يختلف علماء الآثار على سنة بنائه وعائديته، وعلى خلاف المعابد في ذلك الزمن فلا يوجد أعمدة أمامه، يتألف من 3 أقسام ويتميز بجمال معالمه وزخارفه وبلاطه الداخلي والخارجي.

مدونة وطن "eSyria" التقت الكاتب والمترجم وعضو جمعية العاديات الأستاذ "كمال الشوفاني" بتاريخ 9 حزيران 2014، الذي تحدث عن معبد "المشنف" الذي دعي في فترة قديمة بمعبد "زيوس"، ويقول: «أثناء ترجمتي وتحقيقي لمذكرات الرحالة البريطانية "غير تورد بل" في "جبل العرب"، التي وصلت إلى قرية "المشنف" في أيار من العام 1900 وزارت هذا المعبد، قالت عن تلك الزيارة: (على حافة الصحراء كان هناك معبد صغير في غاية الروعة مبني فوق أرض مرتفعة قليلاً، ويمكن الوصول إليه عبر عدة أدراج بمحاذاة بركة ماء نحتت في الصخر، ومازال جدار المعبد الشمالي بحالة جيدة، أما الجدار الغربي فنصف مهدم، والشرقي آيل للسقوط، أما الجنوبي فمهدم منذ القدم لكن بناءه قد جدد كيفما اتفق، وقد بني بعض بقايا الإفريز رأساً على عقب في منتصفه، كان للمعبد مدخلان أحدهما صغير بأبواب حجرية، ويبدو أنه مازال في مكانه الأصلي، أما الآخر وهو الباب الرئيسي للمعبد فهو متهدم الآن ولم يبق منه إلا الساكف (الحنت) المنحوت والمغطى بالزخارف الجميلة، وفي ناحيته العليا من الخارج نحت إفريز مزدوج وعلى زواياه تيجان على شكل أوراق الأكانثوس، وليس هناك أعمدة أمام المعبد، ولكنني أعتقد أن صفاً من الأعمدة كان يصل إلى الباب الخارجي، لأنني لاحظت ما يشبه صفاً من الأعمدة كان يصل إلى الباب الخارجي، كما لاحظت ما يشبه صفاً من قواعد الأعمدة على الرصيف، إنه معبد بسيط وجميل وخاصة أنه يقع قرب بركة منحوتة في الصخر، وقد دلني شيخ البلد على تمثال يدعونه الصنم (الوثن)، وهو تمثال بلا رأس موضوع على جنبه، ومسند إلى الجدار، وقد بدا خشناً غير متقن، فقد كانت أطرافه غير متناسبة)، وقد كان هناك خطأ بسيط في وصفها بالنسبة لجدران المعبد، حيث اختلطت عليها الجهات الأربع».

من الواضح وجود إضافات لاحقة على البناء، حيث تم إضافة بعض الغرف إلى المخطط الأساسي للمعبد في الفترة ما بين1857م و1902م، وهي عبارة عن غرفة مستطيلة في الشرق خارجة من الجدار الشمالي، وقد سد الجانب الشرقي بحجارة مكعبة ومزخرفة غريبة عن الموقع بين العمود البارز في الشمال الشرقي والأعمدة الأمامية، كذلك تم بناء فواصل جديدة داخلية في الجنوب والغرب، هذه الغرفة تمثل صورة مصغرة عن داخل المعبد الأصلي ومزاحة إلى الشرق، أما في الجنوب فقد بني ممر فارغ يقود إلى غرفة عرضانية تحيط به شمالاً وغرباً وجنوباً الجدران الخارجية للمعبد نفسه

أما الباحث في الآثار الدكتور "علي أبو عساف" فتحدث عن الوصف المعماري للمعبد، ويقول: «في قرية "المشنف" الجبلية نصادف معبداً من المعابد المهمة في الجبل، وهو بحالة جيدة نسبياً، وأكثر معالمه واضحة، وقد بني في العام 171 ميلادي بجانب بركة ماء، وحرم المعبد المبلط مازال موجوداً حتى الآن، يقوم المعبد فوق مصطبة تبرز على جوانب المصلى، ويقود إليها درج يصل بين الرواق والحرم، وفي مقدمة الرواق عمودان يقسمان الواجهة إلى ثلاثة ممرات، وجدارا الرواق الجانبيان قائمان جزئياً، وفي الواقع إن المصلى شبه تام، تقوي زواياه الأربع من الخارج (دعامات أربع) تتوجها تيجان جميلة من الطراز (الكورنتي) الروماني البديع، وفيها أفاريز مزوقة ومزخرفة بأشكال هندسية ونباتية جميلة تبرز في الجزء العلوي من الحيطان».

