لم تتوقف التعديات على الغطاء الحراجي في قرية "سهوة بلاطة" عند حدود الحاجة لمن ضاقت به السبل؛ بل باتت مقصد تجار الحطب، الوضع الذي دفع الأهالي لاتخاذ إجراءات اجتماعية المنشأ شملت مختلف الفعاليات للحد من التعديات.

فكرة الاستسلام للواقع كانت مقترنة بالقلق والخوف على مساحة حراجية يزيد عمرها على ثلاثة آلاف عام، مدونة وطن "eSyria" استطلعت بتاريخ 8 شباط 2015، من الأهالي والمعنيين الحلول التي طرحت واتخذت طريقها للتطبيق؛ كما حدثنا الأستاذ "إياد كحل" خريج تجارة واقتصاد، وموظف في مالية "السويداء" من أهالي القرية، وكان من أوائل المتعاملين مع الفكرة بصيغة البحث عن حلول مع مجموعة من الأصدقاء؛ قائلاً: «أفكار كثيرة تولدها رؤية أشجار مقطوعة الأغصان بطريقة غير منظمة، غايتها جمع الأحطاب بصرف النظر عن أذية هذه الشجرة، ففي منطقة "سهوة بلاطة" التي يمتد فيها "حرج" مساحته قد تزيد على عشرة آلاف دونم، هي وفق التعبير القانوني ضمن "محمية الضمنة" التي عرفت بالمسافة من قرية "حبران" إلى قرية "عتيل" شمال مدينة "السويداء".

تستحق شجرة عمرها ثلاثة آلاف عام منا الجهد والتعب، حيث كنت خلال العقد الماضي مع فريق التنوع الحيوي الذي قدّر عمر إحدى أشجار "البلوط" بهذه السنوات، وهي في منطقة "جور البراك"، لذا فقد كان إلى جانب التحرك اليومي والجولات بهدف المراقبة والحماية؛ العمل على تفعيل حوار أهلي نطلقه عبر نوافذ المحبة والقرابة التي تجمع الأهل، وإرشاد من لديه بعض السلوكيات الخاطئة تجاه هذا "الحرج"، ليكون للمجتمع وقفة أفادت بالاتفاق على رؤية واحدة والعمل للقضاء على مظاهر الأذى حتى وإن كانت جزئية وعلى مراحل

وإذا أردنا التعريف بامتداد "السنديان" فإنه يظهر من شرق القرية بمحاذاة جنوب قرية "الكفر" إلى بداية "تل القليب"، ويعود إلى الغرب بامتداد غني احتفظ بأشجار "السنديان"، ونعلم أنها إضافة إلى المنظر الجمالي؛ فإن شجرة "السنديان" مصدر تنقية وفلتر طبيعي لا يعادل بثمن لكون الشجرة الواحدة قادرة على تنظيف الأجواء من أكثر من 3 طن من الغبار في العام ترسبها تحت مظلتها لتصبح عبارة عن تربة غنية صالحة لعدة غايات زراعية، وحسب الدراسات فهي قادرة على خلق نوع من الاختلال الجوي لتجذب المنخفضات على مسافة أكثر من 300 كيلو متر، لذا ليس من السهل صرف النظر والتغاضي عن الأذى.

الأستاذ إياد كحل

وكنا مع مجموعة من الأصدقاء حريصين على الخروج اليومي والمراقبة، وكانت الفكرة أن نعمم الفعالية ليتخذ العمل طابعاً رسمياً بعد انتشاره على المستوى الأهلي باعتراف الجميع بهذه القيمة النباتية، لنحافظ عليها كما تركها لنا الأجداد، وباشرنا منذ عامين بمشروع أهلي استطعنا خلاله العمل المشترك وإيجاد صيغة لحماية هذه الحراج».

عن تفعيل حوار أهلي لتصحيح السلوكيات الخاطئة تجاه الحراج، أضاف الأستاذ "إياد": «تستحق شجرة عمرها ثلاثة آلاف عام منا الجهد والتعب، حيث كنت خلال العقد الماضي مع فريق التنوع الحيوي الذي قدّر عمر إحدى أشجار "البلوط" بهذه السنوات، وهي في منطقة "جور البراك"، لذا فقد كان إلى جانب التحرك اليومي والجولات بهدف المراقبة والحماية؛ العمل على تفعيل حوار أهلي نطلقه عبر نوافذ المحبة والقرابة التي تجمع الأهل، وإرشاد من لديه بعض السلوكيات الخاطئة تجاه هذا "الحرج"، ليكون للمجتمع وقفة أفادت بالاتفاق على رؤية واحدة والعمل للقضاء على مظاهر الأذى حتى وإن كانت جزئية وعلى مراحل».

من الأشجار التي تعرضت للتعديات

العمل الجماعي قدم المثل للمجتمع الأهلي عن فكرة جديدة لمحاربة سرقة الحراج، كما حدثنا الأستاذ "أسامة كحل" مدير المدرسة الإعدادية، وقال: «باشرنا الفكرة كمجموعة مؤلفة من ستة أشخاص نتجول في المناطق الحراجية بدافع ذاتي تلاقينا عليه، نراقب زوار الحراج ونتوقف عند أي شخص نحادثه، ونتعرف منه أسباب الزيارة، وتعاملنا بهذه الطريقة لعدة أشهر، قبل أن نعرض الفكرة على البلدية ومجلس القرية لنجد التعاون الذي أضاف أشخاصاً جدد مهتمين بالمشروع، لتكون الفكرة مراقبة مختلف المناطق بالاعتماد على شبان القرية، والحرص على محاربة تجارة الحطب وعدم التهاون بسرقة ميراثنا من حراج خضراء تعد الميزة الحقيقية لمنطقتنا، وقد خلق هذا التعاون أنشطة متفاعلة على المستوى الأهلي سمح بإدارة حوار واسع يتضمن التدريب على الاستفادة من الحراج، لكن ضمن طرائق "التشحيل" النظيف، وبذلك نحافظ على الشجرة، وهي طريقة يمكن الاستفادة منها لغاية حماية الأشجار المعمرة على اختلاف أنواعها في هذه الغابة الخضراء».

تعاون أهلي نظمته الجهات المحلية وأثمر عملاً ميدانياً يومياً، تحدث عنه الأستاذ "سعيد البني" رئيس بلدية "سهوة بلاطة"، وقال: «عرض مجموعة من أبناء القرية تجربتهم الخاصة في الخروج للأراضي الحراجية كفريق لمراقبتها والحد من التعديات، وكانت النتيجة مرضية من وجهة نظرهم، لكنها تحتاج إلى عمل أكبر تتبناه الجهات المحلية، وكان ذلك بدعوة الأهالي ووضع ما يشبه خطة عمل تضمنت الإشراف على جولات منتظمة تراقب كل من يزور الحراج، والاطلاع على غايته، وتوقيف كل من يتعامل مع الأشجار تعاملاً خاطئاً بالقطع أو الحرق أو أي طريقة مؤذية، وقد استمر العمل خلال العامين الماضيين وكانت نتائجه جيدة في التخفيف من التعديات، وقامت مديرية الزراعة في المرحلة الأخيرة بفرز حرّاس لهذه الغاية بناءً على مطالب الجهات المحلية والأهالي، ليكون دور الأهالي مساندة الحراس ومساعدتهم عند الحاجة، وعليه فالمجتمع الأهلي فعّل حضوره وثبّت رؤيته في العمل المنظم لحماية الحراج ومنع تدهورها».

السيد أسامة كحل وإياد كحل