أرض خصبة وفيرة المياه، وأيدٍ خبيرة عمرتها بصنوف الفاكهة والخضار، فيها بنيت أقدم المدارس والأسواق التجارية، ومنها كان يوزع البريد إلى قرى عديدة في ريف "الدريكيش".

تمتد قرية المعمورة على الكتف الشمالي الشرقي لجبل "الشيخ أحمد القاري" وصولاً إلى المناطق المنحدرة والسهلية التي يجري فيها نهر موسمي يتصل بروافد "نهر الدريكيش"، الذي يؤمن مع ينابيعها مصدراً مهماً لمياه السقي، وفي وسطها تضم شارعاً تجارياً قديماً تعود بعض متاجره إلى 90 سنة، لاتزال مزدهرة تقدم للمناطق المجاورة الخدمات والسلع والمنتجات المختلفة، في حين حافظت "المعمورة" على إرثها الحضاري بمختلف أشكاله، الذي يتحدث عنه لمدونة وطن "eSyria" المختار "أيمن صارم" بتاريخ 10 نيسان 2014، فيقول: «تضم القرية ومزارعها مجموعة ينابيع تتفاوت في غزارتها، وهي ينابيع: "بحويليج، عين الصيوان، عين الخيار، نبع الشيخ منصور،.."، وشهدت منذ القديم زراعة مساحات واسعة بالتفاح بمختلف أنواعه المعروفة آنذاك، وبخبرة أبنائها ومهارتهم وصلت منتجاتنا إلى مختلف الأسواق المحلية المعروفة حينها، ومع تقدم الوقت وارتفاع درجات الحرارة، ارتفعت تكاليف زراعة التفاح وأصيب بالعديد من الأمراض عدا تراجع أسعاره وضعف تسويقه، فانتقل المزارعون إلى زراعات جديدة بعضها فاكهة "تفاحيات، لوزيات، حمضيات" ومعظمها خضراوات، ساعد على ذلك وفرة المياه "ينابيع وآبار" وخصوبة الأرض، فزرعوا "البطاطا، البندورة الجردية، الخيار، سلق، بقدونس،.." وعادت "المعمورة" لتصبح مركزاً مهماً لإنتاج هذه المواد الغذائية، بالتالي حافظ ما يقارب نصف السكان على إرثهم الزراعي، في حين توزع البقية على الوظائف الحكومية، والتجارة، والخدمات».

يبلغ عدد سكانها 2800 نسمة، وتشكل مركز بلدية تتبع لها ثلاث قرى، هي: "المعمورة، بجنّة، وعين الدهب" التي تشكل حدود محافظة "طرطوس" مع "حماة"، وتتبع القرية إلى ناحية "دوير رسلان"، التي تتبع بدورها إلى مدينة "الدريكيش"، ويحيط بالقرية عدة قرى ملاصقة ومجاورة هي: "بيت يوسف، وبستان الصوج" غرباً، و"الحويزية، وحصن سليمان" من الجنوب، أما "بجنّة" فتلتصق بها شرقاً، ومن الشمال قرية "ديروني"

أما ريادة القرية تعليمياً واحتضانها أقدم المراكز التعليمية في المنطقة، فيحدثنا عنها الأستاذ "علي حسن" مدرس لغة عربية: «بنيت أول مدرسة في القرية سنة 1939 بمساعي المجاهد الشيخ "صالح العلي" وأهالي القرية الذين جمعوا التبرعات لبناء مدرسة وغرف ملحقة لسكن الطلاب بمواد البناء المعروفة قديماً "حجارة وخشب"، أما تعليمياً فقد استمرت المدرسة حتى الخمسينيات بتعليم موادها باللغة الفرنسية كلغة أساسية عبر مدرسين من "صافيتا"، وتخرج فيها طلاب كثر من القرية وجوارها، وقد توفي معظم الأوائل الذين درسوا فيها، وبقي منهم قلة أذكر منهم القاضي المشهور "علي غنام"، وقد تحولت في الخمسينيات إلى مدرسة ابتدائية رسمية، وفي سنة 1969 بنيت المدرسة الإعدادية، وبعدها بعشر سنوات تحولت إلى مدرسة ثانوية يأتي إليها طلاب القرى المجاورة، أما بناء المدرسة في ذلك التاريخ المبكر فيعود إلى اهتمام الناس الشديد بالعلم، الذي كان يعطى سابقاً تحت أشجار السنديان وفي جوار المدارس».

