يعد طريق الحج من أهم الطرق القديمة الباقية منذ أن احتل الرومان المنطقة، وهو يمتد من "دمشق" إلى شرقي الأردن، ففلسطين، ونحو الأماكن المقدسة، وهو الطريق الذي أمرت بإنشائه الإمبراطورة الرومانية "هيلانة"، حيث قامت مؤسسة الطرق العامة بإنشاء طريق موازٍ حديث في "السويداء".

مدونة وطن "eSyria" التقت الدكتور "علي أبو عساف" يوم الإثنين الواقع في 15 أيلول 2014، الذي تحدث عما يعرفه عن طريق الحج الشهير وكيفية إنشائه: «بُدئ إنشاء الطرق الرومانية في "حوران" جنوب "سورية" بعد إلحاق البلاد العربية بالحكم الروماني حوالي عام 106 بعد الميلاد، ويعد طريق "الحج" الحالي من أهم الطرق التي أنشئت في ذلك الوقت في زمن الإمبراطور الروماني "تراجان"، وسمي آنذاك بالطريق الدولي السريع الذي يربط شمال البلاد بجنوبها عبر "الكسوة"، ومن ثم إلى "المسمية"، ويحاذي قرية "عريقة" مروراً بقرية "المجدل" وقرية "ريمة اللحف"، وخربة "خان الرصيف"، ومنارة "هنو" ثم إلى "السويداء"، ومنها إلى "بصرى الشام" لينتهي في فلسطين. تم إجراء تحسينات على هذا الطريق في زمن الأباطرة الذين قدموا بعد الإمبراطور "تراجان"، بعد ذلك بدأت المسيحية تنتشر في الإمبراطورية زمن الإمبراطور "قسطنطين" الأول بداية القرن الرابع، وذلك بدعم من والدته القديسة "هيلانة"، حيث قامت برحلة الحج الشهيرة إلى الأراضي المقدسة بحثاً عن خشبة الصليب المقدس، ويعتقد المؤرخون أنها سارت في هذا الطريق؛ ولذلك سمي طريق "الحج". ومن الجدير بالذكر أن حجارة المسافات كانت موضوعة على جانبي الطريق مثلما كانت توضع حجارة أخرى على المفارق التي تتفرع عن هذا الطريق العريق، وفي متحف "السويداء" نماذج من تلك الحجارة».

بات الطريق الآن عصرياً، ويتمتع بكل مواصفات الطرق الدولية من حيث الموقع الذي لا يمر بالقرى مباشرة، ومن حيث العرض الكبير، وكان الطريق القديم محاطاً بالآبار المخصصة للشرب، ويمكن الوصول إليها بسهولة من أجل تأمين حاجة الحجاج من الماء، والتزود به قبل الدخول في أراضي شرقي الأردن، مثل آبار: "عريقة"، و"حران"، و"داما"، و"دير داما"، وغيرها.. وهي الآن آبار أثرية منها ما هو قائم ومستمر، ومنها ما هو مهدم، ولكن كانت هذه الآبار على مر مئات السنين موجودة بجانب الطريق

أما الباحث الأثري "وليد أبو رايد" فتحدث عن أهمية طريق "الحج"، وقال: «يعد الطريق صلة الوصل التي تربط شبه الجزيرة العربية ببلاد الشام الشمالية، ليمر من سهل "حوران" وتحديداً مدينة "بصرى" العريقة، و"جبل العرب" من الغرب، وقد استفاد سكان "حوران" و"الجبل" من هذه الميزة، وساهموا في ازدهار التجارة في أقاليم حوران وشرقي الأردن وفلسطين، وعندما اتضحت أهمية هذا الطريق الرئيسي للحجاج الذاهبين إلى الديار المقدسة في فلسطين والجزيرة، أقامت السلطات الحاكمة على جوانب الطريق عدداً من الأبراج الدفاعية لحماية الحجاج من اللصوص وقطاع الطرق، وأعادت تأهيل الأبراج التي كانت موجودة سابقاً في المنطقة، ومن هذه الأبراج الدفاعية برج "عريقة"، وبرج دير "داما"».

طريق الحج الأساسي في قلب اللجاة

وعن أهمية المنطقة بالنسبة للقادمين من الخارج عبر طرقها، قال: «شغلت "حوران": السهل والجبل، مكاناً مهماً في الجغرافية الدينية للمنطقة، حيث تجتازها قوافل الحجاج إلى مكة المكرمة، ومن خلال مرورهم من هنا يتصل الحجاج بسكان هذه البلاد، التي تزخر بتعاليم الديانات السماوية، لأنها تقع بين "القدس" و"دمشق" مركزي النشاط الديني، اللتين أصبحتا تدوران في فلك المركزين الدينيين الجديدين "مكة" و"المدينة". إضافة إلى ذلك الخرب التي تعود إلى العهد الروماني والعصر البيزنطي المتناثرة في كل القرى، وأهمها خربة "عريقة" و"صميد" العتيقة، وخربة "المردومة" الواقعة إلى الشمال الشرقي من قرية "البستان"، إضافة إلى الأبراج الواقعة على طرفي الرصيف، وفي العهد الحديث قامت مديرية الطرق العامة بإنشاء طريق الحج الجديد الموازي للطريق القديم، وقد روعي فيه العرض المناسب لمرور القوافل من المركبات الكبيرة المتجهة إلى مدينة "السويداء"، ومنها إلى الأردن وشبه الجزيرة العربية، وهو طريق حيوي وعصري، ويمكن استغلاله بشكل كبير لخلق جو اقتصادي جديد في المنطقة، فالطريق هو أهم عوامل نجاح التبادل التجاري، وصلة وصل مهمة للوصول إلى الديار المقدسة».

كانت مسألة مياه الشرب مهمة عسيرة ومكلفة لتأمين الحجاج على طول الطريق، ومن أجل ذلك وجدت الآبار المحفورة بالصخر، يقول الأستاذ "خليل عزام" مدرس اللغة العربية في مدارس بلدة "عريقة" الواقعة على الطريق: «بات الطريق الآن عصرياً، ويتمتع بكل مواصفات الطرق الدولية من حيث الموقع الذي لا يمر بالقرى مباشرة، ومن حيث العرض الكبير، وكان الطريق القديم محاطاً بالآبار المخصصة للشرب، ويمكن الوصول إليها بسهولة من أجل تأمين حاجة الحجاج من الماء، والتزود به قبل الدخول في أراضي شرقي الأردن، مثل آبار: "عريقة"، و"حران"، و"داما"، و"دير داما"، وغيرها.. وهي الآن آبار أثرية منها ما هو قائم ومستمر، ومنها ما هو مهدم، ولكن كانت هذه الآبار على مر مئات السنين موجودة بجانب الطريق».

الإشارات المرورية على كامل الطريق.
بئر دير داما جانب الطريق.