يتذكره أبناء قرية "الثعلة" الواقعة غرب "السويداء" فهو طريق اجتازوه سيراً على الأقدام لعقود طويلة، ليتحول اليوم إلى شريان للحياة، ومدخل من مداخل المحافظة الذي يسجل أرقام عبور مرتفعة.

مراحل متلاحقة ساهمت في تطوير الطريق ليكون اليوم من أكثر الطرق اكتظاظاً من حيث الفعاليات الصناعية والخدمية المتنوعة، مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 8 أيار 2015، التقت مجموعة من الحرفيين الذين اختاروا إقامة منشآتهم الصناعية بجواره لكونه من المواقع الحيوية والمتفاعلة، كما حدثنا "نايف الحلبي" صاحب مجبل للإسمنت بجوار هذا الطريق والمسافة الفاصلة مع مدينة "السويداء"، وقال: «تطور المنطقة المحيطة بطريق (الثعلة - السويداء) بسرعة؛ فقد احتضن منطقة صناعية كبيرة إلى جانب معامل قص الحجر بأنواعها، التي كثفت الحركة عليه، وبالنسبة لي فقد اخترت "محضراً" بهذه المنطقة لإقامة مجبل كبير تبعاً لأهمية المكان وحركة العبور الكبيرة، ومن فوائد المكان أنه مقصود من قبل كل من يحتاج إلى خدمات البناء ومواده بأنواعها، ومن ناحية أخرى فإن قرب المسافة من المدينة عامل مشجع لزيادة عدد المنشآت الصناعية، وبوجه عام فهو مخدم جيداً بالكهرباء والماء ومختلف الخدمات، وهذا ما ساعد على ازدياد المؤسسات والشركات في هذه المنطقة، ولدينا طموح كبير بتنوعها في مراحل قادمة، وفي الظروف الحالية تؤم المكان شاحنات ضخمة مخصصة لتصدير الحجر إلى الخارج، وآليات ثقيلة لنقل الحمولات للمجابل، والطريق اليوم بحالة جيدة تساعدنا في إنجاز العمل، وإنجاز عمليات ترحيل كبيرة على مدار اليوم ساهمت في تطوير الاستثمار العقاري الذي تطور كثيراً على ساحة المحافظة؛ فطريق "الثعلة" أكثر المناطق التي تتوافر فيها كامل الخدمات».

لا يخطر في ذهن العابر هذا الطريق اليوم المراحل الزمنية التي اجتازها ليأخذ شكله الحالي، ففي مراحل قديمة لم يكن مستقيماً كما اليوم، وكنا إذا احتجنا إلى العبور بسيارة علينا اللجوء إلى طريق "المزرعة" البلدة المجاورة من الشمال، أو قرية "الأصلحة" جنوب شرق، لكن أولى مراحل العمل كانت عام 1958 عندما وضعت مخططات لشق طريق يخدم القرية، وكان التنفيذ بالعمل الشعبي، وأتذكر أنه في ذلك الزمن كان هناك شرطة ومراقبون لاصطحاب الشباب القادرين على العمل، ومن لم يشارك فرض عليه دفع أجرة عامل بدلاً من عمله، وقد نفذ الطريق عبارة عن شق وتسوية للأرض فرشت على ثلاث مراحل

من أهالي القرية معلومات ارتبطت بذاكرتهم عن حالة الانتقال إلى المدينة لغاية التعليم أو التسوق وقصص تنسجم مع ذلك الزمن؛ كما حدثنا العم "مزيد الحمد" مدرس متقاعد من أهالي القرية، وقال: «لا يخطر في ذهن العابر هذا الطريق اليوم المراحل الزمنية التي اجتازها ليأخذ شكله الحالي، ففي مراحل قديمة لم يكن مستقيماً كما اليوم، وكنا إذا احتجنا إلى العبور بسيارة علينا اللجوء إلى طريق "المزرعة" البلدة المجاورة من الشمال، أو قرية "الأصلحة" جنوب شرق، لكن أولى مراحل العمل كانت عام 1958 عندما وضعت مخططات لشق طريق يخدم القرية، وكان التنفيذ بالعمل الشعبي، وأتذكر أنه في ذلك الزمن كان هناك شرطة ومراقبون لاصطحاب الشباب القادرين على العمل، ومن لم يشارك فرض عليه دفع أجرة عامل بدلاً من عمله، وقد نفذ الطريق عبارة عن شق وتسوية للأرض فرشت على ثلاث مراحل».

