المتتبع للأوابد الأثرية في محافظة "السويداء"، والباحث في تماثيل الحيوانات الأسطورية الخرافية المنتشرة في العديد من القرى العائد تاريخها إلى ما قبل الميلاد، يرى تنوع أشكال هذه التماثيل بين رأس لطائر العنقاء، وحيوان خرافي نصفه نسر ونصفه الآخر أسد، والعنقاء هي طير أو وحش بجسم أسد ورأس وجناحي نسر، وأحد الأقاويل يُرجع موطنها الأصلي "للهند".

رموز أسطورية

يرى الباحث الأثري الدكتور "نشأت كيوان" رئيس دائرة الآثار بالسويداء في حديثه لموقع مدوّنة وطن "eSyria" 7 أنّ: «تلك التماثيل الأسطورية للحيوانات الخرافية هي أحد الرموز للربة "نيمسيس" عند "اليونان" واستمرت آخذةً هذا الدور في العصر "الهلنستي"، لكن تمثيلها هو تقليد مشخص في فنون الشرق مثل فن الختام، حيث نشاهد العنقاء مع الأسد في أختام ذات أسلوب "بالي-سوري" تعود للقرنين التاسع عشر والسادس عشر قبل الميلاد، وقد عثر على رأس عنقاء مع الرقبة ولا يعرف مصدره الأساسي، فمُها متطاول ومشطوف من الأمام وأشير إلى اللسان بخطين مثلمين متوازيين من كل جهة، العينان دائريتان تقريباً ونافرتان ومكورتان ولا تظهر القزحية أو البؤبؤ، محجرا العينين كبيران ومتقدمان للأمام، والأذنان متطاولتان وبارزتان باتجاه الأمام وتصلان لفوق العينين تقريباً، وريش العنق ذو نهايات دائرية وتتراكب فوق بعضها وهي تشبه ريش النسور الذي يعود للعصر نفسه، أي هي من عمل النحاتين المحليين، كما أنّ شكل العينين الجاحظ مع محجريها والأذنين المتجهتين إلى الأمام مع فتحة الفم واللسان، أعطى منظراً يوحي بصفات طائر العنقاء الأسطوري».

أصبحت العنقاء رمزاً للبعث، لذلك تم تصويرها على التوابيت وفي لوحات الفسيفساء في العصر الروماني ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه لنرى تصويراً لها على النقود، وقد عثر في "قنوات" على آلهة مؤنثة تأخذ صفات الآلهة "نيمسيس" وتتشابه في شكلها مع الربة "تيكه" ، ويوجد في البناء النبطي في "قنوات" قاعدة تمثال تضع فيه ربة قدمها اليمنى على تمثال حيوان أسطوري يشكل نسخة مصغرة، وهذا دليل آخر على هذا النوع من التمثيلات، ووجدت منحوتات أخرى بنفس النموذج في معابد "سيع" مع العلم بأن تصوير العنقاء وجد له مكان في فنون بلاد الشام منذ الألف الأول قبل الميلاد وقد مثله المصريون على شكل لقلق

بالتوصيف

ويقول الباحث الأثري "خلدون الشمعة" رئيس بعثة التنقيب في السويداء: «هذه العلاقة مع الآلهة "نيمسيس" نراها من خلال صورها على لوح بازلتي مصدره قرية "كفر اللحف" في المحافظة، وهو محفوظ في المتحف الوطني بدمشق، تبدو فيه الربة "نيمسيس" واقفة ومدثرة تمسك بيدها اليمنى (دولاباً) وفي اليسرى ما يشبه المقياس، بينما نرى في تمثال آخر لحيوان أسطوري على نموذج العنقاء نصفه نسر ونصفه الآخر حيوان رابض مكسور الآن لقسمين والرأس منفرد أيضاً، يجثو على قائمتيه الخلفيتين على قاعدة حجرية مستطيلة وشكل الرأس شبه مستطيل ومقدمته مشطوفة، والفم مفتوح بحيث تظهر الأسنان، كما يوجد على قمته نحت على شكل فصين متناظرين، عيناه دائريتان ومحززتا المحيط مطموستان من دون قزحية أو بؤبؤ، خلفية الرأس عليها ريش شبه دائري منتظم في صفوف عمودية والنصف الأيسر من الرأس منحوت بشكل متقن أكثر من الأيمن، وساقا الحيوان طويلتان وله جناحان غير واضحين ريشهما مدبب النهاية وفي وسط كل ريشة قصبة "غمد" وهو يماثل طراز الريش في النسور المحلية، أما الجذع ترتسم عليه خطوط منحنية وأصابع القدمين غير واضحة مطموسة في القدم اليسرى أما أصابع اليد اليمنى فهي متساوية الثخانة تقريباً».

الباحث الدكتور نشأت كيوان

رموز للآلهة

الباحث الاثري خلدون الشمعة

ويضيف الباحث "الشمعة": «أصبحت العنقاء رمزاً للبعث، لذلك تم تصويرها على التوابيت وفي لوحات الفسيفساء في العصر الروماني ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه لنرى تصويراً لها على النقود، وقد عثر في "قنوات" على آلهة مؤنثة تأخذ صفات الآلهة "نيمسيس" وتتشابه في شكلها مع الربة "تيكه" ، ويوجد في البناء النبطي في "قنوات" قاعدة تمثال تضع فيه ربة قدمها اليمنى على تمثال حيوان أسطوري يشكل نسخة مصغرة، وهذا دليل آخر على هذا النوع من التمثيلات، ووجدت منحوتات أخرى بنفس النموذج في معابد "سيع" مع العلم بأن تصوير العنقاء وجد له مكان في فنون بلاد الشام منذ الألف الأول قبل الميلاد وقد مثله المصريون على شكل لقلق».

أحد التماثيل