ذاع صيتها باعتبارها أول فتاة في "السويداء" تنال شرف تمثيل المنتخب الوطني في رياضة الجودو بسنٍّ مبكرة، وترفع علم الوطن في أول بطولة دولية تخوضها باسمه.

ولعل الذي يعرف "رولا أبو صعب" من قرب يعلم جيداً أن هذه السيدة المولودة في قرية "الرحى" عام 1975 ظلت وفية لمبادئها في التدريب المجاني للفتيات على مدى سنوات طويلة بصحبة زوجها المدرب الوطني "أدهم كنعان"، ولا تمر بطولة للسيدات في القطر إلا وتجد بصماتها واضحة فيها.

أن من أهم مقومات هذه اللعبة الذكاء والخامة الجيدة للفتاة، وبنية جسمانية قوية وقابلة للتطور، وباعتقادي فإن فتيات المحافظة قابلات لدخول اللعبة نظراً للجو والطبيعة الجبلية التي تتميز بها المحافظة، ولدينا في النادي أكثر من مئة لاعبة في السنة، وهو ما يثبت أن اللعبة قابلة للتطور إذا توافرت الإمكانيات المناسبة

مدونة وطن "eSyria" التقت المدربة وعضو اتحاد الجودو السوري "رولا أبو صعب" بتاريخ 13 نيسان 2015، فتحدثت عن بداياتها مع اللعبة بالقول: «يعود الفضل الأول بمعرفتي لهذه الرياضة إلى أخي "دفاع" الذي تدرب وتعلم أصول اللعبة ومبادئها في العاصمة "دمشق"، وعندما حاز الحزام الأصفر افتتح مركزاً للتدريب في "السويداء" كأول شخص يُدخل هذه اللعبة إلى المحافظة، وكنت إحدى لاعباته إضافة إلى عدد من الفتيات، وبعد شهرين من التمرين المتواصل والمضني شاركنا في بطولة الجمهورية للناشئات فحزت البطولة من أول مشاركة، وكان ذلك عام 1987 حيث لم يكن عمري يتجاوز 12 سنة؛ وهو ما جعلني أتمسك بهذا الشرف والمحافظة على اللقب حتى عام 1994 متنقلة بين كل الفئات.

مع إحدى بطلات النادي

عام 1992 كان العام الذي كنت أحلم به طوال حياتي كلاعبة عندما شاركت باسم المنتخب الوطني في دورتيّ "البوسفور" و"أزمير" التركيتين وحزت فيهما أول ميدالية لـ"سورية" في هذه اللعبة، ورفعت علم بلادي ضمن كوكبة كبيرة من الدول المشاركة».

بقيت "رولا" في صفوف المنتخب حتى عام 1997، حيث اقترنت باللاعب "أدهم كنعان" ابن بلدتها، وبدأت معه حياة جديدة في التدريب وبناء أسرة صغيرة، تقول عن هذه الفترة: «يعد "أدهم" من أهم مدربي الجودو في المحافظة، ويعود إليه الفضل في استمرارها وبقوة في النادي الذي نعمل فيه، ولم يكن يوماً متذمراً من غيابي المتواصل عن المنزل بصحبة بنات النادي أينما كانت البطولة على الرغم من عدم حصولنا على أي مقابل مادي نتيجة التدريب والتعب المتواصل، بل على العكس كان يقدم لنا أجرة الطريق والمساعدة المادية من أجل الاستمرار.

مع زوجها وابنتها والمدرب علاء عزام

ولأن الوضع المادي كان يلقي بظلاله على حياتنا قررنا السفر للعمل في لبنان الشقيق عام 2002، وعندما عدنا إلى "السويداء" بعد 8 سنوات اكتشفنا أن لعبة الجودو في وضع سيء ولا يسرّ أحداً نتيجة عدم وجود مدرب يكمل من حيث توقفنا، وبدأنا العمل من جديد، ولكن هذه المرة لم أكن وحدي في التدريب، فقد كنت حاملاً وكان "أدهم" يتحمل عبء التدريب المجاني والعمل في الخارج لتأمين حياة لائقة لنا».

