بجسده اللين الرشيق، وعقله المنفتح على كل جديد، وصل إلى المنتخب الأول للجمباز في "سورية"، وكان للكارثة التي حلّت باللعبة الجميلة؛ وبه شخصياً بفقده توأم روحه أن جعلته أكثر قوة وعزيمة على المتابعة، وخلق جيل جديد من الصغار قادر على إعادة الألق لثاني لعبة شعبية في المحافظة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الكابتن "فهد الشوفي" في صالة الجمباز التابعة لنادي "شهبا" الرياضي بتاريخ 27 أيلول 2014، فتحدث عن طفولته وبدايته مع اللعبة: «ولدت في مدينة "السويداء" عام 1990، ولكني أنحدر من قرية "عوس" الواقعة قرب مدينة "صلخد" لأسرة متوسطة الحال مؤلفة من ثلاثة صبيان وبنت، بدأت الجمباز قبل دخولي المدرسة بكثير، حيث كنت أتمرن في الصالة الرئيسية الكبيرة في مقر الاتحاد الرياضي على يد المدرب "لؤي الحرفوش" الذي له بصمات كبيرة وواضحة في هذه اللعبة، وكانت اللعبة كل حياتي ولا تزال، فهي هوايتي الوحيدة، وهي عملي الآن.

كان الكأس الذي رفعناه في مدينة "حلب" أجمل المواقف على الإطلاق، فمدينة "حلب" هي حاملة لواء الجمباز في القطر، وأن تفوز هناك بالكأس وسط تحدٍّ كبير يعد نصراً كبيراً ولحظات لا تنسى أبداً، أما أسوأ أمر حصل لي في بطولة "اللاذقية" عندما طرت من الجهاز الثابت بصورة غريبة حصلت إثرها على علامة الصفر، وعلى المركز السادس في البطولة، وهي أسوء نتيجة نحصل عليها منذ أن بدأت اللعب

استمر تدريبي في الصالة حتى الصف الثاني عندما خضنا أول اختبار حقيقي على مستوى القطر في "دمشق" حزنا فيه المركز الأول، وفي نفس السنة خضنا بطولة أخرى في مدينة "حلب" وحزنا المركز الثاني، والبطولتان عبارة عن (جمل) تنفذ على ستة أجهزة، هي: القفز، والحلق، وحصان الحلق، والمتوازي، والثابت، والحركات الأرضية، ومنذ ذلك الوقت حتى العام 2005 كنت أتدرب كل يوم مهما كانت الظروف، وفي أي بطولة كنت أحصد أحد المراكز الأولى فردياً أو جماعياً عدا بطولة واحدة جرت في "اللاذقية"».

ما زال مصراً على الحياة

اختير لتمثيل المنتخب الوطني بفضل إنجازاته على المستوى الشخصي؛ وخاصة عندما فاز بمركز أول فردي عام في بطولة "حلب"، ونال الكأس، وهو أجمل موقف في حياته، لكن المأساة التي حلّت باللعبة وبه شخصياً كادت تقضي على اللعبة من جذورها، حيث قال: «كانت كوادر اللعبة في المحافظة من مدربين ولاعبين وإداريين تجعلها اللعبة الثانية المتميزة التي تلقى التشجيع والاهتمام بعد كرة القدم، وكانت بداية العام 2005 تحمل علامات التفاؤل والتميز بالنسبة لي ولفريق "السويداء"، حيث تم اختياري مع شقيقي "عهد" الذي يكبرني بعامين، ومع زميلي "أحمد رضوان" ضمن عداد المنتخب الوطني وذلك بفضل المدربين البطلة السورية "رندة الريشاني"، والمدرب القدير "لؤي الحرفوش".

ولكن الحادث الذي ذهب ضحيته أخي "عهد" الذي يعد صديقي وتوأم روحي كسر ظهري، وجعلني في عالم آخر، وفي اليوم الثاني تماماً لوفاته احترقت الصالة الخاصة بالجمباز بشكل كامل؛ ما أجهز على اللعبة وجعلها بحكم الميتة، فبدأت المعنويات المرتفعة بوجود جيل جديد قادر على إعادة التألق للعبة تتبخر بطرفة عين، ولم يحرك أحد ساكناً لتعديل الوضع وتغييره آنذاك، ولكن الحب الجارف للعبة جعل عدداً من الكوادر يطالبون بصالة جديدة حتى لو كانت متواضعة لإحياء اللعبة من جديد، وهو ما كان بعد سنتين في صالة مدرسة "شكيب أرسلان" حيث بدأنا من الصفر».

المدربة رندة الريشاني مع صغيرات النادي

وعن أجمل وأسوء موقف في حياته الرياضية، تابع: «كان الكأس الذي رفعناه في مدينة "حلب" أجمل المواقف على الإطلاق، فمدينة "حلب" هي حاملة لواء الجمباز في القطر، وأن تفوز هناك بالكأس وسط تحدٍّ كبير يعد نصراً كبيراً ولحظات لا تنسى أبداً، أما أسوأ أمر حصل لي في بطولة "اللاذقية" عندما طرت من الجهاز الثابت بصورة غريبة حصلت إثرها على علامة الصفر، وعلى المركز السادس في البطولة، وهي أسوء نتيجة نحصل عليها منذ أن بدأت اللعب».

فيما يتعلق بالتدريب، وما جعله يعود من جديد، يقول: «اعتمدت مدرباً من قبل اتحاد اللعبة بفضل البطولات التي بحوزتي، وفي الحقيقة لم أنقطع ليوم واحد عن التدريب في البيت وفي المدرسة وفي الصالة، وهو أمر بغاية الأهمية، والجمباز يعتمد على اللاعبين الصغار في السن، فشعرت بقوة غريبة تجعلني أتحمس للعودة من البداية، وكان أن بدأت التدريب في الصالة الجديدة بثلاثة عشر لاعباً ولاعبة هم برأيي ورأي مدربين مختصين باللعبة البنيان الأساسي لعودة التألق للجمباز في المحافظة.

يراهن على تألق هؤلاء الصغيرات

ومع ما تقوم به مدربتي "رندة الريشاني" في نادي "شهبا"، وما يقوم به المدربون في "السويداء"؛ أستطيع القول إن الجمباز بخير، فصناعة لاعب أو لاعبة الجمباز يحتاج إلى المرونة والقوة والاستيعاب السريع، ويجب أن يخضع اللاعب إلى التمارين القاسية، فمن يأتي لاعتقاده أنها لعبة سهلة عليه أن يعود أدراجه فوراً، صحيح إنها لعبة تشاهد بصورة جميلة، وحركاتها غاية في المتعة، لكن التنفيذ يحتاج إلى سنوات من الصبر والتحمل، وهذا ما أزرعه في عقول الصغار، وأمشي عليه بمساعدة المحبين».

المدربة "رندة الريشاني" بطلة الجمباز المعروفة تحدثت عن الميزات التي يتمتع بها المدرب اللاعب "فهد الشوفي"، قائلة: «يعتبر من الجيل الثالث للعبة التي تميزت فيها "السويداء" في الثمانينيات والتسعينيات، والحريق الذي عصف بالصالة الرياضية الوحيدة آنذاك جعل هذه اللعبة الراقية بمهب الريح، وهو مع قلائل غيره من الكوادر والأبطال الذين تابعوا العمل على خلق جيل جديد من اللاعبين الصغار، وما يميزه هو الإصرار على العمل بكل جديّة وصبر، ويمارس التدريب بصورة علمية بحتة تخوله أن يكون من الأوائل على الرغم من حداثة سنه».