يحتل "مقام النبي يحيى" مكانة كبيرة في قلوب المؤمنين من كافة الطوائف حيث تكمن عظمة المكان في تاريخه القديم الذي يرجع للعام 361 ميلادي إبان الحكم الروماني للمنطقة العربية.

كان مكان المقام عبارة عن كنيسة يؤمها على الأرجح الجنود الرومان المتمركزين في "قرية الجنينة" لحماية القيصرية الرومانية في "شقا"، أو من الأهالي الذين توافدوا إليها من المناطق المتاخمة بعد أن حولتها ابنة الحاكم إلى غابة من الحياة. وفي العصر الحديث سكن القرية إخوة من آل "صالحة" ومن آل "الصحناوي".

سكن الجانب الثاني من المقام أبناء عمي "شبلي" و"هايل"، وقد أصابهم ما أصاب آل "صالحة" من حيث عدم الراحة في سكنهم، وقد نفق لهم فرساً أصيلاً وجملاً. وعندما عرفوا ما جاء على لسان الشيخ "حسن أبو غانم"، قرروا الانتقال من هذه الغرف والسكن قريباً من المقام. وعندها قام الأهالي بالاعتناء بالمقام من جديد

مدونة وطن eSyria التقت الشيخ المسن "هاني صالحة" يوم الخميس الواقع في 4/4/2013 والمولود في القرية عام 1917 والذي تحدث عن المقام قبل أن يكتشف وقال: «لقد تركت هذه البقعة من المنطقة أثراً ما زال باقياً إلى الآن، حيث بنى الرومان الذين جعلوا القرية معسكراً لجندهم المرابطين هنا لحماية القيصر معبداً يتميز بأرضيته المرصوفة بالحجارة، والرسومات والنقوش الجميلة التي زينت بعض الحجارة، والقناطر العالية والكبيرة التي ليس لها مثيل في المنطقة لارتفاعها وطولها، إضافة إلى ذلك يوجد أمامه ساحة كبيرة مبلطة بالحجارة، وهي تستخدم اليوم للمناسبات الكبرى، وللمعبد قصة تحكى من جيل إلى آخر، فسكان القرية الذين كانوا هنا في العصر الحديث لا يعلمون أنه مكان مقدس إلا بعد حادثة وقعت للذين سكنوه من آل "صالحة"، حيث كان يسكنه الأخوين "علي صالحة" و"شاهين صالحة" فكان أن بدأا ببيع أرضهما ومواشيهما، ولم يكونا مرتاحين في عيشهما، فدائماً ما كان المرض يصيب أفراد العائلة بلا سبب، ومات عدد من أبناء الأخ الأكبر "علي" دون معرفة السبب أيضاً، وهما بالأساس لا يعلمان أن هذا المكان مقدس، وفي يوم جاء أحد سكان القرية إليهما مسرعاً وخائفاً، وكان يدعى "حسن أبو غانم" حيث قال لهما إنه جاءه في حلمه شيخ جليل يقول له إن المكان الذي تسكناه هو مقام النبي "يحيى" عليه السلام، ولكن رجلاً من الأهالي الذين حضروا على حديث الرجل راح يضرب الحجارة بقدميه ساخراً من الحلم، وبعد أيام مرض مرضاً غامضاً، وأصاب قدمه الغرغرينا ومات بعد مدة قصيرة.

قناطرها العالية نادرة في المنطقة

وعندما قامت الثورة السورية الكبرى استشهد "شاهين صالحة" في معركة "المزرعة"، وبقي "حسين" وحيداً في المنزل حيث مات له أغلب أبنائه ولم يبق له سوى ولد وحيد وابنتان، وعاد نفس الرجل "حسن أبو غانم" مرة أخرى يروي حلمه الجديد الذي تضمن تهديداً بالخروج من المعبد وإلا مات جميع الأبناء، وهكذا رحل من البيت إلى لبنان، وعاد البيت من جديد يستقبل الناس الذين يعبدون الخالق الواحد، وقد بنى الأهالي مكاناً للضريح، وأكملوا البناء الخارجي، وأصبح مقام النبي "يحيى" مقصداً للزوار».

وقال السيد "شكيب الصحناوي" عن السكان الآخرين الذين سكنوا الغرف الشرقية: «سكن الجانب الثاني من المقام أبناء عمي "شبلي" و"هايل"، وقد أصابهم ما أصاب آل "صالحة" من حيث عدم الراحة في سكنهم، وقد نفق لهم فرساً أصيلاً وجملاً. وعندما عرفوا ما جاء على لسان الشيخ "حسن أبو غانم"، قرروا الانتقال من هذه الغرف والسكن قريباً من المقام. وعندها قام الأهالي بالاعتناء بالمقام من جديد».

المقام من الخارج

إمام قرية "الجنينة" الشيخ "سليمان أبو مراد" تحدث عن التطويرات التي أضافها الأهالي على المقام، فقال: «كان لا بد من العمل حتى يصبح المكان يليق بالاسم الذي حمله، فقد قام الأهالي ببناء الضريح في الغرفة الغربية، وترميمها وفرشها بالسجاد المناسب، وتم في الجهة الشرقية التي تضم صالة واسعة خصصت لرجال الدين الذين يؤمونها لعبادة الخالق، أما الغرفة المجاورة لها فقد فتحت على الصالة الكبيرة وفصلت بفاصل وهي مخصصة للنساء المؤمنات.

والذي يدخل المقام يلاحظ عظمة البناء من حيث الارتفاع الذي يصل لما يقارب ثمانية أمتار، ويعلوها قناطر عالية تمتد على طول السطح ، وهي من أكبر القناطر الموجودة في المحافظة، أما في الخارج فهناك ساحة واسعة وكبيرة أمام المقام مرصوفة بالحجارة البازلتية، وهي مخصصة لاستقبال المواطنين أثناء الجنازات.

موقع المقام من خارطة غوغل

وفي الخمسينيات من القرن الماضي قام الأهالي ببناء سور عال حول المقام والساحة الكبيرة، ويعتبر المقام مقصداً لكل المؤمنين من أي مكان لما كان يمثله النبي "يحيى" عليه السلام.

وعلى مر السنين دأب الأهالي على تنظيم وترتيب وترميم المقام ومرفقاته، وقد تبع ذلك بناء صالة كبيرة من طابقين خلف المقام مخصصة للمناسبات المختلفة، وهذه الصالة بنيت من مال الوقف، وتبرعات أهل القرية المقيمين والمغتربين.