من يزر محافظة السويداء لا بد له أن يزور مدينة صلخد ليرى قلعتها التي مازالت شامخة تقص علينا حكايا الماضي وأحداثها الجسام،

فمدينة صلخد سميت قديما سلخة وصرخد وقد ذكر في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي أن صرخد بلد ملاصق لبلاد حوران وهي قلعة حصينة ينسب إليها الخمر فقال الشاعر فيها:

ولذ كطعم الصرخدي تركته بأرض العدى من خشية الحدثان

قلعة صلخد1920 من الشرق

وعن هذه المدينة حدثنا السيد محمد طربية رئيس جمعية العاديات بالسويداء فقال: لقد ذكرت مدينة صلخد في كثير من الوثائق التاريخية القديمة فقد ورد ذكرها في كتاب العهد القديم في الإصحاح الثالث والعاشر في معرض الرواية المتعلقة بالملك عوج ملك أدريعا /درعا وعشتروت/ باسم سلخا كما ورد ذكرها في الوثائق المصرية التي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد كرسائل تل العمارنة باسم صرخد من بين ستين مدينة محصنة من مدن باشان أما عند الأنباط فوردت باسم صلخد، اذ تقع القلعة فوق مسلة بركانية ترتفع عن مستوى سطح الارض حوالي 500 متر.

وصف الموقع:

تقع القلعة على ثالث قمة صخرية بازلتية وعلى علو يزيد على ألف وأربعمئة متر عن سطح البحر، وأهم ما يميز موقعها أنها تشرف على ريف المدينة بكامله إشرافاً دقيقاً وتشكل أعلى قمة في المنطقة وترتبط مع المواقع الأخرى بشبكة من أبراج المراقبة فالناظر منها يمتد بصره شمالاً حتى أعلى تلال جبل العرب وإلى الجنوب والشرق لا يحتجز النظر حاجز حتى مشارف البادية، يتلقى مخفر (خربة السمرا) ودير الكهف التعليمات منها واضحة وبالعين المجردة، ومن الغرب تشرف القلعة على أرض حوران بكاملها حتى مشارف الجولان وتخضع قلعة بصرى إلى مراقبتها وإشرافها ويظهر الفرق واضحاً بين ارتفاع القلعتين، وكما هو واضح من الأبنية القديمة فالمدينة كانت قد ازدحمت بيوتها على السفح الشرقي والجنوبي للتلة على بعد 40-50م من الخندق أو السور الأول وامتدت حتى خزان الماء (البركة) الذي أصبح الآن الساحة العامة للمدينة وبذلك تكون القلعة قد أخضعت البيوت السكنية لمراقبتها أيضاً وبشكل دقيق.

قلعة صلخد 1920 من الغرب

الوصف المعماري:

مدينة صلخد وقلعتها حديثاً

إن ما تعرضت له القلعة من الدمار والتخريب جراء الحروب والغزوات وما تعانيه من انهدامات وانهيارات نتيجة العوامل الجوية يجعل من الصعب الوصول إلى وصف معماري دقيق للقلعة من الداخل (فراغات داخلية– ممرات– أقبية– سراديب...).

إن لهذا الحصن شكلاً أقرب ما يكون إلى شكل الدائرة وكما يتضح فإن للقلعة سورين متتاليين أحدهما دمر ولم يبق منه سوى جزء تظهر بقاياه في الجزء الجنوبي الشرقي للقلعة والآخر يشكل الجسم الخارجي للقلعة وسنعتمد الوصف من الخارج باتجاه الداخل.

• السور الخارجي: على ما يبدو أن هذا السور بني من الحجارة البازلتية المنحوتة بدقة وعناية، تظهر بقاياه في الجهة الجنوبية الشرقية للقلعة.

• السور الداخلي: ويشكل الجدار الخارجي للقلعة وقد صمم في جزئه السفلي بشكل مائل إلى الداخل لحماية جسم القلعة الذي بني على كتلة صخرية وبذلك يكون للجدار عدة وظائف منها إسناد جدران السور وتقويتها وسد الفراغات الكبيرة الموجودة بين الكتل الصخرية التي تقوم فوقها القلعة أما الجزء العلوي من السور فيأخذ المنحى الشاقولي مع مرامي سهام متطاولة (120×10سم) وهي لاشك أنها من فترة البناء الأساسية للقلعة التي تعود إلى النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي.

• غرزت حجارة هذا السور في طبقة من الصخور الضخمة واستخدم في بنائها مادة الملاط الكلسي، وقد نحتت حجارة هذا السور بدقة عالية وإتقان متناه وهو ما يشير إلى فترة ازدهار كبيرة شهدتها القلعة في الفترة الممتدة بين 1214-1247م.

الخندق: يحيط بالهيكل الخارجي للبناء تماماً خندق ماء بنيت جوانبه بالحجارة يزيد عرضه على عشرة أمتار وعمقه نحو ستة أمتار وهو حالياً تملؤه الردميات والحجارة المتساقطة من الأعلى أما الجانبين الغربي والشمالي فما زالا يقدمان صورة وافية عن هذا الخندق.

• المدخل: وهو عبارة عن درج يتراوح عرضه بين 0.5م في بعض أجزائه إلى 2م في أجزاء أخرى وينعطف في مسارات ثلاثة تفضي إلى داخل القلعة.

• الأبراج: نميز في القلعة الأبراج المربعة والدائرية وقد وزعت بشكل تؤدي فيه عملية المراقبة بشكل دقيق على كافة الاتجاهات المحيطة بالقلعة.

• الفراغات الداخلية: لن نستطيع تقديم وصف دقيق للفراغات الداخلية للقلعة، إلا أنه وبشكل عام غرف ومستودعات القلعة وأقبيتها تأتي على ثلاث طبقات ربط فيما بينها عدد من الدهاليز والأنفاق والأبواب رسم على جانب كل باب مخطط مموه محفور على شكل أسهم ترشد المدافعين ورؤساء الأقسام إلى مواقعهم دون عناء ونظراً لكثرة هذه المستودعات جعلت بعض الباحثين يعتقد (أن أبنيتها تزيد على أبنية قلعة حلب).

وفي مقدمة المدينة خزان المدينة الضخم ويؤكد كثير من المعمرين أن نفقاً يربط فيما بينها وبين الخزان، أما في أيام النفير والحصار فتعتمد القلعة على خزاناتها والتي ذكرنا اثنين منها. ويستدل من فتحات الآبار الموزعة في جنباتها أن آباراً ربما كانت محفورة فيها ثم ضاعت معالمها بفعل الدمار. بالإضافة لذلك فهناك عدد من الآبار المحيطة بالقلعة وهي في مناطق سكنية الآن ولا يستبعد أن تكون القلعة قد اعتمدت عليها وارتبطت بها بطريقة ما.

وتعتبر مدينة صلخد الآن مركزا إداريا حيث يزيد عدد سكانها على 30الف نسمة لكن مدينة صلخد تفتقر إلى منشآت سياحية حديثة تخدم السياحة فمدينة كصلخد من المفترض تنشيطها سياحيا كي تلبي حاجة الزائرين والوافدين اليها.