عند شق شارع حلزوني على سفح التلة المؤدي إلى القلعة ظهرت ثلاثة أحجار مصفوفة بانتظام وباب حجري مفتوح قليلاً، وبتاريخ 9 أيلول 2004 تم الكشف عن المدخل والدخول إلى مقبرة تبين أنها مقبرة جماعية لعدد من الحضارات...

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث "وليد أبو رايد" المتخصص في مجال الآثار بتاريخ 15 شباط 2014؛ الذي تحدث عن مقبرة "صلخد" وبدأ وصفها من الداخل بالقول: «تتألف المقبرة من واجهة أمامية مقسومة إلى قسمين، الأول عبارة عن خمسة مداميك حجرية مختلفة القياسات مبنية بشكل رائع دون وجود طبقة مونة (أي صبة بيتونية) بين الحجارة، وتنتهي عند باب المقبرة، أما الثاني فيتألف من ثلاثة مداميك يتوسطهم باب حجري مؤلف من قطعة واحدة، واتجاهه إلى الغرب ويفتح نحو الجنوب للداخل، وينتصب على يمين المدخل ثلاثة شواهد حجرية بازلتية، وعلى اليسار ستة شواهد، وهي مسلات جنائزية (شواهد قبور) ذات أشكال مستديرة في قمتها، وهناك حجر منقوش تم اكتشافه مباشرة على يمين الباب أمام جدار الواجهة، ومسلة أخرى كانت مقلوبة أمام الباب تماماً، وتلك المسلات قسم منها نُقش عليها بالأحرف اليونانية، والقسم الآخر عليه نقوش نبطية».

هناك تنوع كامل للقى الأثرية من سرج فخارية وصحون وجرار فخارية إضافة إلى أساور وخلاخل وخواتم ونقود وأقراط برونزية وذهبية وعدد من الأساور الزجاجية، إضافة إلى قارورة زجاجية وكسر لفوهات وقواعد لكؤوس زجاجية، وحلقات معدنية للتوابيت الخشبية وكم هائل من المسامير الحديدية لتثبيت الأخشاب

وعن مدخل المقبرة وداخلها، يتابع: «لاحظنا أمام مدخل الباب وجود حجرة متطاولة تشبه ساكف باب (موضعه فوق الباب) متمدد على الأرض، وهناك حجرة ثانية قريبة من الأولى تشكلان زاوية تفصل بينهما حجرة صغيرة، والمقبرة عبارة عن مغارة من المخروط البركاني الذي تقوم عليه القلعة في السفح الغربي ويبدو أن الإنسان قد حسن جوانبها وسقفها ومدخلها لاستعمالها كمدفن جماعي».

فريق التنقيب داخل المقبرة.

وعما تضمه المقبرة يقول: «تتألف من ثماني غرف مختلفة الأحجام مع وجود غرفة مغلقة بواسطة جدارين حجرين مرتفعين حتى السقف، وهي بمحاذاة الغرفة الأولى، ولهذا تم ضم الغرفة الثانية إلى الأولى، وبعد الكشف عن ماهية الغرفة الثانية بالحفر على سطح المقبرة من الخارج تبين أن هناك فجوة على السقف فتم تدعيمها من الداخل بجدار حجري لسد الفجوة منعاً من الدخول إلى المقبرة إلا من الباب الرئيسي».

وعن هذه الغرف الثماني وما وجد داخلها يضيف: «تقع الغرفة الأولى على يمين باب المقبرة تأخذ الشكل الطولاني متجهة نحو الغرب، وهي صغيرة الحجم، ويلاحظ وجود حجرين كبيرين يعترضان مدخل المقبرة، وفيها كم هائل من العظام المتهشمة والمتناثرة بشكل عشوائي، أما الغرفة الثانية فهي مغلفة تماماً بالحجارة لوجود فجوة في سقف المقبرة، وهي بالأساس تتبع للغرفة الأولى، والغرفة الثالثة تتجه شمال جنوب، ومقابلة للغرفة السابعة التي تعد من الغرف الكبيرة في المقبرة وتضم 12 مربعاً؛ أبعاد المربع الواحد 1×1م، ويلاحظ تحسيناً وتهذيباً في سقف الغرفة من قبل الإنسان، أما اللقى السطحية المشاهدة ضمن هذه الغرفة فهنالك نقد في وسطها إضافة إلى سوار ناعم من البرونز عند الغرفة الثالثة، أما الغرفة الرابعة فهي من الغرف الكبيرة أيضاً وتتجه نحو الشرق ومقابلة للغرفة الأولى، وتضم نحو 14 مربعاً مهذباً بيد الإنسان».

المسلات والشواهد في المقبرة.

