عاد بقوة ليفرض جماله على واجهات المنازل بحضور يختلف عن السابق، هذه العودة جاءت على يد كوادر هندسية درست واختبرت طرق إكساء الأبنية العصرية بـ"البازلت" الأسود، وأنواع من الحجر "الغشيم".

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1/11/2013 رصدت من خلال جولة في أحياء المدينة الإقبال على تهيئة هذا الحجر لاستخدامات أوسع كفلها خبراء أكاديميون كانت لهم تجارب في طرح هذه المادة المحلية كعنصر صالح للاستثمار في حالات مختلفة، لنتلمس لمحة بازلتية تطبع على واجهات البنوك ومجموعة من المباني وأسوار الحدائق، ومنها تجربة حدثتنا عنها مديرة البنك الدولي للتجارة والتمويل السيدة "سهاد غانم" حيث تم تصميم واجهة المصرف باستخدام "البازلت"، وكان خياراً مناسباً ينسجم مع الحالة العمرانية القديمة لهذه المدينة كما حدثتنا بالقول: «بناء على لقاءات مع المهندسين المشرفين وهما المهندس "وليد شعيب" والمهندس "منهال وهب" والاتفاق على تنفيذ مقر البنك برؤية عبرنا عنها لتقديم نوع من الجمالية إلى فرع جديد للبنك الدولي للتجارة والتمويل في المدينة، فالمطلوب تقديم صورة تنسجم مع روح المدينة وظهور "البازلت" في تكويناتها العمرانية القديمة والحديثة، وكان التصميم عبارة عن نوع من "البازلت" المعالج بتقنية عالية ونال التصميم موافقة الإدارة لانسجامه مع البيئة المحيطة، والتقدير لفكرة المشرفين الهندسيين على فكرة استثمار "البازلت" لتكون رسالة تقدم إلى المجتمع للتعريف بمادة خام قابلة للاستخدام بتصاميم فيها تفاصيل كثيرة تتلاقى مع الإبداع وعشق المهتمين لهذه المادة التي قاومت الزمن».

بين الواقع الحالي وما مضى فارق كبير فقد غاب "البازلت" وكنا لسنوات طويلة نستخدم الرخام ومن خلال مشاريع هندسية كبيرة طبقها المختصون أصبحنا نعود بالتدريج إلى التعامل مع حجر "البازلت" وفي كل يوم تظهر استخدامات جديدة، وقد ظهرت أعمال داخل المدينة باستخدام الحجر "الغشيم" أو الاستفادة من الوجه الخارجي للصخور كلها تفاصيل أتقنا التعامل معها لتتحول بعض الأبنية إلى لوحات طبيعية جميلة تبهج الناظر إلى جانب الاعتماد الكبير على "البازلت" المقصوص والمنعم لمداخل الأبنية والحدائق والشرفات التي تحلت بنوع جديد من الجمالية التي نجدها منسجمة مع البيئة المحلية

المهندس الاستشاري الهندسي والمتخصص في مجال الإكساء المتبني لفكرة استثمار "البازلت" المهندس "منهال وهب" عرض لتجربة كانت بصمة جديدة في عالم استخدام "البازلت" في عمليات الإكساء وقال: «من خلال التصميم والإشراف على مشروع متحف "السويداء" الذي يعتبر الظهور الأول لـ"البازلت" في عملية إكساء الأبنية الكبرى، وفكرة حرصت على تنفيذها لقناعتي أن "البازلت" خامة حاضرة ولا يمكن تغييبها، لوصفها بالمكون الأساسي لبنية المدينة القديمة أثبت الزمن قدرتها على المقاومة وعدم التأثر بالعوامل الطبيعية لآلاف السنيين، والسؤال لماذا لا نستخدمها وهي مادة متوافرة قادرة على المنافسة؟

واجهة بنك من تصميم المهندسين منهال وهب ووليد شعيب

لكن في تلك الفترة حاصرتنا معوقات فنية لسبب أساسي وهو أننا عندما توجهنا إلى الإسمنت غابت عن الساحة حرفة تقصيب الحجر، واليد العاملة في بناء الحجر أصبحت نادرة الوجود، ولتطبيق الفكرة وما تعني لنا هذه العملية لكوننا نقوم بإكساء متحف لابد أن ينسجم بالمضمون والشكل مع البيئة المحيطة، وكانت فكرتي تطبيق فكرة بناء "الكلين" وهي طريقة قديمة استخدمها البناؤون في منطقتنا ليكون الجدار على طبقتين.

