انتشرت زراعة الخضار على أطراف قرية "الثعلة" بالاعتماد على الآبار مع زيادة عدد الوافدين العاملين في هذا المجال؛ لتحتل مساحات واسعة لم يكن فيها لارتفاع الحرارة حسابات ومعادلات متوازنة.

ومع موجتي الحر التي صعقت العمل الزراعي الشهر الفائت وهذا الشهر ظهرت عيوب الانسياق لهذه الزراعة المستهلكة للوارد المائي بطريقة تصل إلى الاستنزاف بواقع بات يقارن بين الفائدة وحجم الخسارة لقطرة الماء التي قد تنتج الخضراوات لكنها تستجر بظروف الحر بنسب كبيرة نحتاج إليها في المستقبل لمياه الشرب؛ لكون الاعتماد بوجه شبه أساسي على المياه الجوفية، هذه الثروة التي قد لا تعوض وفق حديث الخبير الزراعي "علي شاهين" من قرية "الثعلة"؛ الذي أفاد به لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 18 آب 2015، وقال: «من يتجول في محيط القرية يلاحظ امتداد الخضرة لمساحات واسعة هي مشاريع الخضار التي أحاطت بالقرية واستثمرت مساحات خصبة من أراضيها، لكن كثافة الزراعة بهذه الطريقة تحتاج إلى وارد مائي كبير من خلال خبرتي وأتصور أنها عبء على الوارد المائي، لأن الاستجرار اليومي تضاعف وفي موسم الحر ظهرت الحاجة إلى زيادة الكميات للسقاية على أمل التخفيف من الآثار القاسية لارتفاع درجات الحرارة التي سجلت أرقاماً قياسية، ومع العلم بالخسارة الكبيرة التي طالت هذه الحقول فإن ما هدر من مياه لم يخفف إلا جزءاً بسيطاً من الخسارة لذا ومن وجهة نظري لا بد من دراسات زراعية جديدة تنظم توزع هذه الزراعة المكلفة، من حيث الأسمدة والمبيدات من جهة، لكن تكلفتها المائية خطر أكبر من النفقات المرحلية القابلة للتعويض وكي لا تتكرر تجربة هذا العام؛ مع أننا مهددون بموجات حر قادمة وهنا تتفاقم المشكلة.

كل عام أزرع البامياء وأنواع من الخضراوات التي تعودنا زراعتها محلياً، وقد كان موسم العام الفائت من البامياء مميزاً، وكانت الأجواء مناسبة؛ حيث أنتجت لما يزيد على الشهرين إنتاجاً غزيراً، هذا العام ومع اختلاف درجات الحرارة كان النمو بطيئاً واختلف عن السابق، ومع قدوم موجة الحر تراجع الموسم تراجعاً واضحاً؛ حيث اصفرار الأوراق ونقص واضح بالإثمار؛ وهو ما جعلنا نخسر الموسم الذي كنا نعلق عليه الآمال لكفاية الأسرة والبيع للأسواق لأننا في أعوام سابقة كنا نلبي طلبيات كبيرة؛ هذا العام كانت بالحدود الدنيا. وقد أخذنا نفكر بالحلول التي تتمثل بتضييق المساحات المزروعة؛ وهذا حل غير مرضٍ، لكن لا تظهر في الأفق أفكار جديدة، بالتالي كيف لزراعة الخضار أن تستقيم في قرية تحصل على مياه الشرب بالتقنين، وبالنسبة لي فأنا أعتمد على بئر سطحية لم تمدني بالمطلوب خلال فترة ارتفاع درجات الحرارة؛ خاصة مع انقطاع الكهرباء لتزيد من الخسارة

ومن وجهة نظري فهذه الزراعة غير مجدية بالمدى المنظور، ولا بد من إدراج حسابات ارتفاع الحرارة ضمن الحسابات المستقبلية لأننا نواجه خطراً حقيقياً بنقص مخزون الآبار، خاصة عندما تكون الهطولات متواضعة وبنسب متفرقة؛ لذا يكون الاستجرار على حساب المخزون الاستراتيجي الذي نعول عليه لمراحل قادمة ترجح الدراسات أنها قريبة جداً».

