جُمع في متحف السويداء عدد من الآثار التي تنتمي لفنون متعددة وتعود لفترات زمنية مختلفة بدءاً من آثار عصور ما قبل التاريخ وانتهاءً بالعصر الإسلامي.

ومن هذه الآثار تمثال "ربة اثينا" أو "اللات" التي كان لمدونة وطن eSyria وبتاريخ 17/6/2013 لقاء مع الباحث الأستاذ "نشأت كيوان" مدير متحف السويداء الذي تحدث عنها فقال: «يوجد في المتحف عدد من القطع النموذجية التي يعود أكثرها للفترات الكلاسيكية والتي تنتمي لتاريخ المنطقة الكلاسيكي في الفترة النبطية والعصرين الروماني والبيزنطي على وجه التحديد، وكما ترون من معروضات صالات المتحف هناك تماثيل مجسمة وأعمال من الزخرفة المعمارية تمثل الربة "أثينا" التي أخذت شكلها وتسميتها المحلية "اللات" حيث وردت حسب بعض الباحثين في الأدب البابلي، وتغيرت أشكالها وأنماطها حسب الفترات التي مرت بها فقد دخلت إلى سورية بتسمية أخرى هي "أتارغاتيس" وأصبحت قرينة الرب حدد "إله المطر والبرق"، وورد اسمها في نصوص يونانية ونبطية في "صلخد وتدمر"، وقد عثر في السويداء على تماثيل متعددة لها وهي تقف بكبرياء كالتمثال المعروض في المتحف الوطني بدمشق وهي ترتدي ثوبها الشهير "البيبلوس" مع بقية عدة الحرب والقوى الحمائية، وهذا الشكل كان موضوعاً على الفئة الورقية لخمس ليرات سورية سابقاً».

إن هذه الربة كانت جزءاً من مجمع الآلهة المتعددة في حوران والتي عبدت في هذه المنطقة الإقليمية من سورية وانتشرت بشكلٍ واضح والأدلة على ذلك كثيرة من خلال الفنون التي انتشرت في حوران ككل وجبل العرب على وجه التحديد مثل العمارة والنحت والفسيفساء والمصكوكات وغيرها من الفنون، لكن يبقى الطابع المحلي المتشح بالتأثيرات المحلية الشرقية أو الوافدة الكلاسيكية هو العامل المؤثر في تكوين صورة وماهية الربة "أثينا اللات" التي جمعت بين الحرب والسلام في وقت واحد

وبالإجابة عن كون شكلها مسلحاً أوضح الباحث "نشأت كيوان" بالقول: «كانت مسلحة لكونها تعتبر إلهة الحكمة والحرب والقوة الكبرى وحامية الزراعة وزارعة الزيتون، وقد ربط السكان المحليون بينها وبين الإلهة العربية "اللات" ودمجوا بينهما، ونماذج هذا الدمج فريدة في جنوب سورية من ناحية النحت البازلتي ولا يظهر له مثيل سوى نموذج وحيد في منطقة "قنسرين" على مرتفعات الجولان، وتقليد الربة المحاربة "أثينا" نراه منذ القرن السادس قبل الميلاد في بلاد اليونان حيث كانت تمثل على هيئة تمثال ضخم وكانت توضع صورها على أوانٍ ممتلئة بزيت الزيتون وتمنح كجائزة للاعبين في الألعاب المقامة في مهرجان أثينا الذي كان يحظى بأهمية كبيرة وكان يقام كل خمس سنوات، حيث بدأت هذه الألعاب عام 565/566 قبل الميلاد، كما ساعدت النقوش الكتابية اليونانية على معرفة التكريسات التي نحتت من أجلها هذه التماثيل فنرى إحدى هذه التكريسات على قاعدة تمثال محفوظ في متحف السويداء للربة أثينا مكتوبة باليونانية ومكرسة لواحد من الأباطرة الرومان من خلال الإشارة لاسمه على القسم السفلي المفقود من القاعدة، والتي سهلت تأريخ هذه القطعة على الأرجح من منتصف إلى نهاية القرن الثالث الميلادي، كما يوجد نموذج للربة أثينا "اللات" على "ساكف باب" وعلى الأرجح هو جزء من عمارة دينية تضم هذه الزخرفة المعمارية على ثلاث شخصيات أو آلهة إحداها الربة "أثينا اللات" وهي ترتدي الدرع وتحمل ترساً ويزين صدرها "غورغون دافع الشر"، حيث يعتبر التصوير الإلهي تقليداً متوارثاً له جذوره القديمة في الشرق القديم، وقد انتشرت الربة اللات محلياً وظهر ذلك بشكل واضح في النقوش الصفائية في جبل العرب من خلال الأدعية مثل: أيتها اللات الغنية، أيتها اللات الثأر. حيث اعتقد السكان المحليين في هذه المنطقة أن بعض تماثيل أثينا كانت تمثل اللات التي تعادلها. وفي الفترة النبطية اتخذ الأنباط تسمية اللات وأطلقوا عليها ربة البيت ويقول "ولهوسن": "إن اللات هي إلهة الشمس ويؤيده في ذلك المؤرخ استرابون"».

الباحث نشأت كيوان

وتابع الباحث "نشأت كيوان" بالقول: «إن هذه الربة كانت جزءاً من مجمع الآلهة المتعددة في حوران والتي عبدت في هذه المنطقة الإقليمية من سورية وانتشرت بشكلٍ واضح والأدلة على ذلك كثيرة من خلال الفنون التي انتشرت في حوران ككل وجبل العرب على وجه التحديد مثل العمارة والنحت والفسيفساء والمصكوكات وغيرها من الفنون، لكن يبقى الطابع المحلي المتشح بالتأثيرات المحلية الشرقية أو الوافدة الكلاسيكية هو العامل المؤثر في تكوين صورة وماهية الربة "أثينا اللات" التي جمعت بين الحرب والسلام في وقت واحد».

ومن زوار المتحف الذي وقف امام التمثال المهندس "جواد شرف" بين بالقول: «حين ننظر إلى صخورنا البازلتية نشعر بالأهمية التاريخية، ولكن حينما نعلم أن حضارات تعاقبت على منطقتنا ينتابنا شعور الشجن، إذ ان تمثال "ربة أثينا، وباب ساكف الحامل لثلاثة تماثيل" تعود في تاريخهما إلى عصور قديمة وفق ما شرح لنا الأدلة الأثريون وما كتب تحت كل قطعة أثرية، يبعث فينا التساؤل والتأمل، في كيفية المحافظة على تلك الثروات الغنية الدالة على عمقنا التاريخي وثقافتنا الغابرة، وهي دعوة حقيقية لزيادة الاهتمام بالمنحوتات الأثرية والحفاظ على تواجدها وقيمتها التاريخية والاجتماعية والثقافية والإنسانية».

المهندس جواد شرف
تمثال للربة أثينا واقفة