لكن لما سبق عرضه من صعوبات اكتفينا بتنفيذ الطبقة الخارجية من الحجر وكانت الطريقة باستثمار جهود القصابين العاملين في قص الحجر ليكون العمل اليدوي مهمتهم، وبعدها تأسس أول مقص للحجر في المحافظة، ما ساعدنا في إتمام المشروع من جهة وأخذت فكرة العمل بـ"البازلت" تتطور من خلال إنشاء مقصات حديثة ساهمت في التوجه إلى "البازلت" حيث توافرت التقنية اللازمة للقص وانتقاء الشكل المناسب لقطع بازلتية سوداء لكسوة الأبنية.

المهندس منهال وهب

وقد أعددت دراسة قدمتها في مؤتمر في مدينة "عمان" تتمثل في دراسة الجدوى من إنشاء مقص للحجر أي مقص لـ"البازلت" حيث تحسين فرص الاستفادة من حجر "البازلت" إلى جانب فرص العمل بوصفه استثماراً رابحاً وأثر ذلك في إطلاق أفكار جديدة ومبتكرة للإكساء المقاوم للزمن والجميل في ذات الوقت».

وعن أفكار أخذت تتطور في ذهن المصممين والمنفذين وما نفذ من تصاميم مختلفة لمصلحة القطاع الخاص حققت مضمون الجمالية، ليظهر ذلك في ساحات المدينة والريف أضاف المهندس "منهال وهب" بالقول: «توافر مقصات الحجر الكهربائية فتح نافذة على خيارات جديدة ليكون الاستخدام للحجر (المبوز أو المدقوق أو المعجن) وأشكال أخرى لوجه "البازلت" الخارجي وبقياسات ساهمت في تطوير العمل المهني ليعود عدد من العاملين في المجال إلى مهنة باتت تطلب بشكل واسع، لكن ومن خلال التجربة الشخصية كان لدينا معوقات ترتبط برغبة جزء كبير من أصحاب المباني الحديثة الذين حرصوا على استخدام تصاميم عصرية لكن وبعد إنجاز مشروع المتحف تم إدخال "البازلت" إلى جانب الحجر الأبيض لكن مرحلة إثر أخرى، وجمال ما نفذ من أبنية شجع على تعزيز رغبة الأهالي في استخدام هذا الحجر لنصل إلى مشهد جميل يفرض حضوره على ساحة المحافظة.

ظهور استخدامات جديدة للحجر الغشيم في أسوار الأبنية

هذا العمل ترافق مع دراسات منها تطرح استخدام الحجر "الدبش" و"الغشيم" وهي تسميات للحجر بحالته الطبيعية كما يوجد في البراري، كل هذه التجارب والدخول القوي إلى عملية الإكساء للفيلات والمشاريع الكبرى، تظهر قيمة هذه الخامة القادرة على إطلاق خيال المبدعين، واليوم تنوعت الاستخدامات للأرصفة والساحات وتشكيلات جميلة باتت تظهر بشكل واضح على المشهد العام للمدينة».

اليد العاملة كانت ركناً اتكأت عليه أفكار الإشراف الهندسي المبتكرة بشهادة المهتمين، ومساعداً في إظهار الأفكار النظرية إلى العيان، وعودة مهنة تركيب الحجر وتطويرها بما ينسجم مع الأفكار الهندسية ومنهم المهني "عماد معروف بركة" الذي بين واقع العمل الذي تطور ببروز فكرة الاعتماد على "البازلت" وقال: «بين الواقع الحالي وما مضى فارق كبير فقد غاب "البازلت" وكنا لسنوات طويلة نستخدم الرخام ومن خلال مشاريع هندسية كبيرة طبقها المختصون أصبحنا نعود بالتدريج إلى التعامل مع حجر "البازلت" وفي كل يوم تظهر استخدامات جديدة، وقد ظهرت أعمال داخل المدينة باستخدام الحجر "الغشيم" أو الاستفادة من الوجه الخارجي للصخور كلها تفاصيل أتقنا التعامل معها لتتحول بعض الأبنية إلى لوحات طبيعية جميلة تبهج الناظر إلى جانب الاعتماد الكبير على "البازلت" المقصوص والمنعم لمداخل الأبنية والحدائق والشرفات التي تحلت بنوع جديد من الجمالية التي نجدها منسجمة مع البيئة المحلية».

الجدير بالذكر أن التكلفة المادية للقص وتهيئة "البازلت" لتلبيس الواجهات والاستثمار بالعمل ليست منخفضة، لكنها مرغوبة اليوم كمادة بفعل مقاومتها للزمن، وحالة من الجمالية تفرض نفسها لنجد من تجرأ على استخدامها في وسط المدينة في تسوير الأبنية الكبيرة، وقد أضافت لمحة جميلة إلى المكان.