تعتبر"البثينة" واحدة من أقدم القرى في الجبل، وكان يطلق عليها اسم "بثنة" لخصوبة سهولها الشهيرة بالفاكهة الطازجة والمتنوعة في ذلك الوقت.

وتعتبر بحسب المعلومات التي حصل عليها عدد من الأهالي من مصادر متعددة مملكة رومانية واسعة النطاق، كان مركزها مدينة "شقا" الرومانية التي كان يحكمها القياصرة الرومان وقد تحور اسمها في العصر الإسلامي عندما جاءها الشاعر العذري "جميل بثينة" الذي أطلق عليها اسم محبوبته لتشابه الأحرف والجمال بين الاثنتين.

هناك نقش موجود في قبر قديم يدل على صاحبه. ونص فيه كلمات عامية موجود بجدار كنيسة

مدونة وطن eSyria التقت الباحث الأثري الدكتور "علي أبو عساف" المدير العام للآثار والمتاحف السابق، والذي تركزت جل أبحاثه عن المنطقة الجنوبية في الآونة الأخيرة، بتاريخ 30/4/2013 حيث تحدث بداية عن القرية الأثرية بشكل عام، فقال: «تعتبر قرية "البثينة" من أقدم القرى في الناحية الشمالية من جبل "العرب"، وقد ورد اسمها في حوليات الملوك الآشوريين عند القرن السابع قبل الميلاد. ويعتبر سهلها من أخصب السهول في المنطقة، التي كانت من أملاك للدولة الرومانية، بيوتها القديمة قدم القرية، وأكثر ما يميز جدرانها تلك الكتابات النبطية المرسومة بشكل واضح على الحجارة المبنية في البيوت، وهناك مغارة تقع في تل النبي "بناما" إلى الجنوب الشرقي من القرية. وهي ما يطلق عليها الأهالي مغارة النبي "يحيى" حديثاً».

الحجر من أصل البناء وهو باللهجة المحكية القديمة

وعن هذه الكتابات وعلاقتها بالقرية أثرياً، قال: «هناك نقش في حجر أسند إلى جدار أحد البيوت، واستخدم في البناء وكلماته عبارة عن عامية يونانية، وهو غير مؤرخ، ويحكي عن معبد لربة الحظ المقدسة عند العرب القدماء، ونجد اسمها في أسماء الأعلام المركبة، ولها أيضاً معبد في قرية "عرى". يوجد في "البثينة" عشرون بيتاً وبرجان كبيران وصفت في النقش الموجود في جدار أحد هذه البيوت بالبلدة أو القرية، فهي ليست مدينة إذن. (وهو ما يرجح نظرية الأهالي على مركزية مدينة "شقا" القيصرية)، ويطلق اسمها على الأراضي المحيطة بها أي أرض "البثينة". وهناك نص منقوش في حجر تحت باب بيت ذكر فيه اسم "منعم" الذي ورد في نص منقوش على حجر في قرية "الهيت" التي تبعد غرباً عن "البثينة" مسافة ثلاثة كيلومترات تقريباً ولقبه (فستون) أي نائب أو مفوض، وهو ما يدل على أن المذكور كان موظفاً كبيراً. وفي نص آخر في حجر بأسفل برج من هذين البرجين كلام موجه إلى مراقب البرج من أجل استيعاب التعليمات الخاصة بالمراقبة...؟ والقرية على تخوم البادية حيث يقوم البدو بمهاجمتها لذا يقوم البرج بعملية الحراسة والحماية والمراقبة فهو مفيد وضروري، ومن الممكن أن يحكي النقش عن بناء البرج من قبل المدعو "منعم" كبير الموظفين..

أما النقش الآخر فهو نص في حجر مبني في جدار البرج الآخر وضع في المداميك العليا، وقد اختلف الباحثون في قراءة بعض حروفه، وبالتالي تفسير بعض الكلمات، لذلك توصف بأنها كلمات عامية، وفيها بعض المصطلحات المتكررة هنا وفي أماكن أخرى موجودة في "حوران"، واسم المكان "عديدانو"، وهو الاسم القديم لقرية "البثينة"، وقد ورد في النص اسم "إناكو" وهي "عناك" أي قرية "العانات" التي تقع على الحدود الأردنية إلى الجنوب من مدينة "صلخد". ويستبعد العالم الآثاري الشهير والرحالة "ودنكتون" أن يكون الاسم "إيناكوس" هو الاسم القديم لأراضي "البثينة"».

المكان مرمم من الأهالي (البرج) و(الكنيسة).

ويتابع "أبو عساف" شرح ما تبقى من نقوش موجودة على الحجارة بالقول: «هناك نقش موجود في قبر قديم يدل على صاحبه. ونص فيه كلمات عامية موجود بجدار كنيسة».

أما السيد "سامر عامر" أحد سكان القرية، الذي يسكن في أحد البيوت القديمة تلك، فقال: «منذ أن سكنت القرية وأجدادي يسكنون في هذه البيوت، ونحن بدورنا ما زلنا نسكن هنا على الرغم من الحاجة إلى ترميم بعض الأجزاء من الغرف العديدة، وفي بيتنا تم اكتشاف مقام النبي "أيوب" في إحدى تلك الغرف عندما كانت النار تلتهم دون وجود أي مصدر لها في الغرفة كل ما يأتي إليها عدا الزاوية التي يتوضع فيها المقام.. وعندما تكررت الحادثة عرف الشيوخ أهمية المكان فأطلقوا عليه الاسم. وفي البيت إسطبلات للخيول ومعالف كبيرة، وهناك مستودعات للأعلاف والتبن، ويبدو من كبرها أن الناس كانوا يتحضرون لأيام القحط والمحل، وأيضاً في البيت بئر روماني كبير مسور بابه بحجارة مرتبة على شكل أقواس صغيرة. ولا يبتعد البرج عن البيوت القديمة أيضاً لكنه مهدم ولم يبق منه سوى جدار واحد».

بئر روماني قديم