مجموعة من الشواهد البازلتية المكتوبة باليونانية والنبطية اكتشفت في مقبرة "صلخد"، لتكون عاملاً مهماً في كشف بعض خفايا هذه المدينة العريقة، وقلعتها الموغلة في القدم...

مدونة وطن "eSyria"، التقت الأستاذ "حسين زين الدين" باحث في اللغات القديمة ومدير دائرة الآثار والمتاحف في "السويداء"، بتاريخ 23 كانون الثاني 2014، الذي تحدث عن هذه الشواهد وما كتب فيها مع التحليل، وقال: «أثناء الكشف عن مقبرة "صلخد" وجدت البعثة الوطنية عدة شواهد عليها كتابات اتضح أنها كتابات يونانية ونبطية، أما فيما يتعلق بالكتابة النبطية المكتشفة فجاءت على شكل حروف، هي: (ش ع د ا ل ب ر ج م ي م و)، والترجمة هي: "سعد أيل بن جميم"؛ حيث إن "سعد أيل" اسم عربي مركب من "سعد" وهو اسم الإله، وهذا بمعنى: السعيد ذو الحظ الطيب، وكان يرد في كافة الكتابات العربية القديمة: (السبئية – الثمودية – النبطية – الصفدية – التدمرية)، ويأتي اسماً مفرداً (سعد)، أو مضافاً إلى اسم الإله كما في: سعد أيل - سعد الله – سعد اللات – سعد أوس – سعد شمس – سعد عنتر – سعد عرب، وغيرها من الأسماء. أما فيما يتعلق باسم "جميم"، فهو اسم عربي معروف ومستخدم أيضاً في الكتابات العربية القديمة، وبعد تصغير للاسم "جم"، فهو يأتي بمعنى الخصب، أو الكثير العدد، أو الكثير الشجر، ويرى أيضاً بصيغة التثنية أي مضافاً إليه نون التثنية م م ن».

لما وصل "الأنباط" إلى المنطقة، بقيت "صلخد" المدينة الهامة من الناحية الدفاعية، فكان للأنباط فيها معبد للربة "اللات"، وهم الذين أسسوا قلعتها الشاهقة التي هي المعلم الأثري الأهم في المدينة، والتي تتربع فوق قمة بركانية هرمية الشكل، ويراها الناس من كافة الجهات، ومن مسافات بعيدة، وقد تهدمت أجزاء منها، وأطلالها الباقية تدل على عظمتها وروعتها، ولم يبق من عناصرها النبطية الظاهرة سوى ساكف وتاج، إلى أن اكتشفت البعثة الوطنية في خريف العام 2004 الشواهد النبطية

وعما يمكن أن تقدمه هذه اللغة من فائدة في الدراسة التاريخية للمدينة والقلعة، والمعلومات الجديدة المكتسبة منها، أضاف "زين الدين": «حفلت مدينة "صلخد" بوجود العديد من الكتابات النبطية المكتشفة والمنشورة سابقاً، ومن خلال هذه الكتابات نعرف الأهمية الكبيرة لهذه المدينة في زمن حكم العرب الأنباط؛ حيث كان فيها وبحسب الكتابة رقم 227 في متحف مدينة "السويداء" معبد للإلهة اللات، وقد ذكر اسم مدينة "صلخد" في الكتابات النبطية، وأيضاً في الكتابات الصفائية، هذا مع أنه جرى لاحقاً وفي فترة الحكم العربي الإسلامي للمدينة تحريف الاسم إلى "صرخد"، حتى ظن بعض الباحثين اللاحقين أن أصل الاسم الحالي هو "صرخد" وليس "صلخد"».

الكتابة النبطية على الشواهد

ويتابع: «يرتبط ازدهار مدينة "صلخد" في الفترة النبطية ارتباطاً وثيقاً بمدينة "بصرى" العاصمة الثانية للأنباط، والعاصمة الأولى في عهد الملك "رب أيل الثاني"، حيث نجد أغلبية الكتابات المؤرخة المكتشفة في "صلخد" تعود إلى القرن الأول الميلادي، وإلى هذه الفترة أيضاً (56 - 57 ميلادية) يعود إنشاء معبد "اللات" في هذه المدينة، وحسبما تفيدنا به الكتابات، فإن "آل روح" كانت القبيلة السائدة في "صلخد"، وفي مناطق أخرى من "حوران"، وقد ترك أفراد هذه القبيلة الواسعة الانتشار كتابات باللغات المختلفة النبطية والصفوية، اليونانية، وإذا أخذنا المعلومات التاريخية التي ذكرناها بعين الاعتبار وبالرجوع إلى أحدث الكتابات النبطية المكتشفة في "حوران"، ومن خلال دراسة أشكال الأحرف والكتابة نستدل أنها تعود إلى نهاية القرن الأول قبل الميلاد، وبداية القرن الثاني الميلادي، أي إلى تلك الفترة التي لم يتأثر فيها السكان بعد بالثقافة والحضارة الهلنستية – الرومانية، وهذه الكتابات تعود إلى العام 124 ميلادي كما تبين للباحثين في "دير المشقوق"، و148 ميلادي كما تبين أيضاً في مدينة "بصرى"».

وتحدث الدكتور "علي أبو عساف" في كتابه القيم (الآثار في جبل حوران)، عما خلفه الأنباط خلال امتدادهم نحو المنطقة، فقال: «لما وصل "الأنباط" إلى المنطقة، بقيت "صلخد" المدينة الهامة من الناحية الدفاعية، فكان للأنباط فيها معبد للربة "اللات"، وهم الذين أسسوا قلعتها الشاهقة التي هي المعلم الأثري الأهم في المدينة، والتي تتربع فوق قمة بركانية هرمية الشكل، ويراها الناس من كافة الجهات، ومن مسافات بعيدة، وقد تهدمت أجزاء منها، وأطلالها الباقية تدل على عظمتها وروعتها، ولم يبق من عناصرها النبطية الظاهرة سوى ساكف وتاج، إلى أن اكتشفت البعثة الوطنية في خريف العام 2004 الشواهد النبطية».

صورة أخرى لهذا النوع من الكتابة
الأستاذ حسين زين الدين