يرتبط "قوس المشنقة" في الذاكرة الجمعية للناس بأيام سوداء تعود إلى القرن الثامن عشر، غير أنه تاريخياً يرتبط بالكنيسة الصغرى التي اكتشفت لاحقاً، لتنفي ما يتداوله الناس عن أنه استخدم للشنق.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار الأستاذ "وليد أبو رايد" بتاريخ 27 أيار 2014، الذي نفى الرواية المزروعة في عقول الأهالي، ويقول: «هناك الكثير من الحكايا الشعبية حول أصل تسمية القوس، حيث يروى على لسان السكان في الجبل أن آل "الحمدان" أول عائلة سكنت وقبضت على مقاليد الحكم في مدينة "السويداء" والجبل، كانت تشنق معارضيها على هذا القوس أيام العثمانيين، ولكن رأيي الشخصي أن التسمية لا تمت بصلة إلى حقيقة هذا الاستخدام، لأن القوس حسب الوثائق والصور القديمة المحفوظة لدينا في أرشيف دائرة الآثار والمتاحف لا تعكس واقع الاستخدام هذا، لأن القوس من حيث العمارة كان جزءاً من نسيج البيوت القديمة التي تلتصق به من كل الجهات، ويبدو الظلم الذي لحق بالناس قد صور لبعض الثائرين منهم هذا التصور، حتى بات القوس الأسطورة مثار رعب من حجارته المعلقة».

لقد عثرنا على غرف في الجانب الشرقي تحت مستوى أرضية الكنيسة، يتشكّل سقفها من بلاطات حجرية وجهها الأعلى بلاط أرضية الكنيسة، ووجهها السفلي سقف الغرف السفلية، كما تم العثور على أجزاء من آنية فخارية مختلفة العصور بين النبطي والروماني والبيزنطي لم تدرس بشكل علمي دقيق حتى الآن، إلى جانب العثور على مكعبات فسيفساء ملون من حجر رخامي مختلف، وعجينة زجاجية محلية تدل على وجود لوحات فسيفسائية اندثرت إلى الأبد، ولكن تبقى آثار هذا القوس وملحقاته مهما كانت التسمية التي تطلق عليها شاهداً رائعاً على أصالة حضارة المدينة القديمة، وشاهداً على اغترابه في التخطيط الحديث للمدينة الجديدة

في غفلة من الزمن، تم شق الطريق المحوري الذي اخترق المدينة من الشمال إلى الجنوب وبات الأهم في مدينة "السويداء"، على الرغم مما خلّفه هذا الطريق على النسيج العمراني للمدينة القديمة، يتابع "أبو رايد" سرد التفاصيل التي حدثت في بداية التسعينيات من القرن الماضي، ويقول: «بعد شق الطريق تم هدم النسيج العمراني حول القوس الأثري الذي ظهر بشكل كامل، ووضع ضمن مستديرة مرورية حفاظاً عليه وتوظيفاً غير مجدٍ في التخطيط العمراني الحديث للمدينة، فقامت دائرة الآثار والمتاحف في "السويداء" بالتعاون مع البعثة الألمانية بتدعيم القوس الأثرية، وحقن قواعدها الحجرية بالإسمنت والمونة التقليدية، وتأهيل عمران المستديرة المرورية ودعمها بجدار استنادي من الحجر البازلتي المحلي، تلته أعمال كشف وتنقيب في المكان من قبل البعثة الوطنية للتنقيب عن الآثار ليتم الكشف عن المحراب شبه الدائري في الجزء الشمالي الشرقي، الذي يتجه بشكل منحرف نحو الجنوب الغربي معاكساً بذلك التقليد الكنيسي الشرقي الذي يتجه محرابه نحو الغرب، ما يؤكد أن تاريخ القوس ذاته لا يعود إلى نفس عصر الكنيسة بل إلى عصر أقدم، ومن المرجح أنه يعود إلى العصر النبطي، أي إلى الزمن الذي ازدهرت فيه المدينة العربية خاصة أن أسلوب بناء حجارة القوس يختلف بشكل واضح عن أسلوب وشكل نحت وتركيب حجارة المحراب والملحقات المعمارية الكنسية، لأن حجارة القوس منحوتة بصورة دقيقة جداً، ومصقولة وباقي الحجارة منحوتة بشكل عادي، ونرجح أن القوس كان جزءاً من البوابة الشمالية للمدينة النبطية، وقد استخدم في العصر الغساني جزءاً من كنيسة مسيحية».

إحدى الغرف المهدمة من الداخل

بات "قوس المشنقة" يعرف في الدوائر الرسمية بقوس الكنيسة الصغرى التي تم الكشف عن أجزاء كبيرة منها تحت الأرض، وتم العثور على بعض اللقى الأثرية وقطع من الفسيفساء، يقول الباحث في الآثار "ناجي فيصل" عما وجدته البعثات الأثرية: «لقد عثرنا على غرف في الجانب الشرقي تحت مستوى أرضية الكنيسة، يتشكّل سقفها من بلاطات حجرية وجهها الأعلى بلاط أرضية الكنيسة، ووجهها السفلي سقف الغرف السفلية، كما تم العثور على أجزاء من آنية فخارية مختلفة العصور بين النبطي والروماني والبيزنطي لم تدرس بشكل علمي دقيق حتى الآن، إلى جانب العثور على مكعبات فسيفساء ملون من حجر رخامي مختلف، وعجينة زجاجية محلية تدل على وجود لوحات فسيفسائية اندثرت إلى الأبد، ولكن تبقى آثار هذا القوس وملحقاته مهما كانت التسمية التي تطلق عليها شاهداً رائعاً على أصالة حضارة المدينة القديمة، وشاهداً على اغترابه في التخطيط الحديث للمدينة الجديدة».

عمود كبير من الجهة الغربية
القوس هل كان فعلاً مكاناً للشنق