"أم جرن"، "أبو إسماعيل"، "شهاب"، "الصيافة"، "الجمل"، "سليم" وغيرها الكثير هي أسماء لعيون ماء تتوزع في قرية صغيرة حملت اسم "عيون" تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة "السويداء" وتبعد عنها مسافة 30 كم.

هذه العيون أخذت اسمها من اسم صاحب الأرض التي وجدت فيها، أو حملت اسم الشخص الذي حفرها، وأشهرها هي عين "أم جرن" أو "عين البلد"، ويحكى أن فيها جرن حجري منحوت ومياهها صافية، وكان يعتقد قديماً أن البهائم التي تشرب منها تتخلص من العلق.

لا أعلم بالضبط، ولكن قديماً زرعت كافة أراضي القرية وبذرت بالحبوب، واحتاجت الأراضي إلى 1300 مد من البذار، ولبذار ثلاثة دونمات نحتاج إلى 100 مد، فهذا يعني أن مساحة القرية 3000 دونم تقريباً

موقع eSuweda زار القرية وتعرف أكثر على ينابيعها وطبيعة حياة سكانها وأبرز ما يميزها من خلال اللقاءات التالية:

"معضاد الشومري" مختار القرية مع السيد "فارس الشومري"

الشيخ "سلمان حمد الشومري" من المعمرين في القرية وقد تجاوز عمره التسعين عاماً حدثنا عن تاريخ سكن القرية فقال: «سكنت قرية "عيون" عام 1938م وأول من سكنها "حسن الشومري" و"خزاعي الجرمقاني" و"محسن غنام" وهم من الشخصيات المرموقة في القرية، وقد سكنوا في دار الحكومة الفرنسية سابقاً، حيث كان الفرنسيون وفي فترة الاحتلال يستفيدون من خصوبة أرضها وينابيعها الوفيرة والكثيرة العدد.

قدمت مع والدي للسكن فيها منذ عام 1949م وكنت في الثلاثين من عمري آنذاك، أخذت القرية اسمها من ينابيع الماء الموجودة فيها والتي مصدرها ظهر الجبل ويبلغ عددها 365 نبعا، وهي بعدد أيام السنة وقد تزيد على ذلك، حالياً معظم هذه الينابيع جاف وفي مواسم الأمطار تفيض جميعها، ومازلنا نذكر في عام 1992م فيضان جميع الينابيع في القرية لوفرة الأمطار، وكان ذلك العام عام خير وازدهرت فيه مواسم الزراعة إلا أن بعضها ينابيع دائمة مثل عين "أم جرن" وعين "أبو إسماعيل" وعين "الجمل" