تتوضع على قمة "ظهر الجبل"، بارتفاع يبلغ 1557 متراً، وتشرف على عدد من القمم العالية والأراضي الزراعية الخصبة، اكتشف باحثو الآثار أن هذه الأبراج كانت لحماية البساتين المحيطة، ولم تكن في يوم من الأيام أبراجاً دفاعية.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار "وليد أبو رايد" بتاريخ 11 نيسان 2014، فتحدث عن هذه الأبراج والفترة التي ظهرت فيها، بالقول: «تعود أبراج "قصور قرماطة" -التي لم نجد لها سبباً للتسمية عبر الكتب الأثرية، أو كتابة تدل على شيء محدد يمكن الاستناد عليه لمعرفة سبب التسمية- إلى الفترة التاريخية الهلنستية (النبطية) والرومانية، حيث مرّت حضارتان كبيرتان على تلك الأبراج التي تعد من النوع النادر في المنطقة، فمن المعلوم أن الأبراج العالية وجدت من أجل المراقبة والدفاع عن المدن أو المراكز والتجمعات العسكرية، ولكن أبراج "قصور قرماطة" بنيت في تلك المنطقة لخدمة الأعمال الزراعية، حيث صنعت على صورة أبراج طابقية تستخدم لمراقبة الأراضي المحيطة بها من البساتين الغنية بالأشجار المثمرة وسهول الحبوب، ويبدو أن طوابقها السفلية استخدمت للإقامة المؤقتة أو خزن المحاصيل».

حتى الآن هناك عمل كبير لم يتم إنجازه، ويحتاج إلى المتابعة والكشف عن بعض مواضيع البحث، مثل المداخل والاستخدامات المتعددة للبرجين، والفصل بين أماكن السكن والعمل، وحماية هذه المعالم، وترميمها من جديد

ويتابع: «بني كل برج من الحجارة البازلتية المحلية الموجهة والمشذبة بشكل كتل كبيرة الحجم، حيث الأساس المتين والسميك المائل نحو الداخل تأسيساً لحمل الأجزاء العالية فوقه، له مدخل وحيد منخفض، وتختلف ارتفاعات الأبراج حسب حالة حفظ الأصناف الزراعية، ويلاحظ أن المسقط الدائري وشبه الدائري يتسع عند القاعدة ثم يضيق نحو الأعلى، وقد أضيفت بعض الملحقات إلى الطابق السفلي كالغرف الجانبية من أجل العمال ومستلزماتهم، وتعدّ الحالة العامة لهذه المباني جيدة نوعاً ما، إلا أن بعضها قد تعرض لأعمال هدم طبيعية وبشرية».

البرج الآخر وآثار التهديم واضحة عليه

وعما تم كشفه من قبل البعثات المتعاقبة على هذه الأبراج، تحدث الباحث في الآثار "ناجي فيصل" الموظف في دائرة آثار "السويداء"، ويقول: «بمساحة تصل إلى 1800م2 وبارتفاع 1557 متراً عن سطح البحر يقبع التل الذي يضم أبراج "قصور قرماطة" المواجهة لتل "القليب" الذي يأخذ نفس الهيئة، ولكن ببرجين مواجهين للشرق، وقد أطلق عليه الفلاحون "قصور قرماطة" أو "قصر الملوك"، وقد وجد البرجان بحالة جيدة، وقامت البعثات بدراستها بالتفصيل الدقيق حيث وجدت أن البرج الجنوبي له بابان أو نافذتان في الشمال، واحدة في الأسفل والثانية على مستوى الأرض، أما الأبواب فكانت سميكة جداً ويبدو كأنها تغلق بعدة أقفال، وتثبت بقطع خشبية في ثقوب متعددة، ووجدت النافذة العليا من دون درفات تواجه الجنوب، ونرى صفين من "الأطناف" ما تزال ظاهرة (الأطناف: زنار من الحجارة يعلو البرج، أو يتوسطه)، كما تتواجد أماكن في الجدران الداخلية خارجة عن نظام البناء العام تشبه الخزن الصغيرة أو أماكن لوضع الشمع».

ويتابع: «أما البرج الشمالي فهو مختلف قليلاً عن البرج الأول، نجد فيه صفين من الأطناف تظهر أكثر أو أقل من ثلاثة أو أربعة مستويات، ونلحظ بشكل جيد فتحة ولكنها ليست نافذة، وإنما مخصصة للمراقبة، وهناك نافذة صغيرة تواجه الشمال مغلقة بشكل جيد فوق أحد المداخل الذي ينخفض بعمق مترين، إضافة إلى الجدران السميكة المتوضعة بشكل مائل والمزدوجة التي تشكل نوعاً من الحماية، وهناك بقايا باب كامل يواجه الجهة الجنوبية، وبين هذين البرجين يقبع مدخل آخر ربما يكون هو المدخل الرئيسي للمزرعة، وقد وجد الباحثون آثار جدران سميكة وأخرى رفيعة ذات بناء جيد، وفي الجدار الغربي للتيراس (أي الفيرندة في البيوت الطابقية) الذي يواجه "وادي الروم" فوجئ الجميع عندما وجدوا الكثير من حجارة العمدان الأسطوانية، التي كانت مخصصة على ما يبدو لعملية دحل السطوح أثناء الشتاء، ويمكن أن تكون جزءاً من الأعمال الزراعية، ولكن المفاجأة أتت من كثرتها في المكان».

الأراضي الزراعية التي تحيط بالأبراج

ويشير "فيصل" إلى أن هذا الموقع يعد من المواقع الممتعة جداً لكل علماء التنقيب لما يحتويه من مظاهر لحضارتين كبيرتين، ويقول: «حتى الآن هناك عمل كبير لم يتم إنجازه، ويحتاج إلى المتابعة والكشف عن بعض مواضيع البحث، مثل المداخل والاستخدامات المتعددة للبرجين، والفصل بين أماكن السكن والعمل، وحماية هذه المعالم، وترميمها من جديد».

التلال تبدو من بعيد