الجدار الشمالي للمعبد

ويضيف الباحث "وليد أبو رايد" في وصف المعبد من الداخل من وجهة نظر أخرى، ويقول: «إن لهذا المعبد شكلاً مستطيلاً قسم إلى ثلاثة أجزاء متساوية تقريباً، الأول يدعى (بروناوس) كما ورد في تقرير العالم الآثاري الألماني "استيفان فرايبرغر"، وهو الجزء الواقع بين الأعمدة المتقابلة وجدار المدخل، والجزء الثاني والثالث يشكلان قدس الأقداس (حجرة التمثال)، وهو مقسوم إلى جزأين متساويين تقريباً بقوس (قنطرة) بازلتية، تتألف جدران هذا القسم من حجارة بازلتية على طبقتين يبلغ ارتفاع المدماك فيها بين 45- 54سم، وهي مدعومة برباطات قليلة، ومن الأجزاء الأصلية الباقية في المعبد الجدار الشمالي بما فيه قواعد الأعمدة والسواكف وبعض مداميك السور الخارجي للمعبد، ومن قاعدة عمود الزاوية الجنوبية الشرقية يتقدم جسم المعبد من شرق الساحة الأمامية المبلطة، ومن الملاحظ التشوه الحاصل على جسم المبنى كالتعديل على الجدار الرئيسي (المدخل)، وتشوهات الجدار الشمالي الواضح للعيان، حيث يميل هذا الجدار إلى الشمال وكأنه قطعة مستقيمة تدور على مفصل».

وعن تاريخ المعبد والخلاف حول العهد الذي بني فيه، يتابع "أبو رايد": «هناك أكثر من رأي حول تاريخ بنائه، فحسب رأي السيد "استيفان فرايبرغر" الوارد في تقرير البعثة الألمانية 1991م، هو معبد للإله "زيوس" بني عام 41 ميلادي، ويستدل على ذلك من نقش يوناني كتب عليه: (من أجل سلامة الملك "أكريبا" ومن أجل عودته طبقاً للنذر قام فلان بن فلان ببناء معبد "زيوس" الإله الأبوي)، والملك "أكريبا" هو الحاكم المحلي لبلدة "المشنف" أو "نيلا" كما كانت تسمى في العصر الروماني قديماً، وقد اعتمد على عدد من الزخارف والنقوش التي تعود إلى النصف الأول من القرن الأول الميلادي، وإصلاحاته بدأت في عام 171م ، وجرت عليه بعض التعديلات من قبل الحاكم "ألكسندر سيرس" بين العامين 222- 235م».

ساحة المعبد الكبيرة

وقد أكدت الباحثة "ميشائيل كفالوفسكي" من خلال دراستها لهذا الموقع في كتابها "آثار وتاريخ سورية لعام 1989"، أن تاريخ بناء معبد "المشنف" يعود إلى النصف الثاني من القرن الأول الميلادي، أما الباحث "جان ماري دنتزر" فيؤكد أن تاريخ بنائه في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي، وذكر العالم الأميركي الشهير "بتلر" في كتابه "استكشاف أثري أميركي في سورية 1900-1899" أن تاريخ المبنى يعود إلى 171م، وفي بداية القرن العشرين سكن من قبل بعض الأهالي وقد أضافوا إليه بعض الغرف».

وعن الإضافات التي طرأت على المعبد بعد سكنه حديثاً تابع "أبو رايد": «من الواضح وجود إضافات لاحقة على البناء، حيث تم إضافة بعض الغرف إلى المخطط الأساسي للمعبد في الفترة ما بين1857م و1902م، وهي عبارة عن غرفة مستطيلة في الشرق خارجة من الجدار الشمالي، وقد سد الجانب الشرقي بحجارة مكعبة ومزخرفة غريبة عن الموقع بين العمود البارز في الشمال الشرقي والأعمدة الأمامية، كذلك تم بناء فواصل جديدة داخلية في الجنوب والغرب، هذه الغرفة تمثل صورة مصغرة عن داخل المعبد الأصلي ومزاحة إلى الشرق، أما في الجنوب فقد بني ممر فارغ يقود إلى غرفة عرضانية تحيط به شمالاً وغرباً وجنوباً الجدران الخارجية للمعبد نفسه».

العمود المزخرف والتاج الكبير

يذكر أن، معبد "المشنف" يقع وسط قرية "المشنف" التي تبعد نحو 20كم إلى الشرق من مدينة "شهبا".