علي شاهين

أربع سنوات مارس فيها زراعة الخضار في قرية "الثعلة"؛ حيث كان الخير وافراً مع أن كمية المياه قليلة ولم تمكنه من مضاعفة المساحات؛ كما حدثنا "عماد الدين دعاس" مزارع من "دوما" وفد إلى القرية واستقر فيها، وقال: «منذ بداية العمل لمسنا قلة المياه وانخفاض غزارتها لكننا في المواسم العادية نظمنا طرائق زراعتنا وفق المتوافر منها، لكننا لم نتوقع ارتفاع الحرارة غير المسبوق، وكنا أمام خيار وحيد هو الاعتماد على تكثيف السقاية لحماية المواسم، وهذا ما حصل، وبالنسبة لي فإنني أزرع قرابة عشرين دونماً بخضراوات متنوعة منها الكوسا والبندورة التي نزرعها على ثلاثة أفواج أو ما نسميه بالدارج "الفطم" والبطيخ والأناناس والباذنجان والخيار؛ كل هذه الأصناف نجحت في الأعوام السابقة، لكن هذا الصيف واجهتنا صعوبات كبيرة، وكان للأجواء الحارة مخاطر كبيرة بالنسبة لليد العاملة وعدم القدرة على العمل لأوقات طويلة إلى جانب الحاجة إلى كميات أكبر من المياه؛ وهذا حجم المشكلة لكنه لم يوقف الخسارة لتنخفض الإنتاجية لـ"فطم" البندورة هذه الفترة إلى النصف، وكانت خسارة لنهاية موسم البطيخ وانخفاض إنتاجية الباذنجان، ما عاد علينا بالخسارة نسبة لارتفاع تكاليف الزراعة واحتياجاتها وكذلك اليد العاملة.

وعلى سبيل المثال فإن "فطم" البندورة الواحد يحتاج إلى رعاية لقرابة مئة يوم لينتج كميات مناسبة وكافية، وخلال موجة الحر تأثرت الشتلات ووقف نموها ودخلت العروق في حالة تشبه الجفاف، وهنا كانت الخسارة ومع الموجة الحالية نتوقع خسارة جديدة لكننا خفضنا الكمية الواجب زراعتها على الأقل لنهاية شهر أيلول كإجراء بسيط للحد من الخسائر وتراكمها بالمقارنة مع الكميات المحدودة الواردة من الآبار».

عماد الدين دعاس

كما حدثنا "فيصل والي" مزارع من أهالي القرية زرع خضراواته بين أشجار الزيتون كموسم صيفي كالمعتاد، وقال: «كل عام أزرع البامياء وأنواع من الخضراوات التي تعودنا زراعتها محلياً، وقد كان موسم العام الفائت من البامياء مميزاً، وكانت الأجواء مناسبة؛ حيث أنتجت لما يزيد على الشهرين إنتاجاً غزيراً، هذا العام ومع اختلاف درجات الحرارة كان النمو بطيئاً واختلف عن السابق، ومع قدوم موجة الحر تراجع الموسم تراجعاً واضحاً؛ حيث اصفرار الأوراق ونقص واضح بالإثمار؛ وهو ما جعلنا نخسر الموسم الذي كنا نعلق عليه الآمال لكفاية الأسرة والبيع للأسواق لأننا في أعوام سابقة كنا نلبي طلبيات كبيرة؛ هذا العام كانت بالحدود الدنيا.

وقد أخذنا نفكر بالحلول التي تتمثل بتضييق المساحات المزروعة؛ وهذا حل غير مرضٍ، لكن لا تظهر في الأفق أفكار جديدة، بالتالي كيف لزراعة الخضار أن تستقيم في قرية تحصل على مياه الشرب بالتقنين، وبالنسبة لي فأنا أعتمد على بئر سطحية لم تمدني بالمطلوب خلال فترة ارتفاع درجات الحرارة؛ خاصة مع انقطاع الكهرباء لتزيد من الخسارة».

فيصل والي

الجدير بالذكر، أن ثلاث آبار ارتوازية غزيرة تروي القرية بمياه الشرب، ويعتمد على الآبار السطحية لري زراعة الخضار المنتشرة على أطرافها؛ وهي محدودة الطاقة ولا تكفي إذا استمرت الأجواء الحارة.