«تعد زراعة أشجار التفاح من الزراعات الأولى التي يهتم بها فلاح محافظة "السويداء"، لأسباب عديدة من أهمها طبيعة المنطقة الجبلية وارتفاعها عن سطح البحر وانخفاض درجات الحرارة لتصل إلى حد ما تحت الصفر في الحدود العلمية المطلوبة لزراعته، هذا من جهة ومن جهة أخرى، لدى الفلاح علاقة خاصة بينه وبين شجرة التفاح تصل حد الارتباط الروحي بينهما فلا تجد فلاحاً إلا ويأخذ حديث الزراعة منه الشيء الكثير إلى درجة أن كثر من الفنيين تراهم يكتسبون بعض خبراتهم من الفلاحين الممارسين لزراعة ذلك المثمر المهم قولاً وفعلاً».

هذا ما تحدث به المزارع "محسن سلام العماطوري" الذي يملك أرضاً زراعية في منطقة ظهر الجبل بـ"السويداء"، لموقع eSuweda والذي أضاف بالقول: «منذ اكثر من سبعة عقود تقريباً أصبح بيني وبين أرض الجبل المزروعة بالأشجار المثمرة وخاصة التفاح علاقة روحية فلا استطيع أن أفارق الأرض أكثر من أيام معدودات فإني أسكن في الأرض مدة لا تقل عن تسعة أشهر في السنة وعندما أغادرها أصاب بمرض وأنا الآن في الثمانين من العمر، ومهما بلغ اشتداد المرض عليّ عندما أقبل إلى الأرض واشتم رائحة ترابها فإن قلبي ينتعش واشعر بالحيوية والنشاط إلى درجة كبيرة».

منذ اكثر من سبعة عقود تقريباً أصبح بيني وبين أرض الجبل المزروعة بالأشجار المثمرة وخاصة التفاح علاقة روحية فلا استطيع أن أفارق الأرض أكثر من أيام معدودات فإني أسكن في الأرض مدة لا تقل عن تسعة أشهر في السنة وعندما أغادرها أصاب بمرض وأنا الآن في الثمانين من العمر، ومهما بلغ اشتداد المرض عليّ عندما أقبل إلى الأرض واشتم رائحة ترابها فإن قلبي ينتعش واشعر بالحيوية والنشاط إلى درجة كبيرة

وأضاف: «إن المشاكل التسويقية التي تعترض سير عملنا كفلاحين ارتفاع تكاليف التسويق، وأجور النقل، وغلاء أسعار العبوات وعدم توافرها، والشروط المسبقة لشركة الخضار وضعف دورها وعدم ثقة المزارع بها، وبُعد مراكز التسويق وسوء الطرقات الزراعية، مع عدم توافر وحدات التخزين وارتفاع أسعارها، والأهم عدم دعم الدولة للمصدرين، وتحكم التجار والضمانة بالمزارعين وفرض أسعارهم علينا، إلى درجة إن انخفاض أسعارهم في مجمل الأحيان بالكاد يرد تكاليف الإنتاج فارتفاع تكاليف الإنتاج علينا كبير، ونواجه ارتفاع أسعار المدخلات كالمبيدات والأسمدة والعبوات، وارتفاع أجور الأيدي العاملة، وارتفاع تكاليف المكافحة بشكل عام، وهذا يتطلب ضرورة دعم قطاع الإرشاد الزراعي وتوطيد الصلة بالمزارعين.. الخ، بالإضافة إلى أننا نُغدَر في أجرة الرش وآلة العزاقة والفلاحة، وآلة الجرار، وثمن الأدوية، وخاصة في سنوات الجفاف كالسنوات التي تمر، ومع قلة الأمطار فإننا نعاني كثيراً، وبعد ارتفاع المازوت من يملك آلات زراعية شكلت عليه زيادة في تكاليف إنتاجه فما بالك بمن لا يملك آلات زراعية».

شجرة التفاح.

إذ تعتبر زراعة التفاح في "السويداء" من الزراعات الحديثة التي بدأت من خمسينيات القرن الماضي فقط وخلال هذه الفترة تطورت واتسعت هذه الزراعة بشكل متسارع. وأصبحت تنافس الزراعة التاريخية للكرمة في المحافظة حتى احتلت المرتبة الأولى بين الأشجار المثمرة حسب إحصائيات المجموعة الإحصائية لعام 2005 التي تشير بأن المساحة تشكل 11013 هكتاراً تضم 2.397.648 شجرة، المثمر منها 1.331.950 شجرة، تنتج 42255 طناً. وتتركز زراعة التفاح في منطقتي الاستقرار الأولى والثانية، حيث تحتل مساحة 6446 هكتاراً في منطقة الاستقرار الأولى و4567.5 هكتاراً في منطقة الاستقرار الثانية، وان زراعة التفاح في محافظة "السويداء" زراعة بعلية تعتمد على أمطار السماء، ولا أحد يجهل الأهمية الاقتصادية لمحصول التفاح في المحافظة، حيث تعمل آلاف الأسر في هذا المحصول سواء في عملية الإنتاج أو التسويق أو الخدمة "فلاحة، مكافحة، تقليم، قطاف" ويمتاز التفاح السوري بشكل عام والتفاح البعلي في "السويداء" بشكل خاص بمواصفات فريدة وجودة عالية من حيث الطعم والنكهة الفاخرة واللون الجذاب وقابلية النقل والتخزين، وخلو الثمار من الأثر المتبقي للمبيدات والأسمدة الكيميائية.

كل ما تقدم يتطلب من الجهات الحكومية العناية أكثر بهذا المنتج وتوفير كافة المستلزمات لتحقيق التنمية فيه مع العلم أن تكاليف الإنتاج فيه باهظة قياساً مع أسعار التسويق التي تفرض على الفلاح وبالتالي تعتبر في بعض الأحيان زراعة التفاح خاسرة إذا لم تدعم الجهات الرسمية الفلاح في هذه المحافظة وتأمين مستلزمات الإنتاج والتسويق في استعادة الجزء الأكبر من التكاليف التي يضعها على زراعة أشجارها.

محسن العماطوري وهو يبتسم لارضه.

ولا بد من الإشارة للمشاكل والصعوبات الأخرى التي تعترض زراعة التفاح وتعيق تطوره، ويأتي على رأسها إيجاد الطرق المناسبة للتسويق وتصريف الإنتاج داخلياً وإيجاد أسواق خارجية للتصدير، ومن الهام جداً وضع سياسة تسعيرية وتصنيعية وسياسة تسويقية مناسبة تشجع ضرورة تدخل الجهات الحكومية المعنية لوضع سياسات تصنيعية وتسعيرية وتسويقية لتصريف الإنتاج داخلياً وإيجاد أسواق خارجية للتصدير والعمل على تخفيض تكاليف الإنتاج المتزايدة باستمرار وخصوصاً الغلاء المستمر لوسائل الإنتاج والتي تم رفع الدعم الحكومي عنها.

إن اليد العاملة التي تعمل في أشجار التفاح تزيد في الإنتاج بأقل عدد من أشجار التفاح وبأقل مساحة متاحة أيضاً، وهذا يتطلب من الجهات الحكومية العناية أكثر بهذا المنتج وتوفير كافة المستلزمات لتحقيق التنمية فيه، مع العلم أن تكاليف الإنتاج فيه باهظة قياساً مع أسعار التسويق التي تفرض على فلاحي "السويداء".