القرية من أعلى جبل الشيخ "أحمد القاري"

اشتهرت "المعمورة" بمركزها البريدي الذي أسس له المرحوم "صالح يوسف" في غرفة صغيرة في منزله في القرية، والذي كان يوزع البريد إلى مناطق واسعة في "ريف الدريكيش" نذكر منها: "الديورني، عين الدهب، القليعة، بيت الخدام، الحويزية، بستان الصوح، سريغيس، بيت يوسف، الحصن،..."، ويعود تاريخه إلى خمسينيات القرن الماضي، حتى منتصف عقد الثمانينيات حيث عادت الرسائل لتوزع من مدينة "الدريكيش" مباشرة.

اشتق اسم "المعمورة" لغوياً من "العمران"، وقد تكون طبيعة القرية العمرانية قد ساهمت في جعلها مركزاً "تجارياً، تعليمياً، زراعياً" مهماً استقطب القرى المجاورة، وجعلها تزدهر أكثر من جميع الجوانب، ومن هذا المنطلق تقول بعض الروايات الناس أطلقوا لفظ "المعمورة" على هذا التجمع السكاني.

اللقاء مع الأستاذ "علي حسن"

تبعد "المعمورة" عن مدينة "الدريكيش" مسافة 13كم مروراً بقرى "سريغيس، بستان الصوج، وصولاً إلى المعمورة"، ليشكل بعدها الطريق صلة وصل مع محافظة "حماة" بوصوله إلى قرية "عين شمس" التابعة لها، وفي هذا السياق يتابع المختار قائلاً: «يبلغ عدد سكانها 2800 نسمة، وتشكل مركز بلدية تتبع لها ثلاث قرى، هي: "المعمورة، بجنّة، وعين الدهب" التي تشكل حدود محافظة "طرطوس" مع "حماة"، وتتبع القرية إلى ناحية "دوير رسلان"، التي تتبع بدورها إلى مدينة "الدريكيش"، ويحيط بالقرية عدة قرى ملاصقة ومجاورة هي: "بيت يوسف، وبستان الصوج" غرباً، و"الحويزية، وحصن سليمان" من الجنوب، أما "بجنّة" فتلتصق بها شرقاً، ومن الشمال قرية "ديروني"».

«لا يوجد في "المعمورة" ما يدل على سكن الإنسان القديم فيها، ولا يتجاوز عمرها 300 عام، ويعد الشيوخ "حسن صفيّة، محفوض أحمد،.." من أقدم ساكني هذه القرية، ومنهم تفرعت عائلات القرية، والقرية لفترة ليست ببعيدة كانت عبارة عن بقايا غابات وأحراش كثيفة اعتمد عليها الأجداد الأوائل حين قدموا للقرية وسكنوها، كما تتحدث الروايات التاريخية عن حركة نزوح كبيرة إلى القرية في أواخر عهد "الاحتلال العثماني"، وتحديداً في عهد السلطان "سليم" الذي ارتكبت في عهده المجازر وسيق كثيرون من الشباب إلى حروب العثمانيين في مختلف أنحاء الإمبراطورية؛ ما سبب زيادة عدد سكان "المعمورة"، حيث أمنت أحراشها الكثيفة حماية كبيرة للناس.

موقع القرية من الخريطة الفضائية

بدأ توسع "المعمورة" عام 1980، حينها بدأ سكانها البناء حول الحارة القديمة الواقعة حالياً شمال القرية، واستمرت مظاهر التوسع والنمو وصولاً إلى وقتنا الحالي، حيث باتت القرية تضم مرافق خدمية عديدة "مستوصف، مركز بلدية، مدرسة تعليم أساسي وثانوي، إرشادية زراعية، جمعية فلاحية».