تربة حمراء ناصعة ما إن تقلبها سكة المحراث حتى تشع بألوان طبيعية، مشاهد كانت تتكرر لمرتين أو ثلاث خلال الفصل الواحد في ريفنا البديع، في هذه الأيام ومع ارتفاع تكاليف الحراثة أخذ الفلاح يختصر عدد مرات الحراثة ليخفف قدر الإمكان من تكاليف أصبحت مرهقة له ولأسرته التي تنتظر مواسم الحصاد علها تفي باحتياجاتهم.

في قرى جبل العرب مازالت مواعيد الزراعة ثابتة حيث تبدأ مع هطول أمطار الشتاء ومواسم الخير، لكنها في هذه الأيام أصبحت مواسم ومواعيد للترقب والقلق وجدولا طويلا من الحسابات، يبدأ بتكاليف الحراثة ليصل لأجور الحصادة وتكاليف جني المحاصيل، لتكون الزراعة محور أحاديث الرجال في المضافات والمناسبات والسؤال عن نية الزراعة سؤال يتكرر، وحالةٌ تعوّد عليها الأهالي بعد مواسم الجفاف وغلاء المحروقات.

كلما كانت الحراثة متقاربة كان الإنتاج أفضل ولابد من تقليب التربة بين أشجار الزيتون والفستق الحلبي حتى وإن كان المطر غزيراً ولم نضطر للري خاصة بالنسبة للفستق، وهذا ما جعل التكاليف أكبر من السابق، مع أننا كفلاحين نمتلك بعض الآليات ومن لديه جرار يستطيع تخفيض جزء من التكلفة لكننا طرحنا في لقاءات الجمعيات الفلاحية وطالبنا الجهات المختصة بتقديم نوع من الدعم ليحصل الفلاح على مادة المازوت بسعر مخفض وهذا ما قد يساعده على تطوير الزراعة والعمل وفق مقتضياتها، لأن الفلاح يحتاج للجرار للحراثة ولنقل الماء في حالات الجفاف حيث يصل سعر صهريج الماء إلى 700 ليرة بعد أن كان 300 ليرة وتشغيل المحركات لرش المبيدات وكلها قد لا تجدي نفعاً في مواسم الجفاف

موقع eSuweda حاور الفلاحين ليتعرف على ظروفهم في هذه المنطقة وهل ستعفيهم غزارة الأمطار من تكاليف الزراعة الباهظة؟ وبدايةً بادلهم التحية كما تعودوا في مواسم الخير وجود السماء بعطاء كريم: كيفكم بأجواء الرحمة؟ لأنهم يصفون البرد والمطر وقساوة الشتاء بأنها رحمة من الخالق بعباده الذين ينتظرون المطر للحصول على محصول وفير.

المزارع كرم مظلومة يتابع أعمال البذار

السيد "كرم مظلومة" من قرية "الثعلة" مزارع وصاحب آليات زراعية يؤجرها للحراثة والبذار، قال: «تعلمت الزراعة من والدي وعملت بها مع أنني حاصل على شهادة من المعهد التجاري، لأنها من وجهة نظري عمل هام، بوصفنا من أهالي القرى الذين يعتمدون في زادهم على كل ما تجود به الأرض، وبالنسبة لي قد يكون شهر كانون الثاني من كل عام أكثر المواسم التي أعمل فيها حيث نعد الجرارات والبذارات للعمل وننطلق للحقول للحراثة والبذار، لكن وحسب طبيعة تربة هذه المنطقة يفترض فينا كفلاحين الاعتناء بالأرض على مدار العام، فيجب حراثة الأرض بعد مواسم الحصاد ومن ثم تحضيرها للبذار ومن لديه المعرفة بهذا الموضوع يعرف أن في تكرار الحراثة فائدة كبيرة للحقل، لأنها تساعد على تنظيفه وعدم ظهور النباتات وما يسمى (العشبة الغريبة) التي تترك بذورها في الأرض وعند الزراعة قد تطغى على الحبوب وبالتالي فالمحصول سيتعرض للضرر والخسارة.

