تعد بلدة امتان من المواقع الأثرية الهامة في جبل العرب حيث تقع بين صما البردان وخازمة والى الجنوب الشرقي من مدينة صلخد

وترتفع عن سطح البحر حوالي 1250مترا سكنت منذ أربعة آلاف عام وعنها حدثنا البحث الأثري حسن حاطوم فقال: ذكر الدكتور علي ابو عساف في دراساته التاريخية ان اسم امتان /أمشانا/ قد ورد في حوليات الفرعون المصري، وأضاف حاطوم يوجد حول امتان العديد من الخرب في جهتها الجنوبية والشرقية والتي كانت بالأصل قرى كبيرة عامرة خلال العهود الماضية ففي بلدة امتان تم اكتشاف نصب حجري بازلتي نقشت عليه عبارات بالكتابة النبطية وقد عثر في امتان على كتابتين منقوشتين على حجر بازلتي مكرستين للإله جوبيتير اله السماء وهناك أيضا بلاطة حجرية بازلتية كبيرة نقش فوقها باليونانية نص كبير مؤلف من تسعة اسطر، وهناك باب حجري بازلتي مزخرف بنقوش شبيهة بزخارف باب خشبي تم جلبه الى متحف السويداء وقد ترك العصر الروماني في امتان أيضا العديد من الشواهد منها المنازل الجميلة كذلك بعض الكتابات المنقوشة والمنحوتات البازلتية التي تزين العديد من المنازل كما كانت البلدة قديما عقدة مواصلات هامة ينتهي إليها الطريق القادم من شبه الجزيرة العربية عبر وادي السرحان وفي حوالي النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي أصبحت امتان مدينة ثم دخلتها المسيحية منذ بدايات القرن الخامس ميلادي وكثرت أبنية القلاع وتحول الكثير منها إلى أديرة حيث تعتبر قلاع الأزرق ودير الكهف امتدادا لطريق القوافل التجارية وقد عثر على الكثير من الكتابة اليونانية المسيحية المنقوشة على حجارة بازلتية تشير الى بناء كنيسة في عهد يوحنا كما عثر على تيجان أعمدة منقوشة تحمل زخارف تمثل صلبانا وباب عرضه مترين يحمل نقشا يمثل ثلاثة صلبان وعثر أيضا على كتابة جنائزية باليونانية.

وامتان كلمة تعني في اللغة العربية، مَتَنَهُ بالسوط: ضربه شديداً، متن الشيء: مدّه، ومتن الرجل: ذهب في الأرض، ومتن بفلان: سار به يوم أجمع، ومتن بالمكان: أقام، ومَتُنَ متانة: صلب واشتد عوده وقوي، والمتن: جمع متان ومتون، الظهر، المتان، جمع مُتُنْ: ما بين كل عمودين، المتانة: الشدة والقوة، ويقال: في رأيه مَتانةٌ، المتين ج مِتان: الصلب الشديد، والمتين في أسماء الله تعالى: هو القوي الشديد الذي لا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة... (سعيد الزغير، السويداء سورية، ص:107).

من آثار امتان

وامتان من قرى صلخد وإليها ينسب شرف الدين المتاني، وكان عالماً بالحكمة والشريعة، وهو الذي حلّ لغز الحكمة عند كمال الدين بن يونس (حسن حمود جربوع، السويداء سورية، ص:115).

وبلدة امتان من مواقع جبل العرب الأثرية الهامة ذات التاريخ العريق، ويرتفع تل الخضر الواقع بقربها من الشمال الغربي حوالي 1335 متراً، ويعود تاريخ السكن فيها إلى حوالي أربعة آلاف عام على الأقل، أي منذ عصور البرونز المتـأخر والحديد.

جانب من القرية

• امتان في عصر العرب الأنباط:

قام العرب الأنباط وعلى رأسهم الملك عبيدة الأول، بقهر ملك اليهود المكابي اسكندر جانيه، ثم توغلوا بعد ذلك في أراضي مناطق حوران، وتصدوا للملك السلوقي أنطيوخوس الثالث عشر وجيوشه، فقهروه بعد معركة دامية قرب امتان، وانتزعوا الملك منه، بعد أن لقي حتفه عام 88ق.م. (الأب هنري، الفصل الثالث عشر،ص:625)

نقش يوناني

وذكر الباحث الفرنسي د.سورديل: بأن عبادة إله الأنباط (ذو الشراة) قد دخلت إلى جنوب سورية، بعد التوسع الذي حصل لدولة العرب الأنباط انطلاقاً من منطقة البتراء، فقد تم العثور على العديد من الكتابات النبطية المنقوشة (سواكف، تماثيل، أعمدة...إلخ)، تم نقش إحداها في العصر الروماني، وهذا تأكيد على الوجود العربي النبطي في جنوب منطقة حوران، ففي بلدة امتان تم اكتشاف نصب حجري بازلتي نقشت فوقه عبارات بالكتابة النبطية كرست إلى الإله النبطي ذو الشراة وتقول: (إلى الإله ذو الشراة إله سيدنا الذي يقيم في بصرى، في السنة الثالثة والعشرين من حكم الملك رب إيل ملك بلاد الأنباط، الذي يحيي ويخلص شعبه) والكتابة مؤرخة من عام93 (د.سورديل، العبادات..ص59)، وفي مكان آخر من المرجع نفسه، ذكرت العبارة التالية، وهي جزء من كتابة نبطية ترجمتها: (هذا هو المسجد (المعبد) الذي بناه...)، ويرجح أن تلك الكتابة قد أحضرت من موقع مجاور لامتان، بالقرب من (تل معاز)، وقد قام بنشره كذلك الباحث الفرنسي ر.دوسّو، كما تمّ العثور على مسلتين حجريتين في نفس المنطقة المذكورة، تعودان إلى العصر النبطي (المرجع السابق، ص106).

