كانت تملك نظام وصول مياه معقد يضم قاعات مختلفة وقنوات ضخمة لا تزال محفوظة حتى الآن، يصل عمرها إلى حوالي 1800 سنة، وإلى جوارها معبد لآلهة المياه...

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار الدكتور "علي أبو عساف" بتاريخ 6 حزيران 2014، الذي ألّف عدة كتب تتحدث عن آثار المنطقة الجنوبية، وعن موقع الحمامات الكبرى وأهم معالمها يقول: «بنى تلك الحمامات الإمبراطور "فيليب العربي" بين العامين 244 و249م في مدينة "شهبا" التي ينحدر منها، وهي تقع إلى الشرق من الشارع الرئيسي الذي يقطع المدينة إلى قسمين، ويمتد بين البوابة الجنوبية والبوابة الشمالية، وإلى الجنوب الشرقي من الساحة المركزية للمدينة الرومانية القديمة، وتجاور الدارة الرومانية التي تحوي أكبر لوحات فسيفسائية مكتشفة في المنطقة الجنوبية، ويحدها من الشرق "سوق الصاغة" القديم، يقع مدخلها في الغرب، وتتقدمه باحة خاصة بالحمامات، وعند الدخول من المدخل الرئيسي تصادفك ثلاث قاعات كبرى هي: قاعة الاستقبال الواسعة وهي متهدمة تقريباً، والقاعة الوسطى التي تقود إلى قاعات الاستحمام ذات الشكل الدائري، التي يحدها من الشمال قاعة الهواء الساخن، ونرى في جدرانها أماكن الأنابيب التي توصل المياه إلى الحمامات، التي كانت مسقوفة بالقباب».

هي قصة أشبه بالأسطورة، ولا يوجد أساس تاريخي أو وثائق تثبت صحتها.. فعندما حوصرت المدينة بشكل كامل من جميع الجهات، بدأ الغزاة محاولة هدم السور والسيطرة عليه وقتل الحامية والسكان الذين هبوا للدفاع عن المدينة، وبعد حصار استمر لأسابيع طويلة دون فائدة دب اليأس في قلوب المهاجمين الذين تعجبوا من قدرة الأهالي على الصمود، وكيفية وصول مياه الشرب إلى الناس بعد هذا الحصار، حتى جاء سرب من الحمام المهاجر راح يطير في الأرجاء، ويحط على جدران الحمامات الكبرى، وبعده يطير، فطلب قائد الحملة حفر الأسوار من الجهة التي وصل إليها سرب الحمام، فاكتشفوا قناة جر المياه وقاموا بهدمها، فاستسلمت المدينة بعد أيام قليلة، وتعرضت بعدها للتهديم والخراب

ويشير الباحث في الآثار، ومدير قسم المباني في دائرة آثار "السويداء" الأستاذ "وليد أبو رايد" إلى أن نظام وصول المياه المستخدمة في الشرب والاستعمالات الأخرى كان معقداً، ويتم بطريقة هندسية مذهلة قياساً بذلك العصر، فكانت المياه تصل عبر قنوات بازلتية بديعة الصنعة إلى كل بيت وفقاً لنظرية الآنية المستطرقة، وفي ذلك الزمان كان عدد سكان المدينة يبلغ سبعين ألف نسمة داخل السور بحسب الرقم والوثائق المكتشفة، كل ذلك كان بحاجة إلى توفير شروط خاصة للنظافة اختصر أحدها وجود الحمامات الكبرى، ويقول: «تتصل الحمامات بقنوات مياه ضخمة لا تزال محفوظة حتى الآن، وكانت تجلب المياه من الجبل والتلال المجاورة عن طريق نبع قرية قديمة تدعى "الطيبة" بواسطة قناة محمولة على القناطر كجسر للمنخفضات التي تقطعها، وما زالت آثارها ظاهرة في المدينة قرب الحمامات الكبرى، وخارج الأسوار، وكان يجاورها معبد لآلهة المياه يقع على حافة نفس الطريق، وتعد الحمامات الكبرى رمزاً من رموز النظافة في المدينة القديمة، حيث كان الناس يتداعون للذهاب إليها من أجل النظافة الشخصية واللقاءات العامة، وهو ما بات مع الزمن عرفاً يتخذه الناس في المدن السورية للقاءات في الحمام، وكان في "شهبا" إضافة إلى هذه الحمامات الضخمة في بنائها وقاعاتها وطرق جلب المياه والتسخين، حمامات صغرى يسكنها الناس حتى وقتنا الحالي، وهي تقع على بعد عشرين متراً إلى الشمال من الشارع الممتد من البوابة الشرقية وحتى الساحة المركزية، وهو ما يثبت بشكل قاطع التطور العلمي والهندسي الذي وصل إليه سكان تلك المدينة آنذاك».

الحمامات من الجو

ومن القصص المحفوظة في الذاكرة عن هدم الأسوار واحتلال المدينة بعد أن تشتت قوات "روما" بعد مقتل الإمبراطور "فيليب" قصة الحمام الذي كان سبباً مباشراً في كشف سر المياه واحتلال المدينة، حيث يقول الأستاذ "مزيد الصحناوي" مدرس التاريخ، والمهتم بكل المراحل التي مرت بها المنطقة بالقول: «هي قصة أشبه بالأسطورة، ولا يوجد أساس تاريخي أو وثائق تثبت صحتها.. فعندما حوصرت المدينة بشكل كامل من جميع الجهات، بدأ الغزاة محاولة هدم السور والسيطرة عليه وقتل الحامية والسكان الذين هبوا للدفاع عن المدينة، وبعد حصار استمر لأسابيع طويلة دون فائدة دب اليأس في قلوب المهاجمين الذين تعجبوا من قدرة الأهالي على الصمود، وكيفية وصول مياه الشرب إلى الناس بعد هذا الحصار، حتى جاء سرب من الحمام المهاجر راح يطير في الأرجاء، ويحط على جدران الحمامات الكبرى، وبعده يطير، فطلب قائد الحملة حفر الأسوار من الجهة التي وصل إليها سرب الحمام، فاكتشفوا قناة جر المياه وقاموا بهدمها، فاستسلمت المدينة بعد أيام قليلة، وتعرضت بعدها للتهديم والخراب».

التهديم الذي لحق بها في القرن الثامن عشر
القاعات الداخلية - تصوير "منير بو زين الدين"