نايف الحلبي

عن رحلات العبور المرهقة التي كانت لغاية متابعة الدراسة والتسوق يضيف العم "مزيد" بالقول: «رحلة شاقة كان يقطعها الطلاب سيراً على الأقدام مسافة 12كم للوصول إلى "السويداء"؛ حيث يستأجر عدد من الطلاب غرفة مشتركة للالتحاق بالمدارس والمعاهد، وكانوا مضطرين للبقاء لأسابيع متعددة، وكان على الأهل الانتقال على الدواب لينقلوا للطلاب ما كان يسمى "الزهاب" وهي حاجة الطالب من الأكل والخبز والمؤن، لكن مع بداية الستينيات تغير المشهد لتصبح إحدى سيارات الجيب قادرة على الوصول إلى القرية تنقل من أراد في رحلة وعرة، ومنتصف الستينيات عبّد الطريق للمرة الأولى وأخذت تقطعه الميكروباصات بداية السبعينيات التي عادت ملكيتها إلى شباب من القرية، وهنا بدأت نقلة حقيقية باتجاه التنمية لتدخل القرية مرحلة جديدة حيث الاستقرار وتأمين متطلبات الحياة الأكثر رفاهية، وكان لهذه القرية تجربتها باستثمار الطريق بنقل مشترك عبر شراء "باص" خاص لمصلحة جمعية النقل في القرية؛ ليكون لهذه المركبة رحلتان في المساء خدمتا القرية وخلقتا أمام الشباب فرصة لمتابعة العمل والدراسة؛ وهذا ما جعل الانتقال ميسراً وخدم أبناء القرية بوضوح خاصة طلاب الجامعات؛ مع العلم بارتفاع نسبة التعليم لكون القرية تخلصت من الأمية منذ سنوات طويلة».

طريق حيوي تستقر اليوم على أطرافه منطقة صناعية متفاعلة وكبيرة؛ وفق المعلومات التي أفادنا بها رئيس بلدية "الثعلة" "إياد سليقة"، وقال: «بقي الطريق ما يقارب ثلاثة قرون على حاله؛ حيث كان يرمم كل عام، وبداية القرن الحالي صدر قرار الاستملاك ليتم إنجازه بشكل حضاري عام 2004، ومنذ ذلك العام أخذت تظهر في المناطق المحيطة له فعاليات جديدة خاصة بعد إنشاء المنطقة الصناعية التابعة لمدينة "السويداء"؛ وهي من أهم المناطق الصناعية المصدرة لحجر البازلت والرخام لعدة مناطق عربية، وتستقر المطحنة الوحيدة في المحافظة على جهته الشمالية إلى جانب عدة معامل مثل: مسبق الصنع، ومحطة المياه، إلى جانب معصرة "الثعلة" للزيتون، وعدد من المداجن، ليجد العابر له أن العمران بات شبه متصل بين القرية والمدينة، والمناطق الخالية من العمران عبارة عن مزارع وبساتين زيتون وحقول غنية اشتهرت بإنتاجها الزراعي.

العم مزيد الحمد

اليوم يمتد الطريق على 13كم مربع تبدأ من أطراف الأحياء الغربية لمدينة "السويداء" إلى نهاية القرية من الناحية الغربية، وهو أحد مداخل مدينة "السويداء" الغربية، ويشهد حركة عبور كبيرة خاصة بفعل الفعاليات الاقتصادية، وللعلم فإن عدد السيارات في قرية "الثعلة" فقط يصل إلى 520 سيارة».

رئيس بلدية الثعلة