في ظل انقطاع المياه المستمر لم يتوقف أهالي قرية "الكفر" عن ابتكار أساليب مختلفة للحصول عليها؛ وبذات الطريقة التقليدية المتبعة للتخلص من مياه الأمطار؛ بدؤوا جمعها في خزانات لتكون مؤهلة للاستخدام المنزلي.

مدونة وطن "eSyria" زارت القرية بتاريخ 27 كانون الثاني 2015، وعاينت بعض التجارب التي نفذها الأهالي لتخزين المياه، ومنها تجربة "سليمان خضير"؛ الذي حدثنا عن طريقته التي ابتكرها لجر مياه الأمطار إلى الخزان المنزلي للاستفادة منها، وقال: «بعد تجارب انقطاع المياه عبر الشبكة الرئيسية، والقيام بإجراءات محلية لتأمين حاجة الأهالي من مياه الشرب، بحث الأهالي عن حلول مساعدة للحصول على مياه للاستخدامات المنزلية، فإذا توافرت مياه الشرب بكميات مقبولة بفضل مشاريع دعمت من قبل "الهلال الأحمر"؛ تبقى لدينا احتياجات يومية تتطلب كميات كبيرة من المياه، لنجد عدداً من الأهالي يجرون مياه الأمطار للخزانات المنزلية، وقد اختبرتُ هذه العملية، ففي كل عام ننظف سطوح المنازل ونحضر الخزانات لاستقبال مياه الأمطار، وهي أمطار وفيرة في مناطقنا، ووجدنا أن هذه الإجراءات سهلة وبسيطة ومفيدة في جمع ما توافر من مياه وعدم هدرها.

وفق التجربة فإن مشكلة توافر المياه تعد من المشكلات التي يحسب الأهالي لها حساباً، فقد بدأ أصحاب المنازل التي هي قيد الإنشاء أخذ التجربة بعين الاعتبار ليكون لمسير المياه على السطوح إلى الخزانات طريق ميسّر يحفظ الكمية الأكبر منها كي لا تذهب هباءً، ولا بد لنا من توجيه الشباب من خلال هذه التجربة لأهمية مواردنا المائية وطرائق الاستفادة منها، ونشر ثقافة الترشيد والتوفير، وكل ما نقوم به يترك أثراً طيباً لدى الأجيال الصاعدة، عبر التدرب على التعامل مع الواقع وفق معطياته، فإذا كانت المياه قليلة نستفيد من مياه الأمطار، ولا بد من البحث عن حلول أخرى خاصة أننا مزارعون، والمزارع ابن الطبيعة والقادر على استثمار خيراتها الاستثمار الأمثل

هذا بالنسبة للخزانات العالية التي صنعت من البيتون والتي بنيت أساساً مع المنازل، وهي طريقة اعتمدت منذ عدة عقود ليكون خزان المنزل ضمن كتلة البناء السكني، ولأن النسبة الواردة من المياه للقرية لم تتحسن عبر الشبكات وتزايدت الحاجة لعدة سنوات قبل ظروف الأزمة؛ أخذ الأهالي يخططون لإنشاء خزانات أرضية، هذه الخزانات اليوم تحفظ مياه الأمطار بطريقة نفذها الأهالي بطريقة عملية لا تحتاج للكثير من الخبرة، وتتمثل في تسليط أنابيب جمع المياه على سطوح المنازل أي "المزاريب" التي كنا نسلّطها باتجاه الأراضي المحيطة بالمنزل كي لا تتعرض أساسات المنزل للأذى، أما اليوم فنوجهها للخزانات الأرضية، وهي بالفعل قادرة على تخزين نسبة جيدة من المياه التي تنساب بطريقة سلسة لتصل لهذه الخزانات، ونضمن أن لدينا ما يكفي من الموارد المائية لفترة قادمة.

السيد سليمان خضير

وخلال العاصفة الثلجية التي جادت بثلوج كثيفة على قريتنا خلال هذا الشهر؛ جمعت كميات كبيرة وهي مياه نقية لم نفرط بها لأننا بحاجة ماسة لها ولتكون رصيداً لأشهرٍ قادمة».

التجربة لم تكن تجربة عام واحد فحسب؛ كما أضاف السيد "سليمان" بالقول: «وفق التجربة فإن مشكلة توافر المياه تعد من المشكلات التي يحسب الأهالي لها حساباً، فقد بدأ أصحاب المنازل التي هي قيد الإنشاء أخذ التجربة بعين الاعتبار ليكون لمسير المياه على السطوح إلى الخزانات طريق ميسّر يحفظ الكمية الأكبر منها كي لا تذهب هباءً، ولا بد لنا من توجيه الشباب من خلال هذه التجربة لأهمية مواردنا المائية وطرائق الاستفادة منها، ونشر ثقافة الترشيد والتوفير، وكل ما نقوم به يترك أثراً طيباً لدى الأجيال الصاعدة، عبر التدرب على التعامل مع الواقع وفق معطياته، فإذا كانت المياه قليلة نستفيد من مياه الأمطار، ولا بد من البحث عن حلول أخرى خاصة أننا مزارعون، والمزارع ابن الطبيعة والقادر على استثمار خيراتها الاستثمار الأمثل».

الخالة زينة الدعبل

السيدة "زينة الدعبل" من أهالي قرية "الكفر"؛ حدثتنا عن الاقتصاد للمحافظة على ما تجود به السماء وقالت: «خلال موسم الأمطار في العام الماضي حضرت وأولادي الخزان، وسلّطنا عليه مياه الأمطار؛ ولكن الأمطار كانت قليلة والحاجة للمياه كبيرة، هذا العام استبشرنا خيراً لكون الأمطار وافتنا بوقت مبكر وأخذت تجمع في الخزانات خيرها، وأصبح الأهالي يقلدون بعضهم بعضاً في التحضير لجمع الأمطار.

وبما أننا عايشنا مراحل مختلفة كانت فيها المياه وفيرة؛ بدأنا بصعوبة التأقلم مع مواسم الشح، ومن ثم بدأنا نتعود الظروف الجديدة، خاصة أننا فلاحون ويرتبط عملنا الزراعي في الكروم والحقول بالأمطار بوجه رئيسي، لذلك ننتظر الأمطار اليوم لتكون وفيرة تمدنا باحتياجات الغسيل والتنظيف وإطعام المواشي وكل التفاصيل التي يحتاجها المنزل الريفي، لكن ضمن طريقة اقتصادية تعلمناها من الأمهات والجدات واليوم نعلمها للبنت و"الكنة"، وننقل لهن طريقتنا القديمة في الاعتماد على كميات قليلة من المياه ولا نفرّط بها ليكون لدينا دائماً احتياطاً مقبولاً في الخزان يكفي الحاجة، ولا نضطر للحصول على كميات إضافية -على الأقل في هذه الفترة- حتى تعود مياه الشبكة كما كانت في السابق».

إيصال الأنابيب للخزان عملية ميسرة

الجدير بالذكر، أن قرية "الكفر" ترتفع 1200 متر عن سطح البحر، ومعدل الأمطار فيها حوالي 500مم سنوياً؛ وهذا كفيل بتأمين حصاد مطري جيد.