عندما تأخذنا الخطوات صعوداً إلى "سيع" التابعة لقرية "قنوات" نتلمس خصوصية هذه البقعة التي تفيض بمياه نقية عبر آبار حجرية لاصقت المنازل ولم تخرج من الخدمة لغاية هذا التاريخ.

مدونة وطن "eSyria" حاولت من خلال جولة بتاريخ 13 كانون الثاني 2015، التعريف بحالة معاشة في تلة "سيع" التي تجاور بلدة "قنوات" وتتبع لها إدارياً، وبقي سكانها يستمدون من آبار جاورت المنازل مخزوناً من الماء العذب لمياه الشفة النقية، فالتقينا العم "حسين زين الدين" أحد سكان "سيع" الذي يستفيد من بئر منزلية اعتبرت ركناً أساسياً في منزله الجبلي، وقال: «لا يكفي للزائر إلى قريتنا الصغيرة بوصفها جزءاً من قرية "قنوات" الاكتفاء بزيارة التلة والتمتع بمناظرها الجميلة، فمن المفيد له أن يطرق باب أحد المنازل ليعاين ويستكشف أن منازلنا التي سكنت منذ أقدم العصور، وتحمل الصفة الريفية الجميلة ترتوي من مياه الآبار الحجرية القديمة التي حافظنا عليها بتكوينها الصخري القديم.

بالنسبة لنا تعاملنا منذ القدم وفق طرائق الأجداد مع هذه الآبار، نحافظ على نظافتها ونترقب ارتفاع مناسيب الماء فيها وخيرها الذي خفف علينا مشاق الحياة لكوننا فلاحين نعتمد على الزراعة وتربية المواشي والدواجن وحاجتنا للماء كبيرة، هذه الآبار ثروة مائية لا تقدر بثمن ولا يمكن تعويضها، حيث نجد في التلة ما يزيد على عشرين بئراً منتشرة في المنازل كلها بحالة مناسبة؛ بعضها يتأثر بالجفاف والباقي يقدم الماء العذب على مدار العام، لذلك نتمكن من رعاية الأشجار المثمرة وزراعة الخضار والاستفادة من كل قطرة ماء نرشفها من بين الصخور

فخلف منزلي المقابل للمعبد الأثري في "سيع" الذي يجذب عدداً كبيراً من السياح للزيارة، تستقر بئر؛ هي موردنا الدائم لمياه الشرب والاحتياجات المنزلية، فقد عاصرنا هذه البئر وشربنا من مياهها النقية ونزلنا إليها عدة مرات لنستطلع حجمها، هنا ترشح الماء من بين الصخور نقطة نقطة، لتخزن في هذه البئر التي نستخدمها على مدار العام، ولم تنخفض مناسيب الماء فيها إلا خلال العام الفائت بفعل الجفاف وانخفاض منسوب الأمطار، حيث كان الاعتماد لفترات طويلة على البئر قبل أن نستعين بمياه الصهاريج لمدة شهرين تقريباً».

البئر المجاورة لمنزل العم حسين زين الدين في سيع

عدة آبار تضاف إلى هذه البئر يستجر الأهالي مياهها لتبقى مياه الشبكة للأعمال المنزلية، يضيف: «بالنسبة لنا تعاملنا منذ القدم وفق طرائق الأجداد مع هذه الآبار، نحافظ على نظافتها ونترقب ارتفاع مناسيب الماء فيها وخيرها الذي خفف علينا مشاق الحياة لكوننا فلاحين نعتمد على الزراعة وتربية المواشي والدواجن وحاجتنا للماء كبيرة، هذه الآبار ثروة مائية لا تقدر بثمن ولا يمكن تعويضها، حيث نجد في التلة ما يزيد على عشرين بئراً منتشرة في المنازل كلها بحالة مناسبة؛ بعضها يتأثر بالجفاف والباقي يقدم الماء العذب على مدار العام، لذلك نتمكن من رعاية الأشجار المثمرة وزراعة الخضار والاستفادة من كل قطرة ماء نرشفها من بين الصخور».

أفادنا بمعلومات عن آبار "سيع" وفق رؤية كوّنها الأستاذ "هشام أبو سعد" خريج كلية الآثار والمتاحف من أبناء قرية "قنوات"، وبيّن أن هذه الآبار نقرت بيد الإنسان في عصور قديمة كما يظهر، وقال: «بالمقارنة مع التخطيط المائي القديم في بلدة "قنوات" وطريقة استجرار المياه من "قنوات المدنية" لتوزع على المناطق السفلى يفترض أن يتكرر في "سيع" ذلك التخطيط، لكن لغاية هذا التاريخ لم تظهر آثار تؤكد ذلك، وما نعلمه أنه إلى جانب آبار المنازل توجد بئر بالموقع مقابل معبد "ذو الشراه" تماثل ما تواجد في منازل "سيع"، وهذه البئر غير مستهلكة، ووفق قصص التاريخ فقد كان وجودها للتطهر من قبل المصلين والقائمين بأعمال المعبد في تلك الأزمنة؛ كما نقلت الوثائق التاريخية لتلك المرحلة.

العم حسين زين الدين

ومن المتابعة النظرية لهذه الآبار فإنها عبارة عن أحواض تمنع نفوذ الماء، وتوضع الأحجار فيها يدل على أنها "مطوية" كما يقال باللغة الدارجة؛ بمعنى مبنية بمهارة وطريقة مناسبة لحفظ كميات كبيرة من المياه النقية، لكن اللافت في هذه الآبار التي تنتشر بين المنازل في مناطق مناسبة لاستجرار مياهها بقيت كل هذه العصور على حالتها القديمة، ولم تتعرض للأذى إلا بشكل عارض لكون أهالي القرية قدروا قيمة ما تقدمه من مياه عذبة ونقية، محمية من التلوث، والغطاء الحجري دليل على ذلك، وهو ما يظهر الصنعة المحلية في تلك المرحلة والحرص على عدم تلوث المياه وتغطيتها دائماً.

وبالنسبة للبئر المجاورة لمنزل المعمر "حسين زين الدين" فهي تتسع إلى ما يقارب ثلاثة أمتار بشكل أفقي؛ بعمق يقارب الأمتار الثلاثة أيضاً، وفي كل الحالات فهذه الآبار قدمت دافع البقاء لسكان القرية لكونها ساهمت في تقديم احتياجاتهم من الماء في سنوات كانت مياه الشبكة قليلة، هنا لكل منزل بئر تظهر علائم الخير عليها في موسم الربيع بعد الأمطار والثلوج لتفيض بالخير والمياه العذبة التي تعد ميزة هذه التلة على الدوام».

الأستاذ هشام أبو سعد يطلع فريق eSyria على البئر