يعاني فلاحو "السويداء" في موسم التفاح خاصةً من مرض شبه عضال يصيب مزروعاتهم يدعى "الأكاروس"، تعددت أنواعه على معظم الزراعات، وطرح لهم البحث العلمي مجموعة من الحلول قام بتجريبها.

و"الأكاروس" آفات صغيرة شبه مجهرية تختلف ألوانها حسب الفصيلة، عديمة الأجنحة، جسمها رخو، ملساء وغير مقسمة لحلقات، على ظهرها شعيرات طويلة متعددة، ولها أربعة أزواج من الأرجل عند البلوغ.

إصابة أشجار التفاح بـ"الأكاروس" سبب لنا خسائر اقتصادية كبيرة، ورغم التكاليف الباهظة التي نتكلف بها في شراء المبيدات الحشرية والفطرية، إلا أن هذا الطفيل كان ينتشر بشكل كبير ويتسبب بخسائر إنتاجية، يعود علينا بعدم القدرة على استرداد تكاليف الإنتاج التي باتت تشكل عبئاً على الفلاح جراء الإصابة بهذا المرض

وحول واقع مرض "الأكاروس" ومسبباته وتأثيراته الاقتصادية؛ التقت مدونة وطن "eSyria" عبر الهاتف وبتاريخ 13 أيلول 2014، المزارع "حمد طليعة" من مزارعي التفاح في منطقة "ظهر الجبل"، ويقول: «إصابة أشجار التفاح بـ"الأكاروس" سبب لنا خسائر اقتصادية كبيرة، ورغم التكاليف الباهظة التي نتكلف بها في شراء المبيدات الحشرية والفطرية، إلا أن هذا الطفيل كان ينتشر بشكل كبير ويتسبب بخسائر إنتاجية، يعود علينا بعدم القدرة على استرداد تكاليف الإنتاج التي باتت تشكل عبئاً على الفلاح جراء الإصابة بهذا المرض».

الباحثة المهندسة جيهان العبد الله

أما الباحثة المهندسة "جيهان العبد الله" من مركز البحوث العلمية الزراعية في "السويداء"، فتقول: «تنتشر "الأكاروسات" في بيئات مختلفة على سطح الكرة الأرضية، فهي تتواجد في المياه والتراب والدبال وعلى النبات وتتطفل على الإنسان والحيوان، فهي تفوق الحشرات من حيث البيئات التي تتواجد فيها، وتتغذى النباتية منها بشكل مباشر على النبات بامتصاص العصارة النباتية، وبالتالي تحدث أضراراً كبيرة للنبات، وقد ظهرت "الأكاروسات" كمشكلة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، وكان ذلك نتيجة الاستخدام العشوائي للمبيدات في مكافحة الآفات الحشرية، التي قضت على معظم الأعداء الحيوية "للأكاروسات"، تبعها تفاقم مشكلتها التي تعد من أوائل مشكلات الأشجار المثمرة والخضار ونباتات الزينة في المنطقة لما لها من أضرار، فهي تحطم جدر خلايا الطبقات السطحية من الورقة وتتغذى على محتوياتها؛ ما يؤدي إلى نقص في عملية التركيب الضوئي وإحداث خلل في التوازن المائي للشجرة نظراً للثقوب التي تحدثها الإصابة والتي تزيد من حدة البخر، وهذا يؤدي إلى جفاف المجموع الخضري وتساقط الأوراق، الذي ينعكس بدوره على نمو طرود وجذور الشجرة إضافة إلى تأثيره السلبي في عدد البراعم الزهرية في السنة القادمة، وكل ذلك يؤدي بالنهاية إلى نقص في كمية ونوعية وحجم الثمار، وقد يسبب أحياناً تساقط الثمار قبل نضجها».

وعن العوامل التي ساهمت في إحداث فوران في أعدادها، تابعت "العبد الله": «من تلك العوامل: الطقس الجاف الحار، والتغيير في المبيدات الحشرية والفطرية المستخدمة، وتكرار استخدام المبيد "الأكاروسي" في نفس الموسم ولأكثر من موسم، واستخدام الأسمدة بشكل عشوائي، وبسبب الأضرار التي تحدثها كان لا بد من مكافحتها عند وصول أعدادها إلى عتبة الضرر الاقتصادي، فمثلاً تكافح "الأكاروسات" النباتية في بساتين التفاح الذي يعد أهم المحاصيل في المحافظة بواقع رشة واحدة على الأقل في جميع البساتين عدا استثناءات محدودة، ويمكن بالتالي توّقع أن تكون المساحة المكافحة بالمبيدات "الأكاروسية" في المحافظة بحدود 14500 هكتار، إضافة إلى مزارع الخضار المنتشرة حالياً في المحافظة؛ التي تستخدم المبيدات "الأكاروسية" بشكل واسع، لذلك لا بد من البحث عن حلول آمنة للإنسان والبيئة وخصوصاً في ظل زيادة النمو السكاني، وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج من أجل زيادة إنتاج المحاصيل الغذائية لمواكبة هذا النمو السكاني، ولتحقيق الأمن الغذائي، ومواجهة التغيرات المناخية الحالية، وإنتاج غذاء فيه الحد الأدنى والمقبول من الأثر المتبقي الضار للمبيدات».

الباحث الدكتور بيان مزهر

أما عن الحلول فأوضح الباحث الدكتور "بيان مزهر" رئيس دائرة بحوث التفاحيات في مركز البحوث العلمية الزراعية في "السويداء"، ويقول: «من خلال التجارب والأبحاث تبين بعض الحلول المقترحة التي تنحصر في البحث عن أنظمة زراعية أكثر استدامة من الأنظمة الزراعية التقليدية التي ظهرت آثارها السلبية على البيئة، وذلك من خلال الاستعمال الفعال للمصادر الطبيعية، مع أقل التأثيرات في البيئة، واللجوء إلى طرائق حديثة في مكافحة الآفات، وأهمها "الأكاروسات" باتباع أحد الأسلوبين المتقدمين: الإدارة المتكاملة، والزراعة العضوية، التي من شأنها الابتعاد عن المبيدات في مكافحة الحشرات على الأشجار والخضار، والتي تقضي على الأعداء الحيوية وتسبب فورة في "الأكاروسات" من أجل إعادة التوازن الطبيعي في النظام الزراعي، وإجراء مراقبة دورية للنباتات، وعدم اللجوء إلى المكافحة إلا إذا وصلت الأعداد إلى عتبة الضرر الاقتصادي، وفي حال ضرورة استخدام الكيماويات يجب اختيار المبيدات التي لا تهلك الأعداء الحيوية قدر الإمكان، والعمل على تربية موسعة للمفترسات "الأكاروسية" التي تواجدت في البيئة المحلية وإطلاقها على النباتات المصابة، وإعادة توطين "الأكاروسات" المفترسة في البساتين التي استخدمت فيها مبيدات بشكل عشوائي».

من أشجار التفاح