقينا الأستاذ "سلمان محمد" رئيس البلدية، إذ حدثنا قائلاً: «يعد الواقع الخدمي في القرية جيد جداً، تدعمه التعاون بين الأهالي والجهات المعنية لتجاوز العقبات وإيجاد الحلول للمشكلات التي تعترض سير العملية الخدمية، وبالنظر إلى واقع الطرقات؛ فقد تم تخديم القرية بشبكة طرق رئيسية وفرعية، وتقوم البلدية بأعمال صيانة وتوسيع لهذه الطرق ما أمكن ذلك، كما حصل منذ فترة قصيرة في حارة "الضهر"؛ حيث قمنا بتوسيع الطريق الذي يربط بين القرية وقرية "السنديانة"، ما عاد بالفائدة على كلا القريتين، إلا أن بعض الصعوبات مازالت تلاحقنا؛ فتوسيع المخطط التنظيمي بات مطلباً ملحاً، فهو الذي يؤمن الحماية للأهالي أثناء القيام بعملية البناء، ومن ناحية أخرى تفتقر القرية والمنطقة المجاورة إلى محطات معالجة لمياه الصرف الصحي؛ ما يسبب تلوثاً للبيئة في بعض الأماكن».

الأستاذ محمد منصور

وبمتابعة الحديث عن الخدمات الموجودة في القرية؛ التقينا السيد "يوسف أحمد"، مدير القرية الصحية، الذي حدثنا عن الواقع الصحي بالقول: «تحتوي القرية على مستوصف حكومي يقدم الخدمات للأهالي بشكل مجاني وبكافة الاختصاصات، كذلك تم مؤخراً بناء مركز آخر في وسط القرية يحوي عيادات من كافة الاختصاصات، وعلى الصعيد الاجتماعي تم مؤخراً بناء "مبرّة" من خلال تبرعات الأهل وصندوق المعونة، يؤمها المعزون في حالات الوفاة، وتتحول في غيابها إلى مكان لإلقاء المحاضرات الطبية والعلمية، وذلك من قبل المثقفين من أبناء القرية، كما يجتمع فيها الأهالي لمناقشة المواضيع التي تتعلق ببعض المشكلات التي يعاني منها أهل القرية».

يذكر أن القرية ترتفع عن سطح البحر نحو 250م، يقطنها نحو 1350 نسمة، و"عين حفاض" تعني "النبع البارد الغزير"، يحدها من الشمال "الدريكيش"، ومن الجنوب "صافيتا"، ومن الغرب قرية "الجروية"، ومن الشرق قرية "الصومعة" معظم سكانها من المتعلمين، في حين ما زال بعضهم يعتمدون على الزراعة كمصدرٍ أساسي للرزق.

برج صافيتا من القرية