عرفت كغيرها من المناطق بهدوئها وطبيعتها الخلابة التي تبعث الطمأنينة في النفوس دون أن يعرف الآخرون عنها شيئاً سوى أنها تضم بين طياتها رفات نبي الله الصالح "شئت"، ومع مرور الوقت تحولت إلى مزار دائم أمه خلال عام واحد عشرة آلاف من الزائرين والسياح بعد أن تم تصوير مسلسل "الخربة" بين بازلتها العتيق، وبيوتها الدافئة.

مدونة وطن eSyria جالت في قرية "ذكير" الواقعة على بعد 26 كم إلى الشمال من مدينة "شهبا"، بتاريخ 10/3/2013 وحاورت بعض الزوار الذين انتشروا في أرجاء القرية، ومنهم السيدة "نيبال درويش" القادمة من ريف المحافظة والتي أشارت بالقول: «إن البيئة التي صورت فيها المشاهد تشد الناس للتعرف على البيوت القديمة بغرفها الواسعة، وساحاتها الفسيحة، وحجارتها السوداء الداكنة، نحن أبناء القرية تربينا في مثل هذه البيوت، ولكننا أحياناً ننسى الجمال المختزن فيما حولنا حتى يكتشفه الآخرون عنا، وهذا تقصير كبير منا تجاه الأشياء التي يجب أن تنال الاهتمام اللازم، ومحاولة المحافظة عليها من عوامل الطبيعة وعوائد الزمان».

إن البيئة التي صورت فيها المشاهد تشد الناس للتعرف على البيوت القديمة بغرفها الواسعة، وساحاتها الفسيحة، وحجارتها السوداء الداكنة، نحن أبناء القرية تربينا في مثل هذه البيوت، ولكننا أحياناً ننسى الجمال المختزن فيما حولنا حتى يكتشفه الآخرون عنا، وهذا تقصير كبير منا تجاه الأشياء التي يجب أن تنال الاهتمام اللازم، ومحاولة المحافظة عليها من عوامل الطبيعة وعوائد الزمان

السيد "هشام درويش" الذي تجول في البلدة القديمة، قال: «أعرف هذه البيوت جيداً، وأعرف ما خبأته بين جدرانها من حب ودفء وحنين، فنحن من نفس المنطقة، وأهلنا ولدوا في مثل هذه البيوت، غير أن الذاكرة يجب أن تبقى حية ومستيقظة، والشيء الذي يزعجني أننا دائماً نصل متأخرين، ونكتشف أن الغرباء من البلدان الغربية الباحثين عن الذهب والمجد قد اكتشفوا سر بيوتنا وعاداتنا قبل أن نصل إليها بقرون، والدليل على ذلك البعثات الاستكشافية التي كان يتحفنا بها الغرب، أو أولائك الغرباء الذين قدموا بحجة التبشير، ومع الزمن نحولهم إلى أبطال، ونكتب عنهم ونخلدهم في تاريخنا دون أن نعلم ما كانوا يضمرونه لنا من حقد دفين، وتخريب للذاكرة، إن هذه البلدة الجميلة بناسها وساحاتها وبيوتها يجب أن تكون قدوة لكل بلدات الوطن الكبير سورية».

"هشام درويش" أمام أحد البيوت التي صور فيها المسلسل

الشيخ "كايد الكفيري" أحد سكان القرية، قال عن سر قدوم الناس لزيارة قرية "ذكير"، قائلاً: «إن البلدة القديمة تمتلك كل مقومات البناء القديم الذي بني على أساس الصلابة والمتانة من الحجارة البازلتية الصلبة، والأعمدة الكبيرة التي تشبه إلى حد ما أعمدة مدينة "شهبا" وبلدة "قنوات"، وكانت تحتاج فقط إلى من يزيح عنها غبار سنوات من العتمة، حتى جاءتها الفرصة لتبرز جمالها وما تكتنزه من معالم باهية، فالصورة في التلفاز لافتة للغاية، وقد تم تصوير المسلسل السوري "الخربة" في القرية، ولعل النجاح الذي حققه كان له فضل كبير في التعريف بالبلدة، وهو ما دفع الكثيرين من الناس والزوار للقدوم ورؤية البيوت التي تم فيها التصوير عن كثب.

وبحسب الأهالي فقد زار القرية ما يقارب عشرة آلاف زائر خلال سنة واحدة، بدأت بشائرهم عند بداية عرض المسلسل واستمر تدفقهم إلى الآن».

مقام النبي شئت في قرية ذكير

يقول الأستاذ "طلال الكفيري": «بعد أن كان الأهالي يتغنون بالأمجاد الغابرة التي عاشتها القرية إبان الثورة السورية الكبرى، ومع الزمن باتت قريتنا كغيرها من القرى، لا يميزها شيء، أناسها بسطاء طيبون، يذهبون إلى أعمالهم بشكل تلقائي، وما يلبثون أن يعودوا إليها وإلى حياتهم الطبيعية، ومع وجود عمالقة الفن السوري هنا، باتت قبلة الناس الباحثين عن الحب والحرية التي وجدوها في "ذكير".

ويعتمد السكان هنا على الزراعة الموسمية وهي زراعة الحبوب والأشجار المثمرة خاصة الزيتون، حيث يبلغ إنتاج القرية من الزيتون سنوياً حوالي 200 طن ومساحة الأراضي الزراعية بالقرية حوالي 20 ألف دونم، بينما تبلغ مساحة المخطط التنظيمي للقرية 63 هكتاراً.

قرية "ذكير" من غوغل إرث

تقع القرية إلى الشمال من مدينة "السويداء" وتبعد عنها زهاء 45 كم، يبلغ عدد سكانها 1000 نسمة، تحدها "اللجاة" من الغرب، وقرية "أم حارتين" من الشمال، و"خلخلة " من الجنوب، ويقطع وادي "اللوى" أرضها قبل أن يتوقف عن التدفق بسبب بناء سد "شهبا".

وتفتقر القرية إلى العديد من المرافق الخدمية من طرق زراعية إلى مدرسة إعدادية ومركز صحي ومركز ثقافي وغيرها الكثير، لكن أهم ما استفادت منه القرية حالياً هو إنشاء محطة لمياه الشرب والتي بلغت كلفتها 10 ملايين ليرة سورية، وهي الوحيدة على مستوى المحافظة، ووجود بئر للري من آبار المكرمة جعل الفلاحين يستفيدون منه بسقاية أراضيهم.

حيث تقع "ذكير" في حضن اللجاة من الجهة الشرقية التي تكتسب منها جمال الطبيعة وخاصة هواءها العليل النقي، وفيها رفات نبي الله "شئت" الذي أصبح تحفة فنية من حيث البناء والتصميم المعماري، وهو يعتبر واحداً من الأماكن التي يقصدها الناس للزيارة في كل وقت».