بعد أعمال التنقيب في قرية "مياماس"، نفض الباحث الأثري الدكتور "نشأت كيوان" غبار الزمن الغابر عن تمثال "كرونوس" العائد إلى الأساطير اليونانية والرومانية.

حول تاريخ التمثال وسيرته، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 نيسان 2019، التقت الباحث الأثري الدكتور "نشأت كيوان"، فبيّن قائلاً: «أثناء أعمال التنقيب لدائرة آثار "السويداء" تم العثور في قرية "مياماس" جنوب شرقي "جبل حوران" على بلاطة حجرية مربعة من البازلت؛ عليها نحت نافر بشكل نصفي يمثل رجلاً ملتحياً يعبّر بصفات وجهه عن نموذج كلاسيكي يسمى "كرونوس" يرتدي الإله لباساً مؤلفاً من قميص (تونيك) وفوقه عباءة تغطي جزءاً من رأسه، ويحمل في يده عصا، ويوجد كسر وتشويه في أماكن مختلفة منه، وخصوصاً في القسم العلوي من الرأس، ويبدو غطاء الرأس وكأنه من نوع الكوفية، لكن خصلات الشعر التي تظهر تحت الغطاء تبدو على شكل خصل أسطوانية مثلمة بشكلٍ أفقي متطاول ومتوضعة بعضها فوق بعض ومنسدلة إلى الأسفل، لكن شعر اللحية يبدو حلزونياً، ويشكل قميص (التونيك) طيات عند أعلى الصدر، وعند فتحة الرقبة ثنيات بشكل مثلثي مقلوب 7، وتنسدل طيات العباءة إلى الأسفل وتنطلق كأشعة من الكتف الأيمن، بينما تختفي قليلاً عند الكتف الأيسر بسبب المنجل الذي يحمله "كرونوس" ويضعه ملامساً لكتفه الأيسر».

كما عثر على مذبح من البازلت مستطيل الشكل له تاج وقد زين كل وجه من وجوهه الأربعة، وعلى أحدها نحت نافر لوجه رجل ملتحٍ يمثل إله الزمان "كرونوس"، وتحت وجهه كتابة يونانية لم يبقَ منها سوى حرف O، وقد عثر على هذا المذبح في بلدة "قنوات" "كاناثا" القديمة، حيث يبدو فيها الإله ملتحياً ومشوه التعابير يعتمر غطاءً للرأس بهيئة مهيبة تظهر خصلات الشعر بشكلٍ حلزوني متصلة مع خصلات شعر اللحية والشاربين على شكل حلزوني محبب

وأضاف: «كما عثر على مذبح من البازلت مستطيل الشكل له تاج وقد زين كل وجه من وجوهه الأربعة، وعلى أحدها نحت نافر لوجه رجل ملتحٍ يمثل إله الزمان "كرونوس"، وتحت وجهه كتابة يونانية لم يبقَ منها سوى حرف O، وقد عثر على هذا المذبح في بلدة "قنوات" "كاناثا" القديمة، حيث يبدو فيها الإله ملتحياً ومشوه التعابير يعتمر غطاءً للرأس بهيئة مهيبة تظهر خصلات الشعر بشكلٍ حلزوني متصلة مع خصلات شعر اللحية والشاربين على شكل حلزوني محبب».

الباحث الدكتور نشأت كيوان

وتابع الباحث الدكتور "نشأت كيوان" بالقول: «التصوير لهذا الإله يشترك مع مشابهات له في بعض النواحي ويختلف عنها في نواحٍ أخرى؛ فالنحت الذي عثر عليه في منطقة "حران العواميد" بالقرب من "دمشق" يمثّل بلا شك الإله "كرونوس" واقفاً وعلى يساره رجل صغير ربما يمثل كاهناً أو خادماً، يرتدي الإله ثوباً طويلاً من طراز الخيتون على شكل ما نسميه اليوم (غلابية أو جلابية)، إضافة إلى عباءة تغطي الجزء السفلي من الجسم، ويعتمر تاجاً من طراز البولوس حسب التسمية اليونانية أو موديوس باللاتينية؛ وهو غطاء للرأس انتشر في منتصف القرن الثالث الميلادي، ويمسك بيده صولجاناً طويلاً ينتهي بما يشبه المنجل، وفي يده الأخرى صولجان قصير، ويبدو أن تماثيل "كرونوس" في "حوران" تشترك مع مناطق أخرى في الأدوات التي يحملها؛ وأهمها المنجل الذي خصى به والده ثم ذبحه، والذي أصبح واحداً من رموزه، وهذا المنجل كان يسمى في اليونانية "هارب"، وفي اللاتينية "فالكس"، وهو من الأدوات الزراعية، حيث يعدّ "كرونوس" إلهاً للزراعة والحصاد، وقد ظهر في الفنون القديمة على شكل رجلٍ مسنٍ مهيب يغطي رأسه حجاب أو ما شابه، ويحمل منجلاً في يده».

وعن تاريخ عبادة "كرونوس" بيّن الباحث الأثري "وليد أبو رايد" قائلاً: «ما تم اكتشافه في قرية "مياماس" أثناء أعمال التنقيب لوحة صخرية بخط نافر تمثّل الإله "كرونوس"، وقد ظهرت عبادته في الولاية العربية الرومانية ومدن "الديكابوليس"، مثل: "جرش"، و"طبقة فحل"، و"إبيلا"، وظهر على مذبح من "تدمر" موجود الآن في متحف "كوبنهاغن"، ويؤرخ إلى ما بعد عام 230؛ أي إنه معاصر لمنحوتة "كرونوس" من "حران العواميد"، التي تؤرخ لفترة القرن الثاني الميلادي أو فترة حكم الإمبراطور "فيليب العربي" منتصف القرن الثالث الميلادي، وتجدر الإشارة إلى أن التمثالين عن "كرونوس" يظهران تماثلاً في وضعية وظهور "كرونوس" كإله ذي هيئة مبجلة من خلال تسريحة الشعر واللحية والحجاب أو الكوفية التي يرتديها، والتي تميزه عن غيره من الآلهة، وهو عمل مهم في تاريخ وآثار المنطقة، وخاصة في الجهة الجنوبية الشرقية من "السويداء"».

الباحث الأثري وليد أبو رايد
تمثال كرونوس