في قرية "الثعلة" لا تحتاج للسؤال عن أوقات ومواعيد الزراعة لأنك بشكل طبيعي ستلاحظ حركة الجرارات والبذارات ومختلف الآليات الزراعية التي تعلن عن ذلك، فهي طقوس وتقاليد تتكرر في كل عام.

"الثعلة" التي تبعد 12 كم عن مدينة "السويداء" وتعتبر بوابتها الغربية، يتبع لها قرى "الأصلحة"، "الدارة"، "سكاكة"، هذه القرى التي تعد امتداداً لسهل "حوران" المشهور بالخصب والتربة الحمراء الغنية، وهي منطقة استقرار ثانية بالنسبة لزراعة الحبوب وأهمها القمح، الذي يزرع في هذه الفترة من العام.

يوم البذار من الأيام السعيدة في هذه القرية نستعد في وقت مبكر نحضر البذار ومستلزمات العمل وننطلق. الأعمال في هذا الشهر كثيرة حيث نتابع كامل الأراضي التي نقرر زراعتها وبعد هطول الأمطار نحرثها للقضاء على الأعشاب البرية التي تتشابك وقد تؤذي الزرع وهي أعشاب تظهر مع بداية الهطل، وهنا لابد من تنظيف الأرض بهذه الطريقة قبل البذار، ولها تقليد يتعارف عليه الفلاحون وعليه يحدد نوع السكة التي سيتم استخدامها لتكون مناسبة لتقليب التربة وتهويتها بالشكل المناسب. في السابق كان الأجداد يعتمدون على زراعة "العفير" حيث تنثر الحبوب وبعدها تتم حراثة الأرض ويقولون حسب التعبير الشعبي أنا "العازق والله الرازق" اليوم نعتقد بالمقولة لكن لا نخاطر بالزرع قبل هطول غزير للأمطار لأن الخسارة قد تكون كبيرة

موقع eSuweda رافق مزارعي القرية في أحد أيام البذار ليتعرف على تقاليد هذا الموسم ومدى ارتباطه بالأهالي الذين يعلقون الآمال على إنتاج الحبوب بوصفها المورد الأهم لكفاية الأسرة وتأمين مؤونتها، إلى جانب دوره الواضح في زيادة الدخل في حال كانت الأمطار الموسمية مناسبة حيث تتضاعف إنتاجية الدونم الواحد.

كرم مظلومة يتفقد البذارة

وكانت حصيلة اليوم أحاديث للمزارعين عن عادة الكبار في هذا الموسم، السيد "كرم مظلومة" قال لموقعنا: «القمح المحصول الأهم لهذه القرية وهو منحة السماء لأنه لغاية هذه اللحظة مازال يزرع بعلاً معتمداً على الأمطار في فصل الشتاء، مع العلم أن هذه الزراعة تطورت من حيث المعدات وطرق الزراعة لكن مواعيدها والفترات المناسبة للبذار لازالت على حالها ونطبقها حسب ما تعلمناه من الآباء والأجداد، حيث تبدأ بعد استطلاع الري أي الحفر في التربة وهي تربة حمراء عميقة وبحفرها لعدة سنتيمترات يظهر الري الناتج عن الأمطار وبالتالي فكبار السن يقومون بهذه التجربة حيث يقيسون مقدار التربة الرطبة وعليه يحددون إذا كان الوضع مناسباً للزراعة أو انتظار غيث السماء.

اليوم تغيرت الظروف ولم تعد الزراعة على البركة فعندما نشعر بأن معدل الأمطار خاصة في شهر كانون أول منخفضاً فإننا بشكل طبيعي وغيرنا من مزارعي القرية لا نزرع لأننا نتوقع الخسارة، في السابق لم يكن الأجداد ليقتنعوا بهذه الفكرة لأنهم لا يملكون غير هذا العمل ولأنهم مزارعون بالفطرة، هذه الأيام خوفاً من خسارة البذار وتكاليف الحراثة وأصبحنا نتأنى ولا نغامر فإذا كانت أمطار شهر كانون أول وكانون ثاني قليلة فإن الجزء الأكبر من الأراضي يبقى بوراً وهو التعبير الشعبي عن الأرض التي لا تزرع.

العم صالح العلي يستعد ليوم عمل

هذا العام وحسب ما تناقل أهالي القرية فالري لغاية العاشر من الشهر الأول من العام الحالي يتجاوز 40 سنتيمتراً، وبالتالي فموعد الزراعة قد أزف وعليه حركنا البذرات والجرارات استعداداً لموسم الخير، اليوم نخطط لزراعة 50 دونماً وبالتالي فهذا الشهر سيكون حافلاً بالعمل وبالطبع رغم التعب فهي أيام جميلة تجد فيها الأهالي في الحقول يتابعون العمل يستعجلون تأمين البذار والتعقيم للحماية من فئران الحقول، وتجد أصحاب الجرارات ينظمون دوراً منتظماً لزراعة الأراضي ضمن المواعيد المحددة وبعد الزراعة يبقى الدعاء بأن تجود السماء بالخير، ليكون موسماً جيدا يحقق الكفاية للأهالي الذين ينتظرون المحصول لتحسين ظروفهم وجمع مونة المنزل من البرغل والطحين».

العم "صالح العلي" معلم بناء ومزارع وجدناه يعد الجرار للانطلاق للعمل وقال: «يوم البذار من الأيام السعيدة في هذه القرية نستعد في وقت مبكر نحضر البذار ومستلزمات العمل وننطلق.

الأرض بعد الحراثة الأولى

الأعمال في هذا الشهر كثيرة حيث نتابع كامل الأراضي التي نقرر زراعتها وبعد هطول الأمطار نحرثها للقضاء على الأعشاب البرية التي تتشابك وقد تؤذي الزرع وهي أعشاب تظهر مع بداية الهطل، وهنا لابد من تنظيف الأرض بهذه الطريقة قبل البذار، ولها تقليد يتعارف عليه الفلاحون وعليه يحدد نوع السكة التي سيتم استخدامها لتكون مناسبة لتقليب التربة وتهويتها بالشكل المناسب.

في السابق كان الأجداد يعتمدون على زراعة "العفير" حيث تنثر الحبوب وبعدها تتم حراثة الأرض ويقولون حسب التعبير الشعبي أنا "العازق والله الرازق" اليوم نعتقد بالمقولة لكن لا نخاطر بالزرع قبل هطول غزير للأمطار لأن الخسارة قد تكون كبيرة».

الجدير بالذكر أن إنتاجية الدونم من القمح في "الثعلة" 200 كغ عندما يتجاوز معدل الأمطار 250 مم وعندما يتواصل هطول الأمطار على شكل ريات متفرقة.