أرعب اللاعب الشامل "وسام أبو يحيى" حراس المرمى الكبار على مدى سنوات في الملاعب السورية والعربية، وكان دائماً مصدر أمل للأطفال والشبان في الكثير من الألعاب مكرّساً حياته للرياضة والعلم.

مدونة وطن "eSyria" التقت الكابتن "وسام أبو يحيى" رئيس نادي "شقا" الرياضي بتاريخ 24 أيار 2015، فتحدث عن بدايته مع الكرة قائلاً: «انطلقت من بلدتي "شقا" التي ولدت فيها عام 1966 وسط مجموعة كبيرة من الشبان المحبين لكرة القدم، وكنت أحاول منذ الصغر شق طريقي بنفسي على الرغم من عدم اكتراث الكثيرين لموهبتي، حتى اقترح شباب الحارات إقامة دوري للأحياء الشعبية نظراً لكثرة لاعبي البلدة، فتلقف الفكرة الأستاذ "نعيم نصار" الذي اقترح علينا لعب الدوري تحت إشراف "شبيبة الثورة"، وبعد سنتين كوّنا أول فريق على مستوى منطقة "شهبا"، وفي عام 1981 استدعاني مدرس الرياضة للعب في بطولة المدارس على الرغم من أنني في الصف العاشر وكل أقراني يحضرون للثانوية العامة، فاكتشف موهبتي رئيس نادي "شهبا" "جدعان نور الدين" الذي ضمني إلى النادي، فلعبت لفريق الشباب متدرجاً من حراسة المرمى إلى قلب الهجوم، وهكذا بدأت قصة رحلتي الطويلة مع كرة القدم».

قد لا يكون اسم "وسام أبو يحيى" معروفاً للكثيرين في "سورية"، ولكنه بلا شك معروف في محافظته التي عوّلت عليه الكثير لتمثيل منتخب الوطن، وكان لعدم استدعائه إلى المنتخب على الرغم من تفوقه وقدراته الهائلة صداه الكبير، يومها قال "وسام" أتخلى عن راتبي في نادي "الصفاء" وعن كل ما أملك مقابل أن أمثل منتخب الوطن، حتى عند معرفته بعدم استدعائه تمنى لكل اللاعبين التوفيق ورفع علم الوطن عالياً

اعتاد الناس رؤيته في الذهاب والإياب وهو يجري على الطريق الرئيس بين "شقا" و"شهبا" منذ الصغر، واستلهم أفكاره من خلال المطالعة الدائمة لكل جديد على الرغم من شح المعلومات والمجلات ووسائل التواصل، وكان يكتب ما يقرؤه ويحاول تطبيقه على أرض الواقع مع رفاقه، وفي عام 1984 تحولت وجهته نحو النادي "العربي"، حيث يتابع: «وصل النادي "العربي" إلى تجمع الصعود لمصاف أندية الدرجة الأولى، وكان مدرب النادي آنذاك "فيصل الملحم" الذي طلبني للعب في صفوف الرجال كقلب للهجوم، كان التجمع يشمل "المجد" و"اليقظة" و"حطين" إضافة إلى فريقنا، وفي مباراتنا الأولى مع "اليقظة" فزنا بستة أهداف مقابل هدف سجلت منها هدفين، وتتابعت انتصاراتنا حتى عدّنا النقاد في تلك الفترة من أجمل الفرق السورية التي تلعب كرة قدم صحيحة وممتعة مع ناديي "الكرامة" و"الوحدة".

مع نادي جبلة

صعدنا لأول مرة في تاريخ النادي إلى الدرجة الأولى ولكن هاجس النادي الدائم كان المال الشحيح ووضع اللاعبين المادي الذي دفع الكثيرين منهم إلى هجر الكرة أو العمل الشاق في الأشغال الحرة، وأذكر كيف كنت أتمرن وحدي في بلدتي وأذهب مرة واحدة في الأسبوع لتمرين النادي لانقطاع السير في المساء وشح المال، وأجمل الذكريات التي حملتها في تلك الفترة مباراتنا مع "الفتوة" أيام العمالقة "محمود حبش" و"أنور عبد القادر" في "دير الزور" عندما سجلت هدفاً قاتلاً من نصف الملعب تماماً وصنعت هدفين، كانت من أقسى وأجمل فترات حياتي مع الكرة وفيها تعرفت إلى نجوم اللعبة ومدربيها الكبار، وما زالت علاقتي معهم حتى اللحظة».

