من يزور بلدة "الكفر" وينظر إلى الشمال الشرقي منها يشعر بتناغم موسيقي بين حفيف أشجار السنديان، وجدول مياه عذبة بباطن تل "القليب"، ومن يتجول فيه يشعر بجمال منظره وقدرته لاستقبال الأطفال، في ربيعه وصيفه، وهو الملجأ لأسرار الكثيرين بجولاتهم تحت أفيائه.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 24 كانون الأول 2014، زارت موقع "القليب" وجالت في قمته، والتقت أحد أهالي قرية "الكفر" الباحث والأستاذ الجامعي "فادي حديفة"، الذي قال عن مكانته التاريخية ورمزيته: «يعد تل "القليب" ثاني أعلى قمة في "السويداء"، يرتفع عن سطح البحر 1700 متر، ويحمل دلالات عديدة، و"قليب" يقع على بُعد 12كم للجنوب الشمالي لمدينة "السويداء"، وقد ورد ذكره في أسفار القدماء، فعمره من عمر المنطقة كتشكل بركاني، وقد كثرت الروايات حول سبب تسميته؛ فمنهم من قال: "إنه تصبير للقلب" وهذا المعنى يعاكس الواقع، إذ لا يمكن القياس بهذه الطريقة، ومنهم من نسبه إلى "كليب" أي من قبائل "تغلب" العربية إلى أن الحقيقة الأقرب عربياً ولغوياً أن "القليب" يعني "البئر المطوي من الحجارة" ويلفظ "قاليب" وخفف اللفظ ليصبح "القليب"؛ وهذا ما يؤكده واقع الحال حينما خضعت المنطقة إلى شح أو ندرة المياه في جبل العرب منذ القديم ما جعل الرومان يقيمون "البرك" في أي مكان فيه تجمع سكاني، والدليل الفعلي أنه تحت قمة "القليب" العليا بئر ماء مطوية بالحجارة ومغارة لتجميع المياه، وعلى كتفه الغربي وجد بئر ماء، إضافة لوجود معبد يعود للعصر "النبطي" للإله "ذوشرات" ويطلق عليها حالياً بئر "أبو خشبة"، وقد أزيلت معالمها الحقيقية نتيجة التنقيب الجائر عن المعادن الثمينة وأصبح أثراً بعد عين، إلا أن الدلائل على وجوده ما تزال ملموسة، وقد احتل "القليب" أهمية استراتيجية في كافة الأزمان من الرومان إلى العثمانيين والأنباط والفرنسيين وصولاً إلى العهد الوطني».

عبر التاريخ استخدم تل "القليب كنقطة استراتيجية لنقل الإشارات بالنار وغيرها، إذ كان ذلك بين المجاهدين والثوار أيام الثورة السورية الكبرى، وهو دلالة على "الفزعة" أي المساندة والمساعدة من أهل الجبل للمناطق البعيدة مثل جبل الشيخ وغيرها من المناطق، واليوم هو من أخصب الأراضي المزروعة، يحتوي على آلاف الأشجار المثمرة، وقد جادت طبيعة المكان على طبيعة أشجار من أنواع مختلفة "كالسماق واللوز والسنديان"، ولهذا تجده في الربيع يزهو بعبق "الخزامى" المنتشرة بكثافة، ولا يمكن أن ينكر أحد أنه معلمٌ سياحيٌ يقصده الزوار في كل عام لإطلالته البهية ونقاء هواء المنطقة إضافة لرمزيته الجميلة المغروسة في أذهان أبناء الجبل كرمز للمنعة والقوة والصمود والثبات، والواصل إلى قمته يستطيع استشراف العديد من المناطق والبلدان المجاورة وصولاً إلى جبل الشيخ

وعن المكانة الاستراتيجية لتل "القليب" أوضح أحد أهالي قرية الكفر "سعيد حديفة" بالقول: «عبر التاريخ استخدم تل "القليب كنقطة استراتيجية لنقل الإشارات بالنار وغيرها، إذ كان ذلك بين المجاهدين والثوار أيام الثورة السورية الكبرى، وهو دلالة على "الفزعة" أي المساندة والمساعدة من أهل الجبل للمناطق البعيدة مثل جبل الشيخ وغيرها من المناطق، واليوم هو من أخصب الأراضي المزروعة، يحتوي على آلاف الأشجار المثمرة، وقد جادت طبيعة المكان على طبيعة أشجار من أنواع مختلفة "كالسماق واللوز والسنديان"، ولهذا تجده في الربيع يزهو بعبق "الخزامى" المنتشرة بكثافة، ولا يمكن أن ينكر أحد أنه معلمٌ سياحيٌ يقصده الزوار في كل عام لإطلالته البهية ونقاء هواء المنطقة إضافة لرمزيته الجميلة المغروسة في أذهان أبناء الجبل كرمز للمنعة والقوة والصمود والثبات، والواصل إلى قمته يستطيع استشراف العديد من المناطق والبلدان المجاورة وصولاً إلى جبل الشيخ».

الأستاذ فادي حديفة

الدكتور "أسامة صادق" الذي قال عن بلدته: «حين نذكر بلدة "الكفر" لا بد أن يذكر معها أمران اثنان، يختلف كل منهما عن الآخر، الأول أنها فاتحة معارك الثورة السورية الكبرى في التاريخ المعاصر، والثانية أنها تقابل بعلاقة تناغم ثاني أعلى قمة في جبل العرب "القليب" الذي سميت باسمه وتغنى به وبشموخه الشعراء والأدباء، وحين ندخل في خدماته الإنسانية والاجتماعية نشعر بأننا أمام مكان يحمل من التاريخ عبق الماضي ومن الحاضر الدافع للتقدم والتنمية والاستثمار، يدفعنا هذان الأمران -بين الماضي والحاضر- للاعتراف بأن أطفالنا وزوارنا من المحافظة وخارجها من أقصى المحافظات السورية والسياح العرب والأجانب يقصدونه ليس لأنه تل مرتفع يشرف ويطل على العديد من القرى والبلدات؛ بل لأن النفس البشرية تشعر بأهمية المكان فيدخل الفرح والسرور، ولهذا هناك علاقة بين أهالي بلدة "الكفر" و"قليب"؛ تكمن تلك العلاقة في منح الشخصية الإصرار على الثبات».

الدكتور أسامة صادق
جولة لفريق بلدتي في القليب