على مدى عقود طويلة بقي سوق "الصاغة" القديم الملاصق للحمامات الرومانية الأثرية الشهيرة، صامتاً بلا حراك، تعلو حجارة أرضه الأعشاب، وتشتاق جدرانه للصخب، غير أن عدداً من النساء المتميزات حوّلنه خلال أيام قليلة إلى سوق شعبي يعج بالحياة.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "نور الهدى حسين عزام" يوم السبت الواقع في 5/10/2013 المولودة في قرية "تعارة" عام /1947/ حيث تحدثت عن مشاركتها في السوق الشعبي، فقالت: «أعمل في صناعة القش منذ نصف قرن، وأتيت من قرية "بارك" للمشاركة في السوق الشعبي لمدة ثلاثة أيام فقط. غير أن النساء المشاركات في السوق قررن الاستمرار في تقديم إنتاجهن أمام الناس الذين يأتون جميعاً مع أبنائهم، وعلى الرغم من قلة البيع والتعب بالنسبة لي إلا أنني أشعر بالسعادة تغمرني وسط مجموعة من النساء اللواتي قررن محاربة الفقر بعزيمة كبيرة من خلال عرض منتجاتهن التقليدية، والطعام والأغذية الريفية، والخبز العربي، و"المناقيش". وبغض النظر عن البيع والشراء بالنسبة لي، أعتبر وجودي بحد ذاته فرصة لا تتكرر للتعرف على الناس، وتغيير نمط حياتي لما تبقى لي من العمر».

قدمت البلدية في "شهبا" ودائرة "الآثار والمتاحف" المحلات في السوق بشكل مجاني، ورمزي من أجل استمرار السوق، ونحن مع عدد من الجمعيات الأهلية والداعمين قدمنا عدداً من منتجات المبدعين الشباب لعرضها أمام الناس وكنا نعلم أن المهرجان الذي أقيم في "شهبا" مدته ثلاثة أيام فقط، غير أننا قررنا الاستمرار في السوق، لمؤازرة السيدات اللواتي قررن الاستمرار هنا من أجل بقائه عامراً على مدى العام. وهي خطوة جميلة وتنمي الكثير من القيم الأصيلة بين الناس، وتخلق فرص عمل جديدة للموهوبين من مختلف الشرائح والمناطق في المحافظة

الدكتور "فندي جمول" الذي قدم مع أفراد عائلته، ومجموعة من الأصدقاء تحدث عن السوق القديم بالقول: «سمعت من المراجعين في العيادة عن السوق، وما يحتويه من منتجات شعبية، ومأكولات محلية جاهزة، فأثارني الفضول للذهاب إلى أقدم معلم أثري مازال صامداً حتى اللحظة بمحلاته الرائعة، والطريق المرصوف بالحجارة البازلتية التي تقاوم المطر والحرارة، والأهم من كل ذلك الاتساع الكبير الذي يسمح للأطفال باللعب والمرح، وقد شدتني مجموعة من الأعمال التقليدية المبتكرة من قبل سيدات مبدعات قررن العمل على كسر الجمود والروتين في حياتهن وحياة هذا السوق الذي يعود إلى أيام الإمبراطور "فيليب العربي". وأتمنى أن يبقى على مدى العام ولا يبقى أسير المهرجانات والمعارض، ويعود إلى سباته من جديد».

السيدة "نور الهدى عزام" تصنع طبقاً من القش.

وعن المنتجات التي يقدمها السوق، تحدثت السيدة "مي مكارم" إحدى المشاركات، بالقول: «في بداية السوق المقابل للمتحف الوطني يوجد محل كبير لبيع وصناعة لوحات الفسيفساء، وعدد كبير من الأواني التراثية والأشغال النسائية مثل صناعة القش، وفي الجهة المقابلة هناك معرض للوحات الفنانين من المحافظة، وهي معروضة للبيع في حال رغب أحد المهتمين في اقتنائها، وبعد ذلك تفترش المحلات المتعددة والأرصفة أعمال السيدات المشاركات المتمثلة في الأعمال اليدوية مثل: (التطريز والحياكة والتريكو، والإكسسوارات المصنوعة يدوياً، والتحف واللوحات المصنوعة من "توالف" البيئة، وأشغال السيراميك) التي تقوم سيدة من المدينة بصناعتها مع أكثر من ثلاثين سيدة وفتاة، وتقوم بتصديرها إلى خارج القطر. وبالنسبة للأغذية التقليدية مثل صناعة "الزبيب والدبس" والمأكولات الشعبية المعلبة في أكياس صحية وتضم: "الشيش برك، والمغربية، والحلويات التقليدية، والكشك، وطحين الشعير، والتين المجفف، والمربيات الأخرى، والألبان والأجبان" وغيرها، فهي موجودة بكثرة وتلاقي إقبالاً كبيراً من قبل الزائرين، وهناك زوايا للطعام التقليدي الصحي تقدمه سيدة من "السويداء" تعتمد فيه على النباتات فقط، وتقدم: "المناقيش، والكبة، واللزاقيات، والكوسا المحشي، والمخللات الطبيعية، والفلافل" وكل طعامها خال من الماجي واللحوم والبصل والثوم، ونكهته رائعة ويلاقي إقبالاً كثيفاً، إضافة إلى صناعة الخبز و"المناقيش" على الصاج. وهناك مكان لصناعة القش من أطباق وسلل متنوعة».

السيد "تيسير العريضي" رئيس جمعية "الوفاء لذوي الاحتياجات الخاصة"، تحدث عن تعاون الجهات العامة مع المواطنين في السوق، فقال: «قدمت البلدية في "شهبا" ودائرة "الآثار والمتاحف" المحلات في السوق بشكل مجاني، ورمزي من أجل استمرار السوق، ونحن مع عدد من الجمعيات الأهلية والداعمين قدمنا عدداً من منتجات المبدعين الشباب لعرضها أمام الناس وكنا نعلم أن المهرجان الذي أقيم في "شهبا" مدته ثلاثة أيام فقط، غير أننا قررنا الاستمرار في السوق، لمؤازرة السيدات اللواتي قررن الاستمرار هنا من أجل بقائه عامراً على مدى العام. وهي خطوة جميلة وتنمي الكثير من القيم الأصيلة بين الناس، وتخلق فرص عمل جديدة للموهوبين من مختلف الشرائح والمناطق في المحافظة».

بعض المنتجات على الأرصفة لعرضها أمام الناس.
المساهمون في السوق عازمين على الاستمرار.