في الطريق إلى قرية "رساس" المعروف أن اسمها مشتق من البئر القديمة لغناها بالمصادر المائية، التي تعدّ أول قرية تصل إليها المياه بواسطة الأنابيب بعد مدينة "السويداء"، تجد على مد النظر الغطاء الأخضر يسبقك، حيث ينابيعها السبعة.

حول ينابيع قرية "رساس"، وأماكن تموضعها، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 نيسان 2019، التقت الشيخ "حمزة حمزة" إمام قرية "رساس"، الذي بيّن قائلاً: «تعدّ قرية "رساس" من القرى الغنية بالينابيع، فهي تحتوي سبعة من الينابيع؛ لكل منها قدرة غزارة خاصة بها، فحين نذكر نبع "أم الشراشيح" الواقع شمال القرية الأثرية غرب طريق "السويداء"، واليوم احتواه العمران الحالي، الذي كان غزير المياه في الماضي، ومن الأحاديث المتناقلة بين أفراد المجتمع في القرية أن النبي "أيوب" جاور ذلك النبع وشرب من مائه؛ واغتسل به إبّان مرضه، وإلى جوار النبع يقع مقام له؛ حيث العمران الأنيق، ويضاهي المزارات الكبيرة في الجبل. إضافة إلى مجموعة من العيون الصغيرة المتجاورة في رقعة من الأرض على قطر يراوح بين 100 و200 متر مربع، وكان المصدر الأساسي لمياه الشرب بعد توسع القرية، وحتى وقت قريب كان يرشح منها قليل من المياه، وهناك عين "أم النجم" المعروفة بالمغارة، التي تقع شمال القرية نحو 600 متر في أول كروم العنب شرق أرض "الرماديات"، وقد غلبت عليه تسمية "أم النجم"؛ وهو من أغرز العيون في القرية، وكان يفيد في ري الأراضي المجاورة وتفيض منه ساقية تلتقي مع الساقية التي تفيض من عين الرماديات المجاورة، وتستخدم في ري وسقاية المزروعات».

تكوّن هذه الينابيع المذكورة حالة من العلاقة بين أفرد المجتمع، إذ ما زال الناس يتخذون منها دلالة على المكان، وذاكرة تاريخية تنعش الصدر في الحكايات والأحداث والوقائع، إضافة إلى الحالة الاقتصادية وزيادة في المردود والإنتاج الزراعي من خلال ما وفرته للمزارعين في القدرة على الاستمرار بالعمليات الزراعية بريعية إنتاجية عالية، وباتت معلماً من المعالم المهمة في قرية "رساس"

وعن الينابيع التي حملت أيضاً مكانة في الذاكرة والواقع، أوضح "شبلي الأطرش" أحد أبناء القرية بالقول: «من العيون التي دخلت الذاكرة الشعبية "عين الرماديات" التي تقع شمال عين "أم النجم" بمقدار أربعمئة متر، وهي عبارة عن نبع غزير يستفيد منه السكان في الري مع مياه "أم النجم". وكانت مياهه توزع بالمحاصصة حسب الملكية، بمعدل ثلاث ساعات ونصف الساعة من الغزارة لكل "فدان"؛ وهو مصطلح محلي تبلغ مساحته 150 دونماً من الأرض الواقعة غرب القرية، ونحو 90 إلى 100 دونم شرقي القرية. وأيضاً هناك عين "أم القصب" الواقعة شرقي القرية بنحو واحد كيلو متر، وإلى الجنوب من نبع "أم النجم" بواحد كيلو متر، وهي عبارة عن نبع غزير كان سكان القرى المجاورة يأتون إليه خلال النصف الأول من القرن الماضي، وفي عام 1935 زمن الاحتلال الفرنسي بني خزان على النبع وجرّت المياه منه عبر الأنابيب إلى موقعين أحدهما وسط القرية، والثاني أمام دار الأمير "متعب الأطرش"، وقد تعاون أهالي القرية على حفر خط المياه ذاك؛ حيث حفر كل شخص مقدار طوله على الأرض، وقد كان رائد ذلك العمل الأمير "متعب" الذي تميز بذكائه بين أهل عصره.

فضيلة الشيخ حمزة حمزة

وهناك عين "ديكران"، وهو نبع صغير يقع شرقي القرية؛ وغربي عين "أم النجم" بنحو مئة وخمسين متراً، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى شخص أرمني جاء إلى القرية طالباً للعمل، حيث عمل على حفر هذه العين واستخرج منها النبع. كذلك هناك عين "فؤاد"، وهي عين ماء تم اكتشافها وحفرها من قبل الراحل "فؤاد الأطرش". وأخيراً في القرية يوجد "المطخ"، وهو عبارة عن مجمع مياه في منخفض طبيعي قديم جداً على شكل حفرة كبيرة وواسعة، تم تجهيزه من قبل الأهالي لجمع مياه الأمطار من المسيلات المائية التي تم توجيهها لتصب فيه، ومصدرها من المياه التي كانت تفيض من عين "أم القصب" ومسيل مائي يصب فيه من جهة الشرق، وكان السكان يستفيدون منه في سقاية المواشي من أغنام وماعز وخيول وأبقار وغيرها».

وبيّن "طلال أبو حمدان" تأثير تلك الينابيع في أفراد المجتمع بالقول: «تكوّن هذه الينابيع المذكورة حالة من العلاقة بين أفرد المجتمع، إذ ما زال الناس يتخذون منها دلالة على المكان، وذاكرة تاريخية تنعش الصدر في الحكايات والأحداث والوقائع، إضافة إلى الحالة الاقتصادية وزيادة في المردود والإنتاج الزراعي من خلال ما وفرته للمزارعين في القدرة على الاستمرار بالعمليات الزراعية بريعية إنتاجية عالية، وباتت معلماً من المعالم المهمة في قرية "رساس"».

نبع أم الشراشيح
شبلي الأطرش