تضم مجموعة من العمائر الدائرية أو شبه الدائرية تبين أنها مقابر أثرية تعود إلى العصر الهلنستي النبطي، واستعملت في العصر الروماني، كما ترافقت مع وجود لقى أثرية مخصصة للجنائز...

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار "وليد أبو رايد" بتاريخ 13 نيسان 2014 الذي تحدث بداية عن المظاهر التي رافقت الموقع قبل الكشف عن مقبرة "قصر النجمة"، ويقول: «كانت هذه المقبرة قبل الكشف عنها توحي لمن يشاهدها أنها عبارة عن مجموعة كبيرة من الحجارة المختلفة الأوزان (رجوم) ناتجة عن الأعمال الزراعية واستصلاح المساحات الجانبية للأرض في سبيل تحويلها إلى مكان زراعي، ولكن في حقيقة الأمر إن هذه المظاهر هي آثار لمدافن أسرية تتفاوت أحجامها حسب عدد أفراد الأسرة، غير أن المزارعين في المنطقة استمروا في رمي الحجارة الناتجة عن (تعزيل) الأرض الزراعية فوق هذه المدافن لهدفين: أولهما الاستمرار في تنظيف الأرض واستغلال وجود المدفن فيها كي لا يتم استخدام مساحات جديدة لتجميع الحجارة، والثاني تركز على إخفاء المدفن عن عيون لصوص الآثار، عن طريق تحويل مظهرها الخارجي إلى مظهر زراعي صرف، وهذا ما جلب نتائج جيدة حافظ من خلالها الناس على تاريخ طويل من آثار المنطقة».

كان الدخول إلى المدفن من باب وحيد يعلوه ساكف ضخم، حيث كنا نضطر للانحناء من أجل الدخول، وقد زودت بعض المدافن بدفة جانبية لحفظ الهدايا والتقديمات الجنائزية التي كانت سائدة في تلك العصور، وكانت اللقى التي تم الكشف عليها عبارة عن آنية فخارية وبرونزية كالملاعق والسروج والخرز الملون، وقد كان ملاحظاً أن بعض السرج لم تستخدم نهائياً في الخارج، أي إنها كانت من ضمن الأثاث الجنائزي

وعن عدد المدافن وتاريخ الكشف عنها، يقول: «بدأت أعمال التنقيب في موسم 1997 مع البعثة السورية – الفرنسية، وتابعت دائرة آثار "السويداء" عملها في "قصر نجمة" بكادر وطني متميز حتى موسم 2007، وقد بلغ عدد المدافن الموثقة في تلة "قصر نجمة" 36 مدفناً، وهي متشابهة بشكل كبير من حيث أسلوب البناء والمسقط، فقد بنيت الجدران من كتل بازلتية محلية ثقيلة وكبيرة الحجم، وهي موجهة ومشذبة بشكل طفيف، ويعتبر بعضهم أن مخطط المدفن ذو شكل دائري، وبعضهم يعتبره شبه دائري، يتوسطه عمود مؤلف من عدة فرزات يعلوها تاج ثقيل لا شكل محدد له، حيث تستند عليه ربدات السقف، وهي شرائح بازلتية عشوائية الشكل غير منحوتة، وتستند من الجانب الثاني على نهاية جدار المدفن، حيث شكل المدماك الأخير ما يشبه الميازين التي تطورت لاحقاً وأصبحنا نراها بشكل واضح منذ العصر النبطي وما بعده في العصر الروماني».

سور إحدى المقابر من الخارج

أما فيما يتعلق باللقى الأثرية التي تم الكشف عنها، يضيف: «كان الدخول إلى المدفن من باب وحيد يعلوه ساكف ضخم، حيث كنا نضطر للانحناء من أجل الدخول، وقد زودت بعض المدافن بدفة جانبية لحفظ الهدايا والتقديمات الجنائزية التي كانت سائدة في تلك العصور، وكانت اللقى التي تم الكشف عليها عبارة عن آنية فخارية وبرونزية كالملاعق والسروج والخرز الملون، وقد كان ملاحظاً أن بعض السرج لم تستخدم نهائياً في الخارج، أي إنها كانت من ضمن الأثاث الجنائزي».

وعن التشابه مع المقابر المكتشفة في "السويداء" ونمط العمارة تحدث الباحث في الآثار "ناجي فيصل"، ويقول: «يذكرنا نمط العمارة بالنمط المستخدم في العصور البرونزية في الجنوب السوري، ولكن اللقى التي اكتشفت تشير إلى استخدام هذه المدافن في العصر الهلنستي النبطي، ولدينا في مدينة "السويداء" نموذج مشابه نوعاً ما في موقع مقبرة "رافع" في الجانب الجنوبي الغربي للمدينة القديمة، وقد لاحظنا أن بعض أبواب المدافن كانت منحوتة الجوانب، وبعضها الآخر كان حجارة كبيرة عادية، ولكننا لم نكتشف في أي منها باباً واحداً منحوتاً من (الحلس)، مما يدل على أن الأبواب كانت تغلق بالحجارة الكبيرة (الدبش)، خاصة أن نواتج تعزيل الأرض الزراعية كانت ترمى فوق المدفن، وهذا يشير أيضاً إلى أن المدفن قد استخدم لمرة واحدة ولأسرة واحدة، وهذه المدافن في اعتقادي تعود إلى أسر متوسطة الحال بالنظر إلى التقديمات الجنائزية التي اكتشفت فيها، ولموقع المدفن».

سرج أثري غير مستعمل للتقدمة الجنائزية
البحث عن المدخل وترميمه