ويضيف: «ينتشر على سطح الغرفة كم هائل من العظام المتفتتة المبعثرة بشكل عشوائي، وهنا (أي في الغرفة الرابعة) وجدنا أكبر كمية من العظام في المقبرة، أما اللقى السطحية فوجدنا فيها سوارين من البرونز، وقطعة معدنية من الحديد على شكل حلقة، وقطعة نقدية، وكسرة لكأس فخاري، إضافة إلى مسامير حديدية، أما الغرفة الخامسة فتضم نحو ثمانية مربعات وتتجه شرقاً وهي من الغرف الهامة في المقبرة نظراً لوجود الأخشاب التي تتوسطها، وتمثل غطاء لقبر مازال على شكله الطبيعي يحيط به من الجهة اليمنى واليسرى صف من الحجارة المخربة كانت لتثبيت الأخشاب ورسم حدود القبر، أما ما نشاهده على الطبقة السطحية في هذه الغرفة، فهنالك قارورة من الزجاج تفصل بين الفسحة الثانية للمقبرة والغرفة الخامسة، ثم ندخل باتجاه الشرق قليلاً لنرى إبريقاً فخارياً كاملاً صغير الحجم تغطي فوهته قطعة خشبية، وإلى اليمين نشاهد كسرة زجاجية مع بعض القطع البرونزية الغائرة في التراب».

ويتابع: «أما الغرفة السادسة فهي تحتل الزاوية الشمالية الشرقية من المقبرة، وفيها نجد أيضاً قبراً مع تغطية خشبية كاملة للقبر مع وجود عدد من الحجارة المتهدمة التي تكمن خلفه من الجهة الشرقية وعلى اليسار من الجهة الشمالية، وهناك تلة صغيرة تتجمع فيها الكسر العظمية المتهشمة، أما اللقى السطحية المشاهدة فهناك سوار من البرونز على سطح القبر، وبعض اللقى الفخارية المختلطة مع العظام على يساره، وفي الغرفة السابعة نرى أفضل حفظ للأخشاب في المقبرة، ويمكن أن نستنتج أن هذه الأخشاب تمثل توابيت خشبية وليست تغطية لقبور. أما اللقى السطحية المرئية على سطح الأخشاب، فنشاهد سراجاً فخارياً مقلوباً إضافة إلى بعض الأساور البرونزية التي تتوضع إلى الشمال من التوابيت مختلطة مع الكسر العظمية. والغرفة الثامنة تعد من أصغر الغرف تقع على يسار الباب الرئيسي وتتجه باتجاه شرق غرب متقابلة مع الغرفة الخامسة، وهنا نلاحظ بعض الألواح الخشبية المتكسرة والمتفتتة، وعدداً من الكسر العظمية المبعثرة على أطراف الألواح الخشبية، أما اللقى السطحية فنشاهد عدداً من السرج الفخارية المتوضعة على مدخل الغرفة إضافة إلى مدمعة فخارية صغيرة موجودة على المدخل».

المقبرة من الداخل ويظهر باب الحلس.

أما الأستاذ "حسين زين الدين" مدير دائرة الآثار والمتاحف في "السويداء"، فتحدث عن أعمال التنقيب في المقبرة: «على طبيعة وحجم المقبرة وتعداد وتوزع الغرف إضافة إلى وجود المسلات الجنائزية الموزعة على مدخل المقبرة، ونظراً إلى وجود الكم الهائل من الكسر العظمية وبعض اللقى السطحية، تركز العمل على أن يكون بمنهجية دقيقة وتوثيق كامل الأعمال، وذلك بأن نقوم أولاً بالكشف عن مراحل وفترات الدخول أو مراحل استعمال المقبرة، ثم قمنا بسبر صغير على يسار المدخل الخارجي للمقبرة، فوجدنا بعض الكسر العظمية والكسر الفخارية مع وجود سويتين، وبهذا أمكننا الاستنتاج بأن المقبرة استعملت لأكثر من فترة، وبعد تحليل المسلات الجنائزية تبين أنها مكتوبة بنقشين مختلفين يوناني ونبطي، وبهذا تكون المقبرة قد رفعت ونظفت، ولم يبق سوى المدخل حيث تركز العمل بأن نجد أرضيته، وبعد إزالة كمية كبيرة من الأتربة تم العثور على درجتين من الحجر وأرضية المدخل الطينية، وعدد كبير من السرج والآنية الفخارية المتوضعة على الأرضية؛ التي تعود في أغلبها إلى الفترة الرومانية، والملاحظ أنها مقبرة جماعية استخدمت لأكثر من فترة زمنية، وبالاستعانة بالسرج واللقى الفخارية فإن تلك الفترات هي على الأغلب رومانية ونبطية وبيزنطية».

يتابع: «هناك تنوع كامل للقى الأثرية من سرج فخارية وصحون وجرار فخارية إضافة إلى أساور وخلاخل وخواتم ونقود وأقراط برونزية وذهبية وعدد من الأساور الزجاجية، إضافة إلى قارورة زجاجية وكسر لفوهات وقواعد لكؤوس زجاجية، وحلقات معدنية للتوابيت الخشبية وكم هائل من المسامير الحديدية لتثبيت الأخشاب».