تعتبر من أقدم المناطق المسكونة في منطقة هضبة حوران، حيث يعود عمرها إلى العصر البرونزي، فهي تعد أعلى نقطة مأهولة بالشرق الأوسط، إنها قرية "شعف" التي تقع في شرق جنوب محافظة "السويداء" ، وتتبع إدارياً لمدينة "صلخد".

تبعد عن مدينة السويداء مسافة 34 كم، حيث يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 1680 متراً، حيث تتربع البلدة على التل المرتفع والمطل على العديد من القرى المجاورة منها "الرشيدة- الحريسة- سالة- تل اللوز- طليلين".

تعتبر القرية مثالاً للقرى في "السويداء" من حيث التحلي بالكرم والجود والصفات النبيلة والترحيب بالضيف وفتح البيوت له، وتضم القرية العديد من العائلات العريقة "آل الخطيب وآل درويش وآل نعيم وآل زين الدين" وغيرهم من العائلات، والبيوت فيها تنتشر من اعلى التل إلى أسفله، وتعبر عن الحالة الاجتماعية للأهالي من الترابط والتجاور

مدونة وطن eSyria زارت القرية بتاريخ 3/2/2013 والتقت أحد أبنائها الباحث الأثري والتاريخي الأستاذ "حسين زين الدين" الذي تحدث عن مكانة قريته "شعف" التاريخية بالقول: «تعتبر القرية من أقدم المناطق المسكونة في منطقة هضبة حوران، حيث يعود عمرها إلى العصر البرونزي أي حوالي أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، وذكر مؤرخ الغساسنة "حمزة الأصفهاني" أن "شعف" مدينة المغاور والكهوف، حيث وجد فيها بعض النقوش التي تحمل اسم إمام "شعف" ما يدل على وجود جامع فيها، كما يوجد فيها أيضاً مزار "الخضر" عليه السلام، وفي أعلى نقطه من القرية معبد نبطي ويتوقع أنه مبني على معابد أخرى».

المحامي عامر الخطيب

ومن أبناء القرية المحامي "عامر الخطيب" الذي تحدث عن البنية الاجتماعية فيها قائلاً: «تعتبر القرية مثالاً للقرى في "السويداء" من حيث التحلي بالكرم والجود والصفات النبيلة والترحيب بالضيف وفتح البيوت له، وتضم القرية العديد من العائلات العريقة "آل الخطيب وآل درويش وآل نعيم وآل زين الدين" وغيرهم من العائلات، والبيوت فيها تنتشر من اعلى التل إلى أسفله، وتعبر عن الحالة الاجتماعية للأهالي من الترابط والتجاور».

يتابع: «إن مساحة القرية وفق المخطط التنظيمي 850000م2 ومساحة البلدة القديمة 81500 م2، والقرية هي عبارة عن 3 أجزاء، القرية القديمة والتي تحوي المغر وتتميز البيوت فيها بالتلاحم والتراكب وبنيت من الحجر والتي تحتل القمة من التل، والتوسع للقرية القديمة الذي اتى بفترات احدث وكان خليط من البيتون والحجر والذي يتوضع على السفح، والسكن الحديث المتوضع في السهل اسفل التل وهي مساكن حديثة من البيتون.

قرية "شعف" من غوغل إرث

أما سكان القرية فهم يعتمدون في معيشتهم على الزراعات البعلية الموسمية، وأغلب السكان مزارعون ويعتمدون في معيشتهم على ما تنتجه الارض، وتربية الثروة الحيوانية، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي2000 نسمة حسب السجلات المدنية إلا أن الموجود فيها حالياً ما يقارب 900 نسمة بسبب الهجرة الكبيرة الى مدينة "السويداء"، وعدد الاسر ما يقارب 220 اسرة بمتوسط عدد الأفراد 5 اشخاص، الحالة التعليمية متوسطة».

وعن خدمات المنطقة ونشاطها التعليمي أوضح الأستاذ "معضاد الخطيب" قائلاً: «تحوي القرية عدة خدمات كمدرسة ابتدائية وإعدادية ونقطة طبية وصالة افراح ونقطة للهلال الأحمر إلا أنه يعوزها الكثير من الخدمات وأهمها شبكة الصرف الصحي وعدم وجود وسائل نقل كافية، وسوء الشبكة الطرقية ومحطة وقود قديمة لا تلبي حاجات البلد، هذه المشكلات تعاني منها البلدة القديمة، وهجرة السكان من بيوتهم نتيجة عدم تحقيقها متطلبات السكن الحالية ما أدى إلى تداعيها وانهيارها وتحولها إلى خربة فاقدة بذلك ميزاتها المعمارية».

من بعض بيوت شعف

حول الوضع المناخي والبيئي والزراعي أضاف: «المنطقة ذات ارتفاع عال ما يجعل الهواء عليلاً فيها، حيث تكسوها الثلوج بكثافة خلال فصل الشتاء، وحيث تطل على العديد من الجوار الذي يكتسي بالخضار في الربيع، الرياح السائدة فيها الغربية والغربية الجنوبية ولبعدها عن الحواضر المدنية فهواؤها صاف خال من التلوث ومعدل سطوع الشمس 12 ساعة صيفاً وحوالي 10 شتاءً، والزراعات المنتشرة زراعة الزيتون بالإضافة إلى الكرمة واللوزيات والمحاصيل الموسمية مثل القمح والشعير والحمص.

أما الثروة الحيوانية فهي جيدة ما حتم على مالكي المواشي وضعها في الطوابق الأرضية من المباني الحجرية القديمة التي أصبحت غير قادرة على تأمين خدماتهم من مياه وكهرباء وصرف وغيرها، ما أثر سلباً على الحالة الفيزيائية للمبنى الحجري القديم نتيجة عدم الاهتمام والرطوبة وأدى إلى انهيار وتهدم قسم كبير من البلدة القديمة.

على الرغم من ذلك فإن أكثر الحيوانات المتواجدة هي الأبقار والأغنام والماعز، ومن الطيور الدجاج والإوز والحمام».

وعن الميزات الشعبية لقرية "شعف" بيّن الأديب "فرحان الخطيب" عضو اتحاد الكتاب العرب وأحد أبناء القرية بالقول: «لعل زراعة القمح والمحاصيل وبعض الأشجار المثمرة التي تكثر في القرية وتجعل منها منارة لمجموعة من المأكولات الشعبية ذات الطابع التاريخي خاصة إن القرية شتاءً تكتسي بالثلوج لهذا ترى أهلها يقيمون ولائم الشتاء من "المليحي وأكلات البرغل والشكك والمغربية واللزاقيات" وغيرها، إضافة إلى القهوة المرة العربية والتي لا تخلو مضافة منها، ولهذا ترى دخانها يعلو فوق أسطح منازلها وكأنه يعانق السماء برائحته الزكية، ولابد من الإشارة إلى أن شتاءها طويل إذ ترى أبناءها يعملون على تمتين العلاقات الاجتماعية بالسهرات الليلية والأحاديث الاجتماعية والتاريخية التي من شأنها نشر ثقافة الماضي بروح المعاصرة والحداثة».