لقد حافظت امتان على مكانتها خلال هذا العصر الذي امتد لأكثر من قرنين من الزمن، وكان يتبع لها حينئذ قرى عديدة: خازمة، أم عويني، أم قصير، إرسع، خربة الهيجانة، أم ليوان، أم المزابل، غرابة، أبو المهيج، معاز، دير الشعير.... وغيرها.

• امتان في العصر الروماني:

بدءاً من القرن الثاني الميلادي، كانت تتواجد في امتان ومنطقتها حاميات عسكرية، كانت متخصصة بشكل رئيسي بالدفاع عن المناطق الحدودية الجنوبية والشرقية لحوران، وقد ذكرت اللوائح الرومانية التي كانت تدعى باللاتينية (نوتيشيا ديغينتاتوم) مواقع مثل: فائينا (المسمية)، وكانت مدينة هامة تقع شمالي منطقة اللجاة، موثا (امتان)، وتريكوميا (صلخد). وذكر الباحث سورديل أن فرقة الخيالة الرومانية الأولى كانت قد تمركزت في موقعي أم القطين وامتان، وحملت باللاتينية اسم (أوغوستا ثراكوم ايكويتاتا)، وعثر كذلك على كتابتين منقوشتين على حجر بازلتي مكرستين للإله جوبيتير البعلبكي (إله السماء)، ونقشت واحدة منهما بالكتابتين اللاتينية واليونانية، حيث ذكر فيها اسم الإله جوبيتير، والأخرى منقوشة على مذبح بازلتي باليونانية ومحفوظ حالياً في متحف السويداء. ويبدو أن أحد القادة العسكريين قام بإهداء تلك الكتابات إلى معبد مخصص للإله جوبيتير (د.سورديل، العبادات...ص9، 10، 43، 59، 106). وهناك أيضاً بلاطة حجرية بازلتية كبيرة نقش فوقها باليونانية نصٌ كبير مؤلفٌ من تسعة أسطر، يمثل رسالة موجهة من أحد الملوك إلى زوجته بمناسبة إنجابها طفلاً، ولاتزال هذه البلاطة معروضة أمام مضافة السيد علي الأطرش المطلة على الساحة العامة في بلدة امتان. وأخيراً هناك باب حجري بازلتي مزخرف بنقوش شبيهة بزخارف باب خشبي تم جلبه إلى متحف السويداء عام 1934 من تل الخضر قرب امتان، ويعتبر من أجمل أبواب المنطقة. (مجلة الكرنك، العدد20، 1993) وج.ماسكل، جبل الدروز، ص:115-117).

أما بالنسبة للطرق الرومانية، فقد كانت تنطلق في ذلك العصر من مدينة صلخد، ثم تتشعب إلى عدة مواقع، أحدها كان يذهب باتجاه امتان وآخرٌ إلى عرمان ثم ملح، وإن وجود أطلال لقرى قديمة تتضمن نقاطاً محصنة إلى الشرق من امتان وملح مثل (جاوة وأم قصير)، يحمل الظن بوجود طرق أخرى كانت تتغلغل في مناطق البادية، وكان الباحث الفرنسي بوادبار قد ظن ذلك أيضاً، علماً بأنه لم يتم العثور على أي من أحجار المسافات الألفية في تلك المناطق، كذلك كانت تنطلق من امتان طرق باتجاه العانات، دير الكهف، باتجاه الأزرق، ومن ثم باتجاه وادي راجل، وقد تم تنظيم تلك الطرق برصفها بالحجارة من أجل سهولة استخدامها للأغراض المختلفة، ومن المحتمل وجود عقدة مواصلات في موقع أم القطين جنوبي صلخد، فقد تم العثور على أحجار مسافات (ألفية) ضمن خراب هذه المدينة، وكذلك بينها وبين صلخد، وقد أفادنا كل من الباحثين ف.ماكلر، ر.دوسّو، أثناء رحلتهما في جبل العرب في بداية القرن العشرين، بأن هناك تفرعاً من طريق امتان- الأزرق متجهاً إلى أم القطين (رحلة في جبل الدروز، ص433) و(بعثة جامعة برنستون الأميركية، مجلد3، ص208).

لقد ترك لنا العصر الروماني في امتان العديد من الشواهد المعمارية، منها المنازل الجميلة التي لاتزال عناصرها الأثرية ماثلة حتى اليوم والعديد من سكان البلدة الحاليين يستخدمونها للسكن وللأغراض المختلفة.

