سكنت في العام 1850 من قبل مجموعة من الأشخاص الذين وفدوا إليها من بلدة "شقا" طمعاً بالاستقرار، وهي منذ ذلك اليوم تعد واحدة من أجمل قرى الجبل بتكاتف ناسها وغيرتهم وكرمهم وكأنهم بيت واحد، وهي مسقط رأس الشاعر المجاهد "جاد الله سلام".

مدونة وطن "eSyria" التقت الأستاذ المتقاعد "مجلي سلاّم" يوم السبت الواقع في 15 تشرين الثاني 2014؛ فتحدث عن أصل التسمية والسكن: «كانت القرية عبارة عن بيوت قديمة قام أجدادنا بالسكنى فيها في منتصف القرن التاسع عشر، حيث جاؤوا إلى القرية التي تشتهر بنبعها الغزير وأرضها الطيبة، ويقال إن أصل تسميتها يعود للون التربة فيها، فتم تحويرها لتصبح عامية "طربا"، وهناك من يقول إن (الطربة) مجموعة من المقابر، ولكنها لغوياً تعني الصخرة العالية الشامخة بناسها، وقد كانت على مدى الزمن الذي سكنت فيه مكاناً خصباً للألفة والمحبة والتكاتف والتعايش، فلا يوجد عائلات هنا حتى لو اختلفت التسمية، والجميع بيت واحد ينبت الرجال الأشداء الذين يظهرون وقت الحاجة للدفاع عن الأرض والعرض، وفي العام 1916 كان عدد أفراد القرية 530 نسمة قدموا خلال الثورة السورية الكبرى 23 شهيداً وعدداً كبيراً من الجرحى، والنساء لا يختلفن عما قدمه الرجال؛ فالمرأة هي التي تربي وتعلم وتنجب الأبطال».

ليس لنا أي فضل عندما نخدم أهلنا ونساهم معاً في إعمار القرية وجعلها قرية نموذجية بالمحبة والتعاون، ونحن كمغتربين نساهم في دعم الأعمال الخيرية، والمواقف العامة التي يقيمها الأهالي، وكذلك في دعم المحتاجين للعمل الجراحي المكلف، فواجب المغتربين أن يقوموا بدورهم تجاه بلدهم، فنحن مجموعة مؤلفة من 116 مغترباً في السعودية وضعفهم في البلاد الأخرى، افتتحنا مع المغتربين في المحافظة و"سورية" صندوقاً خيرياً نساهم فيه بالتخفيف من الظروف الراهنة التي يعاني منها المواطن، وقد تواصلنا مع الشباب في دول الخليج وليبيا لنفس الغاية، والجميع لا يمكن أن يتوانوا عن فعل المستحيل لأهلهم

وتحدث الأستاذ "نعيم الخطيب" عن الحدود الإدارية وعدد السكان وعملهم بالقول: «يحد القرية من الشرق قرية "الكسيب"، ومن الشمال قرية "أم ضبيب"، ومن الجنوب قرية "أم رواق"، ومن الغرب أراضي "نمرة" و"الطيبة"، ويبدو للوهلة الأولى أن العمل لسكان القرية -الذين تجاوزوا في نهاية العام 2013 ما يقارب 3315 نسمة- الزراعة بكل أنواعها، مثل: الشعير والقمح والبقوليات، والأشجار التقليدية، مثل: اللوزيات، والزيتون، وقد دخلت بعد العام ألفين زراعة التفاح تلك الشجرة المباركة التي نعول عليها الكثير، غير أن الوضع تغير كثيراً خلال الأعوام الأربعة الماضية، فالمحل وقلة الأمطار وزحف الصحراء أثر تأثيراً كبيراً في الزراعة التقليدية التي تكاد تنتهي في أراضي القرية الشرقية، حيث تبلغ مساحتها ما يقارب 14 ألف دونم، وهي بالأساس محاذية للبادية، ويترتب عليها أعباء كبيرة في عملية الإنتاج ومستلزماته، أضف إليها الوضع الأمني في البادية، وقد وجد عدد من السكان طريقهم نحو الغربة حيث يتواجد 116 مغترباً في السعودية، و200 مغترب في الخليج وليبيا، وكان في لبنان 236 شخصاً، وهؤلاء يرفدون القرية بالأموال والمشاريع وكثير من الخدمات الجليلة، وهؤلاء فخر القرية ومصدر سعادتها لما يقومون به، وفي القرية امتهن عدد من الأهالي الأعمال الحرة مثل تربية الأبقار، والحرف مثل البلاط والرخام وصناعة مشتقات الحليب، وقسم آخر موظف في قطاعات الدولة».

