تحتل مكانةً عاليةً في الجهة الشرقية من مدينة "شهبا"، وتحمل تميزاً بنقاء هوائها وإطلالتها البهية وتلالها التاريخية وأوابدها القديمة، وعيون مائها الصافية، وإنتاجها الزراعي الوفير، وروابط مجتمعها المتضامن على التنمية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 حزيران 2020 "إحسان زين الدين" مدير مدرسة التعليم الإلزامي بالقرية، الذي تحدث عن تاريخها، قائلاً: «ما إن تدخل قرية "تيما" حتى ترى الحجارة البازلتية، والبيوت القديمة، والنسيج العمراني المتطور، وتقع العين على المساحات الزراعية وحركة العمل الفلاحية، وتشمّ رائحة التاريخ في بعض مضافاتها التي هدمها حقد الاستعمار الفرنسي.

إنّ النسيج العمراني للقرية قديم، وقد سكنها العرب الأنباط والصفائيون وهي تضم العديد من المعالم الأثرية المهمة، ومن بينها عدد من المغاور وبقايا معبد صغير، وأجزاء من سور قديم، بالإضافة إلى آثار تعود للعهدين الروماني والبيزنطي وبقايا مبانٍ متهدمة كانت مسقوفة من حجارة الربد المبنية على قناطر، إلى جانب عدد من الآبار المطوية

تتبع قريتنا لمدينة "شهبا" التي تبعد عنها شرقاً أكثر من ثمانية عشر كليومتراً، وعن مدينة "السويداء" حوالي خمسين كيلومتراً، وترتفع عن سطح البحر نحو 1518 متراً، أما نسيجها العمراني فهو قديم إذ سكنها "الأنباط"، وهي تحتوي على عدد كبير من المغاور التي كانت تستخدم للسكن ولحظائر الماشية.

بشير شرف

تبلغ مساحتها تسعين هكتاراً، ويبلغ المخطط التنظيمي للأراضي الزراعية 1760 هكتاراً، يزرع السكان الأشجار المثمرة مثل العنب والتين واللوزيات والزيتون، والمحاصيل الزراعية مثل الحمص والقمح والشعير، ويوجد بها بعض الهضاب، ويتوسطها قصر روماني قديم وآثار لقناطر مهدمة، وقد زارها الرحالان "دوسو"، و"ماكلر" في مطلع القرن العشرين، ودرسا الكتابات الموجودة على أحجارها، وأشارا إلى الآثار الموجودة فيها، وأخذت فيها أول صورة فوتوغرافية في المنطقة من قبل الرحالين لحفل زفاف في القرية التي كانت مصيفاً للرومان بسبب جمال أرضها وطقسها ومناخها العليل وإطلالتها فائقة الجمال على ما حولها من القرى والتلال البركانية، وتوجد بها أماكن دينية كمقام "الخضر أبو العباس" بجانب القصر الروماني، وأيضاً مقام النبي "أيوب" بالقرب من ساحة القرية».

وتابع "زين الدين" عن سبب التسمية بالقول: «تعددت الآراء وفق ما ذكره المؤرخ "سعيد الصغير" بكتابه "بنو معروف في التاريخ" حيث قال إنّ معنى قرية "تيما" الفلاة يضل فيها، ويقال أرض "تيماء" أي قفرة مضلة مهلكة، وبعضهم أشار لوجود المياه الجوفية والينابيع بكثرة بها، الأمر الذي أطلق عليها اسم "طَي ماء" وبعد الاختصار سُميت باسمها الحالي، ولعل تميزها بمكانها الواقع على وادي "دوما" بوجود مجموعة من الينابيع النابضة بالحياة فيها أشهرها (عين الصخور، عين عمر، والعين الصغيرة والكبيرة).

قرية تيما

ومن جهة التعليم فقد شيدت فيها مدرستان للتعليم الأساسي بالإضافة إلى مركز صحي ووحدة إرشادية زراعية ولجنة فلاحية».

رئيس دائرة آثار السويداء الدكتور "نشأت كيوان" قال: «إنّ النسيج العمراني للقرية قديم، وقد سكنها العرب الأنباط والصفائيون وهي تضم العديد من المعالم الأثرية المهمة، ومن بينها عدد من المغاور وبقايا معبد صغير، وأجزاء من سور قديم، بالإضافة إلى آثار تعود للعهدين الروماني والبيزنطي وبقايا مبانٍ متهدمة كانت مسقوفة من حجارة الربد المبنية على قناطر، إلى جانب عدد من الآبار المطوية».

جانب من قرية تيما

وفي المجال الاجتماعي بيّن "بشير علي شرف" أحد المؤسسين لصندوق المغتربين الخيري في بلاد الاغتراب قائلاً: «تعرضت القرية لسنوات جفاف، ما دفع العديد للهجرة خلال القرن الماضي إلى الاغتراب نحو دول الخليج، وكان الهدف من ذلك تحسين الدخل المادي، وإكمال التعليم العالي، لهذا نجد نسبة الشهادات العالية بها مرتفعة ومتنوعة. وعملت النساء بصناعة السجاد اليدوي، وتعدُّ القرية نموذجاً للتكافل الاجتماعي، وهو من أهم الأعمال الإنسانية في بناء المجتمع، فليس بالضرورة أن يكون المرء في قريته ليساهم في نشر ثقافة التكافل الاجتماعي، بل بدعم أدوات وأساليب وآلية العمل بتأمين المستلزمات، وهذا ما فعله شبابنا في الاغتراب، فعملوا من خلال المشاركة بالأعمال الخيرية على تأسيس ودعم صندوق للوقف والأعمال الإنسانية مادياً، ورفد الأسر المحتاجة والفقيرة بالعيش الكريم من خلال خلق فرص عمل محلية ومشاريع تنموية مثل بناء وترميم الأماكن العامة، وهذا ما جعلنا ننعم بمجتمع متكافل ومتضامن اجتماعياً وإنسانياً، حيث أقمنا مشاريع ومواقف عامة خدمية عديدة دون الشعور بصعوبة التكاليف، فقريتنا حقاً هي قرية الجمال وينابيع تنبض بالحياة، عمادها أهلها المقيمون، وشبابها المغترب».