في زمن كانت الفتيات بعيدات عن ملاعب الرياضة شجّعتها والدتها على التدريب والاستفادة من خبرة مدرّبها، لتتألق "منى البعيني" في مجال الكرة الحديدية ورمي القرص، فكانت من أوائل لاعبات المحافظة مع المنتخب الوطني لكرة اليد.

"منى البعيني" التي مثّلت مع أختها "جمال" عصراً جميلاً للرياضة النسائية في "السويداء"، بقيت وفيّة لرياضتها ولم تتركها حتى بعد التقاعد، محيية بصماتها القديمة كلاعبة نالت ميداليّات استحقتها بالجهد والعمل والالتزام الرياضي.

كان لي خلال وجودي في الملعب حياة اختلفت عن الكثيرات من زميلات الدراسة والموهبة التي أخذت وقتي بالكامل، حتى بعد الخروج من الميدان والانتقال إلى التدريب؛ فقد تابعت مع الشابات المتدربات رغبة في تأسيس فرق متمكنة وقادرة على تحقيق الأفضل، وهذا ما حصل، لأتابع مع اللجنة الفنية لسنوات طويلة، وأخيراً كان التقاعد من العمل، لكن ليس التقاعد من الملعب ومتابعة الفرق ولاعبات القوى؛ فهذا واجبي تجاه الأجيال؛ لأقدّم خبرتي وما حصدته من معارف؛ لأنّني أؤمن بالرياضة وأثرها الواضح في تنشئة الأجيال وتنمية مواهبها

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 أيلول 2016، حاورت الرياضية "منى البعيني"، التي تحدثت عن ملعب بسيط تدربت به مع إخوتها، وتقول: «أتذكر سنوات الطفولة التي كنت فيها وإخوتي في باحة الحي التي أسميناها الملعب؛ لكونه احتضن لعبنا الذي بدأ طفولياً لغاية الفرح والتسلية، وتحول فيما بعد إلى علاقة متينة مع الرياضة التي تجذّرت في نفوسنا؛ فأنا من أسرة رياضية عشقت الحيوية والنشاط، وكانت الرياضة بالنسبة لنا حالة فرح وتألق الروح، لتكون هذه الرياضة محور الحياة وبداية مشاريعنا المستقبلية.

الصحفي زياد عامر

في ذلك المكان الذي أسميناه ملعباً تابعني وأختي المدرّب الكبير "سمير أبو حمدان"، وقدّم لنا النصيحة، وزوّدنا بمعارف كثيرة عن رمي القرص والكرة الحديدية وطرائق التدريب، وكانت مشاركتي الأولى كافية لتشجيعي على المشاركة في بطولات الجمهورية التي نلتها عدة سنوات في هذه الألعاب، وكان الاستمرار أمراً واقعاً لا لغاية نيل الجوائز، بل لارتباط قوي بالرياضة التي احتلت الجزء الأكبر من أيامي، وبناء على ذلك اخترت دراسة معهد الرياضة الذي درسته في مدينة "حماة"، مع العلم بصعوبات التنقل في تلك المرحلة، ومن بعدها نلت شهادة الدبلوم لأكون مدرّسة لمادة الرياضة وفق رغبتي بالمجال الذي أهوى.

أما اختياري لكرة اليد، فقد كان بالاعتماد على لياقة امتلكتها بعد ألعاب القوى، ومثّلت مع فريق متميز في ذلك الزمن المحافظة على مستوى الجمهورية، وكان الفريق الأول الذي يحقق النتائج المتميزة على مستوى القطر، وخلال البطولات المدرسية، ولعبت لمصلحة المنتخب الوطني، وكانت مرحلة تألق للفريق وللعبة أيضاً، ومع نادي "العربي"، وبعدها تفرّغت للتدريب على ألعاب القوى، ومدة أخرى لتدريب فريق كرة اليد».

منى البعيني

عن التجربة التي مثّلت ذاكرتها وجعلتها الأقرب إلى جيل الشابات وكل عشاق الرياضة، تحدثت: «كان لي خلال وجودي في الملعب حياة اختلفت عن الكثيرات من زميلات الدراسة والموهبة التي أخذت وقتي بالكامل، حتى بعد الخروج من الميدان والانتقال إلى التدريب؛ فقد تابعت مع الشابات المتدربات رغبة في تأسيس فرق متمكنة وقادرة على تحقيق الأفضل، وهذا ما حصل، لأتابع مع اللجنة الفنية لسنوات طويلة، وأخيراً كان التقاعد من العمل، لكن ليس التقاعد من الملعب ومتابعة الفرق ولاعبات القوى؛ فهذا واجبي تجاه الأجيال؛ لأقدّم خبرتي وما حصدته من معارف؛ لأنّني أؤمن بالرياضة وأثرها الواضح في تنشئة الأجيال وتنمية مواهبها».

وفي لقاء الصحفي الرياضي "زياد عامر"، تحدّث عن عطاء قدمته اللاعبة "منى البعيني" كرسالة للرياضة الأنثوية ومثال اقتدت به اللاعبات من بعدها، ويقول: «في زمن كانت الرياضة حكراً على الرجال دخلت "منى" وأختها هذا المجال باندفاع وحماسة كبيرة لتحقيق الأفضل دائماً، لتمارس ألعاب القوى وتتألق برمي القرص والكرة الحديدية، بإشراف المدرّب "سمير أبو حمدان"، ونالت في هذا المجال مجموعة من الميداليات، حيث استطاعت بعد شقيقتها المحافظة على المركزين الأول والثاني في بطولات الجمهورية، وجاءت الرابعة في بطولة "ليبيا" المدرسية عام 1977، وآخر المشاركات المحلية كانت عام 1982، حيث حصلت على المركز الثاني بعد "لينا حزوري" برمي القرص.

جزء من رصيد كبير من الميداليات والجوائز التي نالتها

هي من الرياضيات المثقفات نالت دبلوم التربية الرياضية، وكانت مدرّسة في هذا المجال لسنوات طويلة، وبدأت مع كرة اليد عام 1974 بإشراف المدرّب "حسن أبو الفضل"، وبعده بإشراف المدرّبين "سمير أبو ذياب" و"عادل وقاص"، وكأس "سورية" عام 1977، ثم المشاركة في الدورة المدرسية عام 1977 مع المنتخب إلى جانب اللاعبة "ابتسام المسبر"، وهي لاعبة النادي "العربي"، ولها تاريخ حافل، وبقيت وفية لرياضتها محفزة الشابات على ممارسة الرياضة والانتماء إلى جيل كانت مزاياه الإخلاص والوفاء ودعم الرياضة من دون مقابل سوى خلق رياضة راقية».

يذكر أن "منى البعيني" من مواليد "السويداء"، عام 1957، نالت شهادة دبلوم التربية الرياضية عام 1981، وبدأت رحلتها الرياضية عام 1971 بألعاب القوى، كلفت بعدة مهام أهمها عضو لجنة تنفيذية "السويداء" بين عامي 1991-1994، ثم تفرغت للتدريب ضمن ألعاب القوى، نالت العديد من الجوائز المحلية والعربية، ثم انتقلت إلى دائرة التربية الرياضية مشرفة على النشاط الرياضي حتى أحيلت إلى التقاعد عام 2011.