اكتشفت مصادفةً في العام 1926 عند بناء مدرسة لمدينة "قنوات"، وهي الحمامات الأصغر في المنطقة بعد حمامات مدينة "بصرى" ومدينة "شهبا"، وهي منفذة بتقنية رومانية وفق الطراز الإمبراطوري منذ النصف الأول من القرن الميلادي الثاني.

مدونة وطن "eSyria" التقت الأستاذ الباحث "حسن حاطوم" مدير دائرة الآثار والمتاحف السابق في "السويداء"، يوم الثلاثاء الواقع في 12 تموز 2014، وقد تحدث عن موقع الحمامات، وفترة بنائها: «تقع الحمامات في الجزء السفلي من المدينة، وعلى حافة الطريق الصاعدة حالياً باتجاه السراي الأثرية، وهي مجموعة مكونة من أبنية متعددة ذات أهمية متميزة، وعلى الرغم من أنها أصغر من الحمامات المعروفة في "بصرى" وفي "شهبا"؛ إلا أنها مبنية وفق الطراز الإمبراطوري الروماني، ومنفَّذة على نفس الطرق التقنية».

تقع الحمامات في الجزء السفلي من المدينة، وعلى حافة الطريق الصاعدة حالياً باتجاه السراي الأثرية، وهي مجموعة مكونة من أبنية متعددة ذات أهمية متميزة، وعلى الرغم من أنها أصغر من الحمامات المعروفة في "بصرى" وفي "شهبا"؛ إلا أنها مبنية وفق الطراز الإمبراطوري الروماني، ومنفَّذة على نفس الطرق التقنية

وتابع يصف البناء الداخلي وكيفية عمل القنوات داخل الصالات: «من خلال أعمال التنقيب التي جرت من قبل البعثة الوطنية؛ أمكن التعرف على نفس القنوات التي تجلب المياه بواسطتها؛ والتي تقوم بتوزيع المياه على الصالات التي جرى تحديدها بدقة مثل الصالة الساخنة (الكالداريوم)، والصالة الفاترة (تيبيداريوم)، وقسم حمّام البخار (لاكونيوم أو سوداتوريوم)، ولا تزال أجزاء أخرى من المنشأة مغيبة تحت مبنى البلدية ومبنى المسجد المجاورين، وتبين التنقيبات أن تاريخ بناء هذه الحمامات يعود إلى القرن الميلادي الثاني».

القاعات المتهدمة بجوار البلدية.

أما الأستاذ "وليد أبو رايد" الباحث في آثار المنطقة الجنوبية، فقد تحدث عن سير العمل في الحمامات، قائلاً: «تعد هذه الحمامات كاملة الأقسام، وتحوي عدة قاعات كل قاعة تمتاز عن الأخرى باختلاف درجة الحرارة، حيث يتنقل الزائرون للاستحمام من قاعة إلى أخرى، فتبدأ العملية من القاعة الحارة وتنتقل بعدها إلى الدافئة، وينهي الزائر استحمامه في أرجاء القاعة الباردة، كما أن قنوات التدفئة؛ التي كان الهواء الساخن المتصاعد يمر منها ليدفئ القاعة؛ أدخلت ضمن الجدران بتقنية عالية وصعبة التنفيذ نظراً لقساوة الصخر المستخدم في البناء، كما تمتاز بوجود الأحواض الداخلية المتعددة، إذ تحوي كل قاعة عدة أحواض للاستحمام، ويبدو أن أصحاب الحمام قد حرصوا على وجود أحواض صغيرة للشخصيات المهمة موجودة بين القاعات للاستقلالية التامة البعيدة عن أعين العوام، وعلى كل حال هي بحاجة لمتابعة العمل فيها لأن قاعاتها وغرفها موزعة على عدة أماكن بين المبنى الأثري المستخدم حالياً كبناء للبلدية، وبين المسجد، ومنها ما هو مهدم أو متداعٍ».

وعن كيفية وصول المياه إلى الحمامات، تابع: «أثناء عملية التنقيب التي قامت بها البعثة الوطنية التابعة لدائرة الآثار والمتاحف في "السويداء"، وجدت بجوار الحمامات الرومانية قطعة من القنوات التي كانت تجر المياه من الخزان أو (الصهريج) الواقع في أعلى المدينة؛ وهو ذو قناطر متدرجة؛ كان يغذي المدينة القديمة بمياه الشرب، فكان الخزان يقوم بتوزيع المياه بواسطة هذه القنوات التي بدأت من خلاله بازلتية مسقوفة، وتابعت طريقها بتقنية عالية إلى كافة المرافق والبيوت، حيث لاحظنا أن هذه القنوات الموجودة عند الحمامات والنزل الروماني مكونة من الفخار».

الجدار الملاصق للنزل.

أما الأستاذ "غالب عامر" مدير دائرة الآثار السابق، فقد كتب في الحوليات السورية عن هذه الحمامات: «تم الكشف عنها بشكل عرضي في العام 1926 أثناء الاحتلال الفرنسي للمنطقة، عندما بدئ ببناء مدرسة المدينة، وقد استخدم قسم منها في تشييد هذا البناء المدرسي الذي ما زال ملاصقاً لها، وعلى واجهته الخلفية منها، ويجب أن نحفر مترين للوصول إلى الأرض الأساسية التي ترتكز عليها، وهو ما يجعلنا نستطيع القيام بوضع مخطط عام لهذه الحمامات العريقة».

مدير دائرة آثار "السويداء" الأستاذ "حسين زين الدين" أكد محتوى هذه الحمامات، وماذا تضم بالقول: «كانت تتسع لنحو 500 مستحم، فهي كبيرة الحجم، وتتألف من عدد من الأقسام والمشالح وقاعات التحمية والألعاب وقاعات للمطالعة ومكتبة ومطعم وسوق تجارية، إضافة إلى وجود حمامات أصغر حجماً منها تقع في الجهة السفلى، وقد بدأ التنقيب فيها منذ أربع سنوات حيث تم الكشف عن أجزاء مهمة من أقسامها الحارة وقسم حمام البخار».

الباحث "حسن حاطوم".