تعتبر واحدة من أقدم القرى في المنطقة وأغناها، وفيها كليبة مبنية في العام 64 ميلادي، ولكن تاريخ "الهيات" يعود للألف الرابع قبل الميلاد، وانتشرت معالمها النبطية والرومانية والإسلامية في الأبنية التي ما زالت على قيد الحياة على الرغم من عوامل الزمن والتخريب والنبش. ولذلك تعتبر واحدة من القرى المهمة من الناحية الأثرية في المنطقة التي تعج بأكثر من ألف موقع أثري موثق.

مدونة وطن eSyria التقت الدكتور "علي أبو عساف" العالم الأثري المعروف، يوم الثلاثاء الواقع في 23/7/2013 وسألته عما وثقه من معلومات أثرية عن القرية، فقال: «يبدو أن القرية كانت غنية بناسها وطريقة بنائهم للبيوت القديمة الواسعة والكبيرة، وخير مثال على ذلك الدار الكبيرة والمتميزة والتي تعود للقرن السادس الميلادي، أي في العصر الغساني الذي وصلت فيه المنطقة إلى عزها ورفعتها، ومخطط الدار الكبيرة مختلف تماماً عن كل البيوت التي رأيناها في الجبل، وهي تحتوي على خمس وعشرين غرفة كبيرة وصغيرة. وتشير الوثيقة التأسيسية للبيت أنه يخص "فلفيوس سي أوس" ويظهر أن اسمه لاتيني، وكنيته عربية (سعو أو ساعي)، وكان هذا التقليد مألوفاً آنذاك، وقد بنى هذا الرجل بيته عام 578 في عهد الملك "المنذر".

بنيت كليبة "الهيات" في العام 64 ميلادي على الطرف الجنوبي للقرية القديمة، وهي من طراز كليبة "شهبا"، أو "شقا"، أو "أم الزيتون"، وهي تتألف من مصلى مربع الشكل، أو مكعب، لأن ارتفاعه يساوي طول ضلعه

وإذا كان هذا الرجل قد عاش في البيت الكبير مع أسرته فقط ومن غير شركاء، فلا شك أنهم كانوا أغنياء».

البركة السورية التي يظن أنها مسرح.

وعن الوصف المعماري للبيت الكبير، قال: «الدار مربعة الشكل تقريباً، طول ضلعها 25 متراً، يتوسطها صحن كبير. ولها مدخل واحد من الجنوب، وهو عبارة عن قبو في الجهة الجنوبية.

على الجوانب الأربعة لصحن الدار رواق ذو قناطر أربعة تحمل رواق الطابق العلوي لتتطابق الغرف في الطابقين. واجهاتها المطلة على الصحن جميلة جداً، وحجارتها منحوتة جيداً. أما جدرانها الخلفية الخارجية فهي على عكس الواجهات الداخلية مبنية بحجارة عادية. أما النوافذ فهي صغيرة في الطابق الأرضي، وكبيرة في الطابق الثاني للحفاظ على أمن البيت، وفوق النوافذ واقيات حجرية بارزة من أجل إبعاد الأمطار الهاطلة عنها.

الكليبة أو الكنيسة المتهدمة.

هذا اختصار شديد لوصف المنزل المبني وفق التقاليد الموروثة في المنطقة، ومنذ الألف الرابع قبل الميلاد، أي البيوت التي تتوسطها الفناءات الداخلية، وتنكفئ نحو الداخل، وتنغلق عن المحيط، ليظهر جمالها من الواجهات الداخلية».

وعن الكليبة التي اشتهرت في المنطقة إبان الحكم الروماني للمنطقة، قال: «بنيت كليبة "الهيات" في العام 64 ميلادي على الطرف الجنوبي للقرية القديمة، وهي من طراز كليبة "شهبا"، أو "شقا"، أو "أم الزيتون"، وهي تتألف من مصلى مربع الشكل، أو مكعب، لأن ارتفاعه يساوي طول ضلعه».

الممر السري إلى الكليبة من داخل القرية.

ويرجح العالم الفرنسي "دي فوكي" في إحدى مقالاته عن المنطقة الجنوبية التي زارها ومكث فيها طويلاً في بداية القرن العشرين: «أن شكل السقف هذا في الكليبة يرمز إلى السماء، وفي هذا المصلى يوضع تمثال الرب أو رمزه.

وفي الكليبة كانت تجرى مخاطبة الرب لمعرفة الغيب أو التكهن بالمستقبل من قبل السدنة، حيث كان يأتي الجواب من القبو تحت المصلى، وتبرز من الجدران حاملات التماثيل. ويلاحظ أن الجدران سميكة فيها ممرات تصل بين الجدران والمحاريب الجدارية».

الشيخ "محمد نوفل" إمام القرية تحدث عن الأوابد التاريخية الموجودة في القرية، وما حصل لها مع الزمن: «تمتلك القرية العديد من المباني التي تعود لآلاف السنين، وفي الحقيقة أن الواجهة الأمامية للقصر تعد تحفة فنية لا مثيل لها، وهو يبدو في حالة جيدة لمحافظة ساكنيه عليه. أما الكليبة أو الكنيسة فهي مهدمة بالكامل ولا يوجد منها سوى بعض الجدران والقناطر، وتتميز بوجود العديد من الإشارات التي تدل على مكانتها المهمة في العصر الروماني الذي حكم المنطقة طويلاً. وكذلك هناك البركة "السورية" التي تتميز بالجدران البازلتية العالية، والدرج الذي يصل لكعب البركة، وهناك قول يؤكد أن هذه البركة يمكن أن تكون مسرحاً قديماً أو مدرجاً للاجتماعات الكبيرة بسبب المدرجات والدرج اللذين بقيا على حالهما حتى اللحظة. ولكن الذي حدث للآثار القديمة كان فيه الكثير من الجهل والتخلف من قبل السكان الذين تعاقبوا على القرية قديماً بعد عصر الرومان، حيث قاموا بنهب الحجارة وتهديم الجدران والسقوف والقناطر من أجل نقلها إلى تجمعاتهم وبناء بيوتهم غير عابئين بقيمتها النادرة».