بلدية طربا ومؤسستها الاستهلاكية

وعن الوضع الخدمي في القرية، وما تقدمه بلدية "طربا" من خدمات للأهالي، تحدث الأستاذ "كيان صعب" رئيس المجلس البلدي بالقول: «تتمتع القرية بكافة الخدمات الأساسية من شبكة الكهرباء والهاتف، إلى شبكة المياه التي تعتمد على آبار "الدياثة"، إلى شبكة كبيرة من الطرق، وفي القرية مستوصف طبي يقدم الخدمات الإسعافية واللقاحات المجانية، وقد تم ترميمه بمبلغ مليونين و200 ألف ليرة سورية مع تجهيز كرسي سنية للعلاج المجاني، وفيها مؤسسة استهلاكية ومطحنة قديمة تؤمن كل أنواع الطحين للأهالي على الطريقة القديمة، وجمعية خيرية حديثة، ومدرستان للتعليم الأساسي، ومدرسة ثانوية تستقبل الطلاب من الصف السابع إلى العاشر، وهي محدثة هذه السنة وفيها 207 طلاب، وروضة خاصة، وقد قامت البلدية منذ سنوات بوضع حاويات القمامة أمام البيوت، حيث يأتي جرار البلدية لنقل القمامة بشكل دوري حفاظاً على النظافة العامة، وتعمل البلدية ضمن الإمكانيات المحدودة على تحسين واقع الطرق؛ حيث تم تخصيص مليون و600 ألف ليرة سورية من أجل فرش بقايا مقالع في القرية على عدد من الطرق، وتم تخصيص 400 ألف ليرة سورية من أجل وضع جرافة على الجرار الزراعي لأعمال تجريف الثلوج في الشتاء لكون القرية مهيأة في هذا الفصل لتساقط الثلوج وقطع الطرق، وفي المحصلة وضمن الإمكانيات المتوافرة هناك أعباء كثيرة تقع على كاهل البلدية وتحتاج للعمل والأموال اللازمة مثل التوسع السكاني الذي يرافقه إيصال الخدمات إلى المواطنين، وتحتاج القرية لترميم عدد من الطرق وإنشاء أخرى، وهي خطط في طور الدراسة والتنفيذ، وتبقى العلاقة مع الأهالي الذين تجمعهم ألفة غير طبيعية علاقة تعاون وصدق، وتصب كلها في خدمة المصلحة العامة».

أكثر ما يميز القرية تلك العلاقة التي تربط الأهالي مع أبنائهم في الخارج؛ حيث تكاتف الفريقان ليجعلا القرية نموذجاً فريداً في التعاون، يقول المغترب السيد "فرزان أبو صفا" عن هذه العلاقة: «ليس لنا أي فضل عندما نخدم أهلنا ونساهم معاً في إعمار القرية وجعلها قرية نموذجية بالمحبة والتعاون، ونحن كمغتربين نساهم في دعم الأعمال الخيرية، والمواقف العامة التي يقيمها الأهالي، وكذلك في دعم المحتاجين للعمل الجراحي المكلف، فواجب المغتربين أن يقوموا بدورهم تجاه بلدهم، فنحن مجموعة مؤلفة من 116 مغترباً في السعودية وضعفهم في البلاد الأخرى، افتتحنا مع المغتربين في المحافظة و"سورية" صندوقاً خيرياً نساهم فيه بالتخفيف من الظروف الراهنة التي يعاني منها المواطن، وقد تواصلنا مع الشباب في دول الخليج وليبيا لنفس الغاية، والجميع لا يمكن أن يتوانوا عن فعل المستحيل لأهلهم».

الكرم والتعاون سمتهم الدائمة.
القرية من الأقمار الصناعية