وخلال المواسم الماضية وبفعل ارتفاع أسعار المحروقات حيث تضاعفت الأجور لتصبح 150 ليرة لحراثة الدونم الواحد أخذ الأهالي في الاعتماد فقط على الحراثة التي تسبق عملية البذار وهذه طريقة تعود بالضرر على الموسم، لكننا نضطر لهذه العمل لأننا تعرضنا للخسارة في مواسم عدة خاصة عندما ينخفض معدل الأمطار فقد لا ينتج عن الموسم ما يساوي تكاليف الزراعة، وفي مرات عدة لا يصل الزرع لموسم الحصاد ولا نتمكن حتى من جمعه وهذه خسارة مضاعفة، ومن الحلول التي يمكن أن تشفع للفلاح تلك التي تساهم في إيجاد تميز للفلاح فيما يرتبط بالمحروقات، ونحتاج لدعم بسيط على سعر الليتر للآليات الزراعية، دعم ينسجم مع التسهيلات التي قدمت للفلاح من حيث تحسين البذار ورفع سعر كيلو القمح من قبل المؤسسة العامة للحبوب، وأسعار العنب التي لاقت استحسان الفلاح.

المزارع فرحان الظاهر

لأننا بحاجة للدعم لنتمكن أولاً من زراعة كامل المساحات دون أن يسيطر شبح الخسارة على تفكيرنا، ففي هذه المنطقة على سبيل المثال قد تنحسر الأمطار في شهري آذار ونيسان لتكون خسارة الفلاح محققة وهذه الخسارة قد تمنعه من الزراعة لسنوات قادمة لعدم توافر الإمكانية، لتجد عدداً بسيطاً من الفلاحين الذين يغامرون بزراعة مساحات محدودة، وحسب التعبير الدارج تبيت الأراضي بوراً أي يمر عليها موسماً دون زراعة مما يوقف الآليات وينحسر سوق العمل الذي يرافق موسم الحصاد حيث تحتاج الحصادات لعدد كبير من العمال والسائقين والحمالين ممن ينتظرون الموسم لتحسين دخلهم».

السيد "خليل أبو عساف" من قرية "أم ظبيب" قال: «خطط كبيرة تلك التي نفذت لتطوير الزراعة في هذه المنطقة منها مشاريع التطوير والاستصلاح الزراعي الذي أدخلت مساحات واسعة في الاستثمار الزراعي، وليبقى العمل الزراعي مصدر عيشنا لكن وبوصفنا نقطن قرية تتميز بأراضيها السهلية الواسعة نزرع الحبوب بمختلف أنواعها، إذا ما قارنا بين العمل الزراعي بالوقت الحالي والسنوات الماضية نجد أن تكلفة زراعة الدونم الواحد ارتفعت بما يزيد على الضعفين، في السابق كنا نعتمد على القدرة العضلية اليوم وعندما سيطرت الآلات على العمل فرضت تكلفة جديدة مع أنها ساهمت في زيادة الإنتاج لكن ظروف الجفاف استهلكت الجزء الأكبر من مدخرات الفلاح وغلاء مادة المازوت وارتفاع الأجور جعل الفلاح ينتظر الأمطار ليقرر الزراعة، وقد حصل أن خسرنا البذار وما تكلفنا من أجور، لكن في سنوات الخير مثل هذه السنة ومع ارتفاع نسبة الهطول يقدم الفلاحون على زراعة معظم الأراضي ويأملون خيراً في أن يعوضهم المحصول عن المبالغ التي دفعت ثمن البذار من القمح والشعير وأجور الحراثة وأيضاً تكلفة الحصادات التي تضاعفت».

العشبة الغريبة عندما تشابك تحتاج لفلحات متكررة

السيد "فرحان الظاهر" صاحب بساتين من الزيتون والفستق الحلبي قال: «كلما كانت الحراثة متقاربة كان الإنتاج أفضل ولابد من تقليب التربة بين أشجار الزيتون والفستق الحلبي حتى وإن كان المطر غزيراً ولم نضطر للري خاصة بالنسبة للفستق، وهذا ما جعل التكاليف أكبر من السابق، مع أننا كفلاحين نمتلك بعض الآليات ومن لديه جرار يستطيع تخفيض جزء من التكلفة لكننا طرحنا في لقاءات الجمعيات الفلاحية وطالبنا الجهات المختصة بتقديم نوع من الدعم ليحصل الفلاح على مادة المازوت بسعر مخفض وهذا ما قد يساعده على تطوير الزراعة والعمل وفق مقتضياتها، لأن الفلاح يحتاج للجرار للحراثة ولنقل الماء في حالات الجفاف حيث يصل سعر صهريج الماء إلى 700 ليرة بعد أن كان 300 ليرة وتشغيل المحركات لرش المبيدات وكلها قد لا تجدي نفعاً في مواسم الجفاف».