كان اكتشاف المقابر الأثرية في مدينة "السويداء" التي تعود إلى العصر البيزنطي مجرد مصادفة محضة؛ وذلك بعد ظهور صف من الحجارة المنحوتة أثناء عملية تنظيف عقار المواطن "أحمد رافع" عام 2005، الذي حملت المقبرة اسمه من يومها...

مدونة وطن "eSyria"، التقت الباحث الأثري "وليد أبو رايد"، بتاريخ 27 كانون الثاني 2014، الذي تحدث عن طريقة الكشف عن المقبرة، وقال: «لقد قامت البعثة الوطنية العاملة في التنقيب عن المقبرة الأثرية في موقع عقار "رافع"، حيث جرى تقسيم الموقع إلى مربعات بأبعاد 6×6م، وتقسيم منطقة المقبرة إلى مربعين رئيسيين، فالمربع الأول يقع جنوب المقبرة، وقد تم اختيار العمل فيه لتواجد مظاهر قبور سطحية، وبعد العمل وكشف الطبقة السطحية الحديثة العهد تبين فيه وجود قبرين: القبر الأول (الشرقي) أبعاده 220×70×60سم، مبني من حجارة بازلتية منحوتة ومشذبة ومعاد استخدامها، وهو ذو اتجاه شرق غرب، ومبني على سوية الأرض الطبيعية والصخر الطبيعي النافر في الموقع، وقد وجد على المدماك الأعلى لأحد الحجارة صليب منحوت في الحجر، وهذا القبر يعود حسب اللقى المكتشفة إلى الفترة البيزنطية المتأخرة ومن هذه اللقى: كأس فخارية عليها طلاء أصفر في القسم الأعلى منها، وإبريقان فخاريان صغيران؛ واحد كامل والآخر ناقص ومشوه، وإبزيم نطاق من البرونز، وبعض الكسر الفخارية وبقايا عظام بشرية جرى تصويرها وحفظها، أما القبر الثاني (الغربي) فهو عبارة عن صفين من الحجارة البازلتية، والمعاد استخدامها والموضوعة بشكل سطحي والمخربة في فترة لاحقة، ولم نعثر في هذا القبر على أية لقى أثرية باستثناء جمجمة بشرية جرى تصويرها وحفظها».

فوق المعازب الثلاثة في الوسط (الشرق) كانت تتوضع ثلاث حجرات أخرى لم يتبقَ منها سوى الجدار المنصف بارتفاع مدماك واحد من الحجر المنحوت، والجدار الخارجي الشرقي بارتفاع مدماك من الحجر المنحوت، وكانت أرضية البهو ودرجات المدخل مرصوفة بحجارة بازلتية مشذبة معاد استخدامها مختلفة الأشكال والأحجام

أما عما تم في المربع الثاني، فيتابع: «المربع الثاني وهو المقبرة، وقد تم في هذا المربع الكشف عن مقبرة أثرية متكاملة تتألف من طابقين: الطابق الأرضي للمقبرة المتوجهة نحو الغرب من المدخل عبر باب حجري، لم يتبق منه سوى عتبته وأساس الجدار الغربي المحيطة به، ومن ثم يأتي البهو بأبعاد على 425×325سم، وتصطف على جوانبه ثلاثة (معازب) من كل جانب، وحجرتا عظام على الجانبين الرئيسيين، وتتراوح أبعاد المعازب بين 210-200سم طولاً، 60-50سم عرضاً، أما أبعاد حجرتي العظام فتتراوح بين 210-275سم طولاً، 175سم عرضاً، ووجدنا أن المعازب الجنوبية والشرقية مع حجرتي العظام كاملة وغير مخربة، أما الشمالية فلم يظهر منها شيء حتى الآن، وذلك بسبب وجود أساسات بيت حديث العهد إلى جانبها وعلى أجزاء منها، ولم نستطع إكمال العمل فيها مخافة انهيار المنزل».

التنقيب في المرحلة الأولى

ويضيف: «فوق المعازب الثلاثة في الوسط (الشرق) كانت تتوضع ثلاث حجرات أخرى لم يتبقَ منها سوى الجدار المنصف بارتفاع مدماك واحد من الحجر المنحوت، والجدار الخارجي الشرقي بارتفاع مدماك من الحجر المنحوت، وكانت أرضية البهو ودرجات المدخل مرصوفة بحجارة بازلتية مشذبة معاد استخدامها مختلفة الأشكال والأحجام».

وتحدث الأستاذ "حسين زين الدين" مدير دائرة الآثار والمتاحف، الذي كان يشغل حينها رئيس دائرة التنقيب في المديرية، عن اللقى التي تم الكشف عنها في المقبرة، وقال: «بناءً على هذا المكتشف ومن التحليل الأولي للقى خلال العمل توقعنا وجود مرحلة استخدام ثانية في الفترة البيزنطية، ووصولاً إلى المرحلة الأولى للمقبرة، فقمنا بعمل حفرتي سبر اختباريتين على الجانب الجنوبي الغربي والشرقي من البهو بأبعاد 1×1م، وقد كانت المفاجأة بوجود العديد من اللقى، مثل: (سرج فخارية، وخرز، وأساور، ومكحلة، وأقراط ذهبية وبرونزية، وقطع نقدية)، وقد تمت دراسة أولية لهذه اللقى تبين أنها تعود إلى أواخر الفترة الهلنستية؛ أي نبطي متأخر، وروماني مبكر».

لقى أثرية أثناء العمل في المقبرة
المقابر من الداخل