ما إن تدخل قرية "الرحا" حتى يستقبلك قوسها وجزيرتها المنقسمة ذهاباً وإياباً، وفي وسطها يقبع مقام السلطان "سليمان" الجامع بين جدرانه حكايات التاريخ ومنارات العلم والتنوير، فتقودك قدماك طوعاً نحو بابه العالي.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 30 كانون الأول 2018، جالت في المكان الذي تحوّل إلى ملتقى لأهالي القرية، والتقت القاضي "عطا الله أبو راس"، الذي تحدث عن خصوصية العلاقة بالقول: «يجمع هذا الصرح بين جدرانه حكايات تاريخية ومواقف إنسانية ومنارات علمية تنويرية، فهو يتمتع بإطلالة بيئية جميلة وفضاء هوائي منعش، يبعث في النفس الطاقة الإيجابية، ويشعر كل من يدخل إليه بأنه سيخرج بقضايا اجتماعية وإنسانية يمكنه من خلالها معرفة ما يجري حوله. هذه الصفات تواترت منذ عقود خلت من خلال الزمن الذي برز فيه التطور ونقل الخبر خلال القرن الماضي، إذ يؤكد المعمّرون من أبناء القرية أنه كان يشغل في غرفتيه مدارس تعليمية في زمن ما يعرف بالمعلم (الخطيب)، وتطور أكثر بعد أن دخلت إليه الحضارة ليصبح منارة ثقافية يجري في قاعاته ندوات ومحاضرات فكرية وعلمية واجتماعية وقانونية وإنسانية وطبية وزراعية ومختلف العلوم الحديثة، وهذا مؤشر آخر أنه لم يكن إلا عاملاً مهماً في رفد الحركة الثقافية وبناء الشخصية المجتمعية المتعلقة بالبيئة والمكان. أما في المجال الاجتماعي، فكان له الإجماع من أفراد المجتمع في اللقاء والتجمع فوق أرضه لتبادل عبارات التحية والسلام في الأعياد والمناسبات على مختلف أنواعها وتعميق العلاقة بين الأطياف المجتمعية للقرية والقرى المجاورة، إضافة إلى ما يتمتع به من محطة إبداعية في استضافة الشخصيات الثقافية، وبروز الصناعات التقليدية التراثية على مختلف أنماطها، والمساهمة في تقديم العلاجات الإنسانية والطبية، وما حققته قداسة المكان في حلّ النزاعات والخلافات الاجتماعية».

فرض المقام عادة اجتماعية عمرها من عمر وجود القرية؛ وفق ما أكدّه المعمّرون والأجداد في استخدام ساحاته لاستقبال مراسم العزاء، وتجسيد المنظومة الاجتماعية؛ مثل "عقدة الراية" وما يماثلها. وفي المرحلة الراهنة نشر ثقافة التكافل الاجتماعي؛ إذ استطاع أهالي القرية أن يكرسوا مبدأ التبادلية والتكافل ليس فقط من الجانب الاجتماعي، وإنما من جوانب إنسانية وأخلاقية ووطنية

وتابع القاضي "أبو راس": «فرض المقام عادة اجتماعية عمرها من عمر وجود القرية؛ وفق ما أكدّه المعمّرون والأجداد في استخدام ساحاته لاستقبال مراسم العزاء، وتجسيد المنظومة الاجتماعية؛ مثل "عقدة الراية" وما يماثلها. وفي المرحلة الراهنة نشر ثقافة التكافل الاجتماعي؛ إذ استطاع أهالي القرية أن يكرسوا مبدأ التبادلية والتكافل ليس فقط من الجانب الاجتماعي، وإنما من جوانب إنسانية وأخلاقية ووطنية».

القاضي عطا الله أبو راس

وعن المآثر التاريخية والإنسانية والاجتماعية بيّن "فاضل أبو زكي" أحد أبناء القرية المهتم بالوثائق التاريخية والتراثية، قائلاً: «من المعلوم لدى أهالي القرية أن مقام "السلطان سليمان" البالغة مساحته نحو 700 متر مربع يرتاده العديد من فئات المجتمع على مختلف أطيافه، لقناعة الجميع بأنه يتميز بطاقة خاصة به فيه؛ قوة جذب تشعر كل زائر بالراحة والسعادة.

والمقام كان عبارة عن غرفتين حجر استعملتا سنوات طويلة كمدرسة للتعليم على زمن الخطيب، وبعد إشادة المدارس في القرية أخذ الزحف الحضاري يمتد ليصبح عدد الغرف فيه خمساً وقاعة لإقامة المحاضرات والندوات الثقافية ومراسم الأتراح والمناسبات والمؤتمرات والاجتماعات لحلّ النزاعات والخلافات. وتعمل لجنة القرية المشرفة على المكان باستثمار التبرعات والهبات التي تأتيه وتوزيعها على الأسر الفقيرة والمحتاجة وتعليم بعض الطلاب».

الأستاذ فاضل أبو زكي
من أماكن التعليم