سقط "العربي" من الموسم الأول وعاد إلى دوري المظاليم بسبب العقوبات الاتحادية التي تسببت بها عوامل كثيرة، فحمل "أبو يحيى" حقيبته متوجهاً إلى "ليبيا" للعمل، وشاءت الظروف أن يراقبه كشافة الأندية الليبية وهو يلعب مع شبان صغار في قرية نائية فخطفه نادي "الشعلة" وبات نجمهم المحبوب على مدى سنتين كاملتين، وأضاف: «لأول مرة أدخل الاحتراف الحقيقي على الرغم من أن النادي في مصاف أندية الدرجة الثانية، غير أنني اكتسبت خبرة كبيرة في التعامل مع الألعاب الخشنة، وكانت عودتي إلى بلدي بعد سنتين لأتابع ما بدأته في نادي "شقا" فكنت من المؤسسين له، ولكوني لاعباً في النادي فلم يكن يحق لي أن أكون في الإدارة.

في بيروت مع الانتصارات والتألق

وحدث أن جاء منتخب شباب سورية المتأهل لنهائيات كأس العالم للعب مع النادي العربي مباراة ودية، حيث دعاني مدرب "العربي" للعب معهم، وفي المباراة التي حضرها جمهور غفير كنت "قشاش" الفريق الذي منع الماء والهواء عن نجوم المنتخب، فطلبني العميد "فارووق بوظو" رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم للعب مع المنتخب، وكان أكبر فرح في حياتي، ولكن المحسوبيات والواسطة كانت أكبر من حلمي، فذهبت إلى الدوري اللبناني عام 1991 بعد أن فقدت الأمل في تمثيل المنتخب، وهناك كانت قصة الحلم الذي قبضت عليه».

لقب في نادي "الصفاء" اللبناني بـ"رود خولت العرب" و"الفتى الأسمر"، وأثبت على مدى خمسة مواسم أنه من أقوى اللاعبين الأجانب في الدوري، وتابع: «كان الناس مغرمين بكرة القدم إلى حد الهوس، وأصبح الدوري من أهم الدوريات العربية بفضل محترفيه الأجانب من لاعبين ومدربين وحكام، وكنت أتلقى الدعم من إدارة النادي وجمهوره الكبير، وفي تلك الفترة كنا المنافسين الوحيدين لنادي "الأنصار" وحققنا انتصارات كبيرة بفضل المجموعة المتفاهمة والإدارة المحترفة، وفي سنتي الخامسة انتقلت إلى نادي "السلام زغرتا" وساهمت بعودته إلى دوري المحترفين قبل أن يطلبني نادي "جبلة" للدفاع عن ألوانه حيث قضيت سنتين كاملتين في صفوفه، ومن أهم ما اكتسبته هو تلك الوجوه الصديقة والمعارف الصادقة بعلاقتها وما زلت أتواصل معهم حتى الآن، وبعد أن اعتزلت اللعب عدت إلى بلدتي لتسلم النادي الذي أعشق، وأساهم مع زملائي المدربين في خلق جيل جديد يعشق الرياضة والعلم معاً، فبالعلم والرياضة نكسب الحضارة ونرتقي إلى الأمام».

قائداً لناديه الأم شقا

مدرب الكاراتيه "حسام غيث" المولود في قرية "الجنينة" تحدث عن معرفته بالكابتن "وسام أبو يحيى"، وقال: «كنا صغاراً عندما تألق "وسام أبو يحيى" في الملاعب العربية، ونتابع كل أخباره عن كثب، وكان حديث الشارع المحلي بمهاراته وأهدافه القاتلة وطلته الجميلة، وكان تأثيره باللاعبين الشبان كبيراً حتى بعد أن ترك الكرة، فهو من خلال رئاسته لنادي "شقا" يعرف ما يريده الشباب، ويلح في كل لقاء على اقتران التفوق الرياضي بالتفوق العلمي، ومن خلال خبرته الطويلة في الملاعب يشجع الألعاب الفردية كما الجماعية لإيمانه بأن الرياضة حالة مجتمع متميز، وقادر على الإنتاج في كل المجالات».

"مفيد زهر الدين" المدرب القدير والإعلامي الرياضي الذي واكب اللاعب في فترة التسعينيات، قال عنه: «قد لا يكون اسم "وسام أبو يحيى" معروفاً للكثيرين في "سورية"، ولكنه بلا شك معروف في محافظته التي عوّلت عليه الكثير لتمثيل منتخب الوطن، وكان لعدم استدعائه إلى المنتخب على الرغم من تفوقه وقدراته الهائلة صداه الكبير، يومها قال "وسام" أتخلى عن راتبي في نادي "الصفاء" وعن كل ما أملك مقابل أن أمثل منتخب الوطن، حتى عند معرفته بعدم استدعائه تمنى لكل اللاعبين التوفيق ورفع علم الوطن عالياً».