أول ما يشد انتباهك لدى وصولك إلى قرية "حوط" الواقعة إلى الجنوب من مدينة "السويداء" بنحو 30كم، عمرانها القديم المتداخل مع آثارها التي تشهد على قصة حضارات مرت من هنا، إضافة إلى احتضانها البحث العلمي والأدبي.

حول موقع القرية وتاريخها وآثارها، مدونة وطن "eSyria"، وبتاريخ 5 شباط 2018، التقت الباحث في التاريخ "توفيق الصفدي"، الذي قال: «تقع قرية "حوط" في أرض بركانية محجرة، بين وادي "الزعاترة" جنوباً، ووادي "البردية" شمالاً، وتخترقها قناة "السيد" إلى جوار طريق (صلخد -بصرى) القديم. وتعد قرية نبطية قديمة، ازدهرت زمن "المماليك" بين عامي 1073-1186 ميلادي، حيث عثر فيها على تمثال أسد يعود إلى العصر المملوكي، إضافة إلى مقبرة نبطية قديمة، ومذبح لا يزال بابه الحجري موجوداً، وهو قائم إلى الشرق من بركة ماء كبيرة لا تزال جدرانها قائمة. وتضم القرية آثاراً تعود إلى عهود مختلفة من الرومان والأنباط والبيزنطيين والغساسنة، وصولاً إلى العرب المسلمين. ومن آثارها المهمة منازل من الحجر البازلتي المنحوت، إلى جانب العديد من اللقى الأثرية المهمة التي تشهد بأن القرية ازدهرت في العصور الماضية، غير أنها تعرضت فيما بعد إلى التخريب إلى أن تمت إعادة إعمارها ابتداء من عام 1840.

يبلغ عدد السكان ما يزيد على 4 آلاف نسمة، تتميز بخدمات عديدة، وفيها محطة للبحوث العلمية الزراعية، ومدارس للتعليم الإلزامي، ومجلس بلدي، وكافة الخدمات الأخرى من ماء وهاتف وكهرباء، وشبكة هاتف وطرق. وسكانها يهتمون بالعلم والمعرفة، ويعملون بالزراعة وتربية الثروة الحيوانية

أما عن جغرافية القرية، فهي على ارتفاع أقصاه 1118م فوق سطح البحر، على السفح الجنوبي الغربي لجبل العرب، في جنوب "سورية" فوق هضبة تميل إلى الغرب، ذات منشأ بركاني وعر، كثيرة الحجارة والصخور. وتبعد القرية "حوط" إلى الجنوب من "القريّا" نحو 6 كم، وعن مدينة "السويداء" نحو 28 كم، يحدّها من الغرب قريتا "بكّا" و"ذيبين"، ومن الجنوب قرية "أمّ الرّمان"، ومن جهة الشرق قريتا "الرّافقة" و"المنيذرة" وجهة الشمال قريتا "القرّيا" و"نمرة"».

محمد متعب العبد الله

وأوضح "محمد متعب العبد الله" من أهالي القرية عن طبيعتها وعلاقتها التاريخية بالحاضر العلمي والاجتماعي، قائلاً: «ما يفيد أنّها قرية نبطيّة أصلاً، وقد عثر في العديد من بيوتها على زخارف ونقوش وكتابات يونانية وشواهد قبور قديمة تعود إلى تلك العصور البعيدة، كما ازدهرت في العهدين الأيوبي والمملوكي، ولعل هذا يعود إلى موقعها على الطريق القديم بين "بصرى" و"صلخد" الذي يتصل بـ"العراق"، وطريق قوافل شبه الجزيرة العربية جنوباً، والشام شمالاً».

وتابع "العبد الله" بالقول: «تم استصلاح مساحات من الأرض وتأهيلها للزراعة والتشجير، وأحاطوا تلك البقاع المستصلحة بحيطان من الحجارة والصخور التي قاموا بتنظيف التربة منها بهدف زراعة الأرض. ولعل اسم القرية مشتق من الفعل العربي "حاط"، ويفيد الحفظ والصَون، ومنه (حوَط) الساحة؛ أي بنى حولها حائطاً. ويعمل معظم سكان القرية بالزراعة، وخاصة زراعة الحبوب، والأشجار المثمرة كالتين والزيتون، إضافة إلى تربية الأغنام والماعز والأبقار. وفيها محطة للبحوث العلمية الزراعية في الجهة الجنوبية منها، وتبلغ مساحتها نحو 280 دونماً، حيث نجحت فيها زراعة اللوزيات، والبطيخ الأحمر والخضار المروية والحمّص الشتوي، إضافة إلى الأقماح المحسنة. علاوة على أنها تحتضن في يومنا هذا مشروع محطة "العجماء" لتوليد الطاقة الكهروضوئية، باستطاعة 1 ميغا واط في الساعة، وهو قيد التنفيذ، ويمتد على مساحة 50 دونماً».

صورة حوط عبر غوغل إيرث

الموظف في مديرية الشؤون "وحيد مداح" من أهالي القرية، تحدث عن الحياة الاجتماعية، والحالة الثقافية المتميزة، بالقول: «تتميز قريتنا بالحياة الاجتماعية والنمط الثقافي والأدبي، ففيها العديد من المبدعين في مجال الفن بأنواعه المختلفة، وكذلك بالإبداع على نطاق أوسع في الشعر، وقد عرفت بأنها أنتجت أهم الأدباء والشعراء في الشعر الشعبي، أمثال الشعراء: "اسماعيل العبد الله"، و"يوسف وهبي"، و"فوزات العبد الله"، و"يوسف مداح"، وغيرهم. ويبقى ما نجهله عنها أكثر مما عرفناه، فقد احتضنت تاريخياً شهداء السادس من أيار أيام الاحتلال العثماني، وخاضت أهم معركة في التاريخ المعاصر مع الفرنسيين، وسميت بمعركة "الصوخر"، وهي أرض من أراضي القرية، وتغنى بها الأدباء والكتاب والشعراء، ومؤخراً أقامت جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث فيها مهرجاناً لإحياء الأدب الشعبي؛ تقديراً لتاريخها ونضالها ومواقف أهلها».

وأضاف عن الخدمات الموجودة في القرية: «يبلغ عدد السكان ما يزيد على 4 آلاف نسمة، تتميز بخدمات عديدة، وفيها محطة للبحوث العلمية الزراعية، ومدارس للتعليم الإلزامي، ومجلس بلدي، وكافة الخدمات الأخرى من ماء وهاتف وكهرباء، وشبكة هاتف وطرق. وسكانها يهتمون بالعلم والمعرفة، ويعملون بالزراعة وتربية الثروة الحيوانية».

من أقدم المضافات