وجد عدد كبير من المكفوفين أنفسهم بلا تعليم بعد أن طال الإرهاب بناء مدرستهم الوحيدة في "دمشق"؛ آخذاً معه كل مستلزماتهم التي كانت تعينهم على صعوبة الحياة، وفي المقابل كان عدد منهم بلا رعاية نتيجة الجهل بأهميتهم وحاجياتهم وإبداعهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت "مازن الهادي" القاطن في قرية "أم الزيتون" وأب لطفلين كفيفين يوم 21 شباط 2015؛ الذي تحدث عما قام به من أجل ولديه، فقال: «رزقنا الله طفلين كفيفين كانا من رواد المدرسة في "دمشق"، والآن هما معي في قرية "أم الزيتون" بعد أن تدمرت مدرستهما، وقد تواصلت مع عدد من الطلاب الكفيفين الذين عانوا من نفس الحالة من أجل تعليمهم وتعويض ما فاتهما، فهما منذ سنة كاملة في البيت، ولا أريد أن أجني عليهما وأتركهما لمصير مجهول، وأنا على هذا التواصل الدائم مع الجميع من أجل دمجهما من جديد في المجتمع، فالعلم هو السلاح الوحيد أمامهما من أجل المستقبل، ونحتاج إلى التكاتف من أجل تأمين مستلزمات المكفوفين التعليمية، نعرف أنه لا يمكننا تعويضهما عن المدرسة ومختصيها ذوي الخبرة، لكن بمساعدة من الأشخاص المتمرسين والمدربين يمكننا تعويض ما فاتهما».

نحن فريق واحد، وعلى تواصل دائم مع اللجنة لمعرفة الصعوبات لتذليلها، والطلبات لتأمينها قدر المستطاع بالتواصل مع مديرية الشؤون الاجتماعية، ولكننا لا نستطيع احتواء كل الحالات وخاصة الصغار منهم، ونعمل ضمن إمكانيات محددة، وهو ليس عذراً، ولكن الوصول إلى أغلبهم صعب جداً، والحل بتعاون المجتمع ابتداء من الأهل وصولاً إلى مديريات التربية والشؤون الاجتماعية، واللجنة بأعضائها المتطوعين تعمل الكثير من أجل الوصول إلى كل واحد منهم

الشاب الكفيف "عهد أبو فخر" الذي وصل إلى السنة الثالثة في الحقوق، والذي يحمل العبء الأكبر من أجل زملائه المكفوفين تحدث عن الواقع الحالي للمكفوفين، فقال: «كانت مدرسة المكفوفين في "دمشق" المكان المناسب لكل المصابين بالكفف الكلي والجزئي، وتحرص بمدرسيها واختصاصييها على رعاية كل الحالات من الصف الأول إلى شهادة الثانوية العامة، وتأهيلهم لدخول الجامعات والمعاهد، وكثيرون منا باتوا فاعلين ومنتجين في المجتمع، وبعد خروج المدرسة نهائياً من الخدمة بفعل الإرهاب عاد المكفوفون إلى أهلهم وبات الوصول إليهم عاملاً صعباً، خاصة أننا اكتشفنا عدم وجود إحصاءات دقيقة لعددهم ومكان تواجدهم، وعندما عدنا من "دمشق" اجتمع عدد منا في أماكن قريبة علينا وكوّنا لجنة خاصة هدفها إحصاء عددهم ومحاولة مساعدتهم في الدراسة، وتأهيل بعضهم، ودمجهم في المجتمع».

عهد ومروة صاحبا المبادرة

تألفت اللجنة من خمسة أشخاص لديهم الخبرة والطموح والتجربة في التعامل مع الطوارئ وصعوبات الحياة، ومنهم من هو موظف في دوائر الدولة ولديه قدرة على التعامل مع الأزمات، تقول الشابة "مروة العشعوش" عضو اللجنة والطالبة في كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية عن الطريقة للوصول إلى كل المكفوفين: «عندما تفرق الطلاب كانت مهمتنا صعبة للغاية خاصة أن المكفوفين كانوا منظمين في المدرسة وليس في جمعية، وبعد لقاءات متعددة فيما بيننا حددنا الأهداف وخرجنا نبحث عنهم عن طريق الجمعيات الأهلية والمخاتير ووسائل التواصل، وكان لوجود جمعية "الوفاء" المساعدة الكبيرة؛ لكونها تضم أغلب ذوي الاحتياجات الخاصة في المحافظة؛ الأثر الإيجابي في العمل، وقد وجدنا أن عدد المكفوفين حتى نهاية العام بلغ 900 بين كلي وجزئي وإصابات حرب، ولكن مشكلاتهم فاقت التوقعات، والمستغرب كان بالنسبة لنا تواجد مكفوفين يعيشون بيننا دون أن يعلم بهم أحد، وهم كبيرون في السن، وبعيدون عن التعليم والعمل بسبب خجل الأهل من وجودهم، ومنهم من هو مبدع بالفطرة من خلال المهن اليدوية، ولكن لا أحد يستثمر عمله، إضافة إلى الأطفال الصغار الذين لا يعلمون عن المدرسة الخاصة شيئاً، وبدأنا العمل بالتجهيز لمتابعة الصغار تعليمياً وتدريبهم على القراءة عن طريق الحاسوب الناطق، والعمل على إقامة دورات لتعليمهم استعمال العصا الخاصة بالمكفوفين، وقمنا بالتعاون مع بعض الأساتذة بتسجيل المنهاج على أشرطة الكاسيت لكل المراحل، ولدينا خمسة شبان يتحضرون لشهادة الدراسة الثانوية، ونحاول مساعدتهم في الدراسة، ولكن تبقى مهمتنا صعبة جداً دون مساعدة المجتمع والأهالي ومديرية الشؤون الاجتماعية، فهذا الرقم كبير جداً، ونحتاج إلى إقامة دورات في المهن اليدوية للمكفوفين ودروس الكتابة والقراءة على الكمبيوتر، وبرنامج ناطق، ونحن بحاجة إلى متطوعين في العمل، وبعض التجهيزات الخاصة بالتعليم».

أما "تيسير العريضي" رئيس جمعية "الوفاء" لذوي الاحتياجات الخاصة، فتحدث عما يمكن تقديمه للمكفوفين من مساعدة، وقال: «نحن فريق واحد، وعلى تواصل دائم مع اللجنة لمعرفة الصعوبات لتذليلها، والطلبات لتأمينها قدر المستطاع بالتواصل مع مديرية الشؤون الاجتماعية، ولكننا لا نستطيع احتواء كل الحالات وخاصة الصغار منهم، ونعمل ضمن إمكانيات محددة، وهو ليس عذراً، ولكن الوصول إلى أغلبهم صعب جداً، والحل بتعاون المجتمع ابتداء من الأهل وصولاً إلى مديريات التربية والشؤون الاجتماعية، واللجنة بأعضائها المتطوعين تعمل الكثير من أجل الوصول إلى كل واحد منهم».

دورات للتعليم على استعمال العصا الخاصة