كذلك بعض الكتابات المنقوشة والمنحوتات البازلتية التي تزين العديد من المنازل. كما كانت البلدة قديماً عقدة مواصلات هامة ينتهي إليها الطريق القادم من شبه جزيرة العرب عبر وادي السرحان، كما تعتبر من البلدات الزراعية الهامة، والتي جرت فيها أعمال تحديد عقارية قبل حوالي ألفي عام. (د. علي أبو عساف، الآثار في جبل حوران، ص150).

• امتان في العصر البيزنطي:

حوالي النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي أصبحت امتان مدينة ثم دخلتها المسيحية منذ بدايات القرن الخامس م، وكثرت أبنية القلاع والتحصينات الرومانية، وتحول الكثير منها إلى أديرة في العصر البيزنطي، حيث تعتبر قلاع الأزرق ودير الكهف وغيرها مع موقع امتان امتداداً لطريق القوافل التجارية المارة في وادي السرحان، مروراً بالقلاع المذكورة. وقد عثر على عدد من الكتابات اليونانية المسيحية المنقوشة على حجارة بازلتية، تشير إلى بناء كنيسة في عهد يوحنا ميتروبوليت بصرى، حوالي أواسط القرن السادس الميلادي، وكتابة أخرى ذكر فيها اسمان أسقف وأرشمندريت، كما عثر على تيجان أعمدة منقوشة تحمل زخارف تمثل صلباناً، وكذلك ساكف (حنت) باب عرضه حوالي مترين، يحمل نقشاً يمثل ثلاثة صلبان. وعثر في امتان أيضاً على كتابة جنائزية باليونانية ذكر فيها: أن سيدة من مدينة روان في بلاد الغال (فرنسا اليوم) تدعى فرانسواز دفنت في امتان عام 342م، وكان عمرها أربعين عاماً. وهذه الكتابة مبنية حالياً في صدر مضافة آل الأطرش.

وفي عام 570 أو 575م، ذكر وجود جماعة مونوفيزية (الجماعة المؤمنة بالطبيعة الواحدة للسيد المسيح) في هذه المدينة، كما ذكر وجود دير يعود تاريخ بنائه إلى العام المذكور (الأب هنري، المواقع الأثرية المسيحية، ف13، ص625). وأفادنا د.علي أبو عساف في دراساته عن وجود كنيسة بنيت في امتان عام530م (الآثار في جبل حوران، ص22و150)، وأورد الباحث الفرنسي ج.ماسكل في دراساته معلومات أفادت بوجود شبه متحف للمنحوتات البازلتية في أحد مخيمات فيلقها المتمركز قرب امتان عام1936، وكتابات يونانية مشوقة، وحمامات خاصة وصليبين منقوشين على جذوع أعمدة موجودة في منزل أحمد أبو سعيد، وثلاثة صلبان أخرى منحوتة على ساكف باب عرضه 180سم وارتفاعه 40سم، ويدل هذا على وجود كنيسة هامة من العصر البيزنطي، وخلال هذا العصر نفسه بني في امتان دير كبير ومعسكر، ومنازل كثيرة لايزال بعضها بحالة معمارية جيدة.

• امتان في العصر العربي الإسلامي:

سكنت امتان خلال مختلف العهود العربية الإسلامية، بدءاً من أوائل القرن السابع الميلادي، زمن الفتوحات المستهلة في المنطقة الجنوبية بمعركة اليرموك عام 636م، التي انتصر فيها العرب على جيوش بيزنطة. فاستخدم السكان خلال هذه الأزمنة العمائر والمباني المختلفة العائدة للعصور السابقة (النبطية، الرومانية، البيزنطية...)، واستمرّ استخدامها حتى العهود العثمانية.

وعندما قدم السكان الحاليون في امتان إلى المنطقة واستقروا فيها مع القادمين من لبنان وفلسطين وشمال سورية منذ منتصف القرن التاسع عشر استخدموا كذلك ذات المباني مع إجراء تعديلات وإضافة عناصر معمارية مختلفة عليها كي تصبح صالحة للسكن وتخزين المحاصيل والأعلاف وإيواء حيواناتهم ومواشيهم، كما قاموا بإجراء إصلاحات على أقنية المياه والبرك، وتشييد برك جديدة كي تسد حاجتهم من المياه للاستعمالات المختلفة، كذلك قاموا باستصلاح الأراضي الزراعية واستثمارها.

الأستاذ فيصل نفاع رئيس جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث قال عندما التقيناه: امتان بلدة ليست ذات تاريخ قديم وعريق فحسب، بل هي ذات تاريخ نضالي حديث أيضا فمن امتان كان إعلان الثورة السورية الكبرى في مضافة الشيخ يوسف العيسمي وامتان قدمت الكثير من الشهداء لينال هذا الوطن استقلاله وامتان ذات الاراضي الواسعة والخصبة مع قرية ذبين كانتا تزودان الجبل بالمحاصيل الزراعية من قمح وشعير ..الخ والتي كما يقال عنها بالمثل العامي (إن غلت امتان بتكفي الجبل وان أمحلت الجبل ما بكفيها)..