إلى الغرب من بلدة "عريقة" في الجهة الجنوبية من منطقة "اللجاة"، تقع بئر "الجاج" التي حملت اسمها المحلي منذ مئتي سنة تقريباً، وأثبتت الدراسات الأثرية أن الموقع في خصائصه وطريقة بنائه يعود إلى العصر البرونزي الحديث.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث "وليد أبو رايد" بتاريخ 3/11/2013 المختص في دراسة العصور البرونزية في المنطقة الجنوبية، وتحدث عن خصائص تلك البئر الأثرية، وقال: «تعتبر بئر جيدة لحفظ المياه مازالت تستخدم حتى يومنا هذا من قبل رعاة المنطقة والأهالي في سقاية أشجارهم المثمرة، وقد حملت اسماً محلياً بئر "الجاج"، وتعتبر البئر المملوءة بالمياه في الشتاء مصدراً مهماً من مصادر المياه، وتتألف من جزأين غربي وشرقي يفصل بينهما جدار صخري تُرك أثناء عملية حفر البئر أو نحتها في الصخر، والجزءان متشابهان من حيث التصميم، إذ تشكل البئر الواحدة منهما حفرة في الأرض شبه دائرية يحمل سقفها قوس حجري أو أكثر، التي بدورها تحمل ربدات السقف المقطوعة من صخر "اللجاة"، والمحسّنة والمشذبة التي تتخللها فتحة البئر شبه الدائرية أو المربعة، وقد لاحظنا عدم وجود هذه الفتحة التي تفيد كثيراً في دراسة المكان بسبب تهدّم أجزاء من سقف القسم الأول منه، إما نتيجة التخريب المتعمد، أو الناتج عن العوامل الجوية من سيول قوية في أيام الشتاء المتعاقبة».

إن طريقة تزويد البئر بالماء غير واضحة المعالم على الرغم من البحث عما يدل على ذلك، وأعتقد أنها تنبع في فصل الشتاء والربيع وتتجمع في هذه النقطة، لأننا لم نلاحظ وجود أقنية لتزويد هذه البئر بالماء كما هي الحال في بئر "المرصرص" مثلاً، أو وجود برك لحفظ المياه قريبة منها، وتزودها عبر قناة داخلية بالمياه كما هو الحال في "مكن أم الزيتون"، و"مكن نجران"، وقد جعل الأهالي الذين بنوا البئر سابقاً فوق الجدار الفاصل بين الجزأين "جرناً" لسقاية المواشي، ومع مرور الزمن جرت عليها عدة أعمال ترميم لتبقى صالحة لحفظ الماء، والملاحظ حرص الأهالي الدائم على هذه البئر، على الرغم من تهدم أحد أجزاء سقفها، فقاموا بطلاء جدرانها من الداخل بمواد تقليدية حديثة بغية استمرار الاستفادة منها، وحفظ الماء من التبخر، أو التسلل عبر الشقوق، بالتالي ضياعها

وعن طريقة تزود البئر بالمياه في فصل الشتاء كما هي الحال في الآبار المتعددة في المنطقة، تابع بالقول: «إن طريقة تزويد البئر بالماء غير واضحة المعالم على الرغم من البحث عما يدل على ذلك، وأعتقد أنها تنبع في فصل الشتاء والربيع وتتجمع في هذه النقطة، لأننا لم نلاحظ وجود أقنية لتزويد هذه البئر بالماء كما هي الحال في بئر "المرصرص" مثلاً، أو وجود برك لحفظ المياه قريبة منها، وتزودها عبر قناة داخلية بالمياه كما هو الحال في "مكن أم الزيتون"، و"مكن نجران"، وقد جعل الأهالي الذين بنوا البئر سابقاً فوق الجدار الفاصل بين الجزأين "جرناً" لسقاية المواشي، ومع مرور الزمن جرت عليها عدة أعمال ترميم لتبقى صالحة لحفظ الماء، والملاحظ حرص الأهالي الدائم على هذه البئر، على الرغم من تهدم أحد أجزاء سقفها، فقاموا بطلاء جدرانها من الداخل بمواد تقليدية حديثة بغية استمرار الاستفادة منها، وحفظ الماء من التبخر، أو التسلل عبر الشقوق، بالتالي ضياعها».

الأراضي المحيطة بالبئر.

أما فيما يتعلق بالأهالي وطرق الاستفادة من البئر، ومدى الاهتمام فيها، فأوضح السيد "وليد خليل رافع" أحد سكان بلدة "عريقة" الذي التقيناه بتاريخ 1/11/2013 فقال: «من الواضح أن موقع البئر في هذه المنطقة ناتج عن غزارة المياه الهاطلة، التي كانت تتجمع فيها، فقام السكان القدماء بحفر البئر هنا للاستفادة من غزارة المياه المتجمعة، ويبدو أنهم اصطدموا عند الحفر بصخور كبيرة في الوسط فقسموها إلى قسمين، ومن الواضح أن الأمطار التي تهطل في الشتاء هي مصدر مياهها الوحيد، وقد أطلق عليها "الجاج" منذ أكثر من /200/ عام؛ لأن الرعاة كانوا يربّون الدجاج هناك، حيث يسرح ويبحث عن الطعام حول البئر، وتعتبر البئر عاملاً مهماً في جعل هذه المنطقة زراعية من خلال زرع الأهالي للأراضي بالأشجار المثمرة، حتى غدت هذه المنطقة مشهورة بزيتونها المثمر، ولوزها المعمر، والرمان الذي يكثر في المنطقة، إضافة إلى قدرتها على سقاية المواشي طوال عام كامل، فأسهم في استقرار الأهالي بالمنطقة، لكنها تحتاج إلى الترميم، وخاصة فتحة السقف التي تهدمت كلياً، وهذا يرجع إلى دائرة الآثار ومديرية الزراعة، لأنها مصدر استقرار للسكان، وكل من في المنطقة يشهد على مدى ما قدمته البئر إلى المزارعين والرعاة من فائدة».

جانب من البئر داخلياً.
الباحث "وليد أبو رايد".