حصل النادي على المركز الثالث في بطولة الجمهورية بفئة الناشئات لنفس العام، وفي عام 2004 حصل على المركز الأول أشبال والثالث سيدات، ولم يكن يمضي سنة إلا وكانت سيدات "الرحى" بكافة الفئات متوجات بأحد المراكز، وهو سر رافق "رولا" طوال مسيرتها التدريبية، حيث قالت عنه: «أعتقد أن حبي الكبير للعبة جعلني أستمر حتى هذه الفترة رغم كل المعاناة اليومية مع اللاعبات والأهل، وإدارة النادي الواقعة في الأزمات المالية، وكانت الثقة التي منحني إياها أهالي اللاعبات وراء نجاحي في عملي التدريبي، الذي حاولت أن أكمله من خلال اتباع دورات دائمة لكل جديد في عالم التدريب.

في آخر بطولة مع منتخب السويداء

وكانت نتائج الفتيات تشجعني دائماً على الاستمرار، خصوصاً عندما يتم دعوة إحداهن إلى المنتخب الوطني كاللاعبة "صفاء السلامي" التي شاركت مع المنتخب الوطني في بطولة "البوسفور" الدولية في تركيا، واللاعبة "فاتن كنعان" التي شاركت في بطولة "أزمير"، وبنفس الأسبوع شاركت ببطولة العرب في اليمن وحصلت على المركز الثاني، واللاعبة "غدير أبو زيدان" التي حصلت على ثالث العرب وبطولة غرب آسيا، و"لينا نصر" التي نالت برونزية العرب في لبنان، وكتكريم من قبل اتحاد اللعبة كنت في بطولة آسيا إدارية مع المنتخب الوطني».

لم يقتصر تعب المدربة "رولا" على بنات النادي فقط بل كانت حريصة على أن يكن بناتها بطلات في هذه اللعبة، حيث أكدت ذلك بالقول: «بناتي رافقنني في التدريب وعشقن اللعبة بالوراثة وتميزن بها، وكانت نتائجهن منذ أن بدأن البطولات تبشر بالخير، فحصلت ابنتي "ليلى" تسع سنوات على بطولة المحافظة مرتين لفئة الصغار، و"سما" 11 سنة فازت ببطولة المحافظة مركز أول 2014 لفئة الأشبال، وهي بطلة الصغار لسنتين متتاليتين قبل ذلك، وحققت "جنى" بطلة الجمهورية لعام 2015، وهي بطلة المحافظة لست سنوات متواصلة؛ وهي الآن في السادسة عشرة من العمر وأتوقع لها مستقبلاً واعداً».

أما عن أهم مقومات لعبة الجودو فتبيّن "أبو صعب": «أن من أهم مقومات هذه اللعبة الذكاء والخامة الجيدة للفتاة، وبنية جسمانية قوية وقابلة للتطور، وباعتقادي فإن فتيات المحافظة قابلات لدخول اللعبة نظراً للجو والطبيعة الجبلية التي تتميز بها المحافظة، ولدينا في النادي أكثر من مئة لاعبة في السنة، وهو ما يثبت أن اللعبة قابلة للتطور إذا توافرت الإمكانيات المناسبة».

المدرب الوطني "أدهم كنعان"، والمدرب في نادي "الرحى" قال عن آفاق اللعبة، ودور زوجته في تطويرها: «على مدى السنوات السابقة كانت هذه اللعبة تحتل كل اهتمام القائمين على النادي، وأصبح المكان الوحيد الذي يستقطب الفتيات لوجود المدربة "رولا" التي ما زالت تعطي من دون مقابل على الرغم من أعبائها المنزلية وتربيتها لثلاث بنات وصبي هم ثمرة زواجنا، وهي أول لاعبة حاصلة على الحزام الأسود (أربعة دان) ودرجة أولى في التدريب والتحكيم، وأعتقد أننا نحصد من خلال النتائج ثمار عملنا المتواصل».

اللاعبة "غدير أبو زيدان" الحاصلة على المركز الثالث في بطولة العرب، والأولى على مستوى غرب آسيا أكدت أن: «المدربة "رولا أبو صعب" هي من أوصلنا إلى البطولات ومنصات التتويج، وكان للعناية الفائقة في التدريب وخارجه الأثر الكبير في تفوقنا، وقد كانت حريصة على العلاقة الوثيقة مع الأهل، ولا يمكن مهما كانت الأسباب أن يثق أهلنا بأحد إذا لم تكن موجودة معنا في أي بطولة، وأذكر أنها وزوجها كانا يتكفلان بكل مصاريفنا أثناء البطولات خارج المحافظة، وهو ما يجعنا نبذل أقصى ما نملك من قوة للفوز من أجل إهدائهما جزءاً مما قدماه لنا».