بنيت معصرة قرية "غيضة حمايل" التي يتجاوز عمرها خمسة آلاف عام، عند سفح تل يحتوي صخوراً بازلتية حمراء طرية نادرة في الجبل...

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار الأستاذ "وليد أبو رايد" بتاريخ 5 كانون الثاني 2014؛ الذي تحدث عن موقع المعصرة القديمة بالنسبة إلى القرية، وقال: «تقع معصرة العنب الأثرية في قرية "غيضة حمايل" التي تقع إلى الشرق من قرية "المشنف" الهامة من الناحية التاريخية، وإلى الغرب من قرية "الدياثة"، وقد نشأت القرية قرب نبع ماء غزير منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وبقي منها أبراج قوية تعود إلى العصر البرونزي، واستمر السكن فيها بالتزامن مع مراحل السكن في "الدياثة" القريبة منها، وهي تحتوي مطاحن مائية جيدة الحفظ، ونظراً إلى اعتماد السكان على زراعة الكرمة كان لا بد من وجود معصرة للعنب، وهي معصرة لكل سكان القرية، وتقع غرب القرية عند سفح التل الذي يحتوي نوعاً نادراً من البازلت الأحمر الطري الذي يسهل فيه النحت، وهو يستخدم اليوم كمقلع لهذا النوع من الحجر الأحمر الطبيعي الطري».

تتألف المعصرة من مجموعة أحواض قليلة العمق نحتت بالصخر الطبيعي، تتصل فيما بينها بقنوات قليلة العرض، وتسد فتحاتها بحجارة رقيقة، أو قطع معدنية للحفاظ على السائل، وجعله ينتقل إلى الحوض التالي عبر فتحها، والملاحظ أن القنوات ما زالت على حالها، وحفرت بإتقان كبير، وقد أحيطت المعصرة بسور من ذات الحجارة، بقي منه قوس نافذة من الجانب الشرقي

وعن الوصف الدقيق للمعصرة الأثرية، تابع: «تتألف المعصرة من مجموعة أحواض قليلة العمق نحتت بالصخر الطبيعي، تتصل فيما بينها بقنوات قليلة العرض، وتسد فتحاتها بحجارة رقيقة، أو قطع معدنية للحفاظ على السائل، وجعله ينتقل إلى الحوض التالي عبر فتحها، والملاحظ أن القنوات ما زالت على حالها، وحفرت بإتقان كبير، وقد أحيطت المعصرة بسور من ذات الحجارة، بقي منه قوس نافذة من الجانب الشرقي».

أحواض العصير الكبيرة.

أما فيما يتعلق بالعمر الفعلي للمعصرة، وإلى أي عصر تنتمي، فوضح الباحث "وليد أبو رايد" ذلك وقال: «لا نستطيع وضع تأريخ واضح لهذه المنشأة لعدم وجود آثار أخرى قريبة منها من أجل المقارنة معها، أو وجود أي نقوش تأسيسية على الحجارة المصنوعة منها، إنما وجودها الفعلي، وارتباطها بالذاكرة المحلية لسكان القرية، وارتباطها كذلك بصناعة كلية تراثية دفعت دائرة الآثار والمتاحف في محافظة "السويداء" إلى وضع إشارة (أثري) عليها من أجل الحفاظ على معالمها كجزء من الذاكرة الشعبية المحلية استناداً إلى قيمتها المعنوية بموجب قانون الآثار».

ليست معصرة "غيضة حمايل" الوحيدة التي تم إنشاؤها في الجبل، فصناعة الدبس بدأت منذ أن اكتشف السكان كروم العنب، وذهاب خيالهم المبدع لعصره وغليه ليكون غذاء مفيداً متكامل المواصفات، وعن المنشآت التي تواجدت في المنطقة تحدث الدكتور "علي أبو عساف" خبير الآثار، ومؤلف كتاب (آثار المنطقة الجنوبية)، وقال: «انتشر هذا النوع في كثير من المناطق في "السويداء"، فهناك بقايا معصرة لتصنيع العنب في قرية "أم الرواق" ضمن منشأة حجرية تعود إلى العصر البرونزي الوسيط، وقد بقي منها أحواض دائرية الشكل من أجل تجميع العصير، وكذلك الأمر في قرية "سيع" التاريخية، حيث تم تحويل أجزاء من معبد آلهة المياه النبطي إلى أحواض لتصنيع العنب خلال العصور اللاحقة، وفي قرية "الكفر" كانت لدينا معصرة جميلة تم تخريبها مؤخراً كانت تحوي أحواضاً دائرية لنفس الغاية، وهذه النماذج تمثل منشآت زراعية صناعية عامة يستخدمها جميع السكان، ولكن لن يفوتنا ذكر أن غالبية الفلاحين في جنوب "سورية" كانوا يبنون في منازلهم منشآت صغيرة خاصة لعصر العنب، وتحضير الدبس، وما زالت حتى يومنا هذا تستخدم لنفس الغاية، وبنفس الطريقة القديمة».

المجرى المائي.
السور الأمامي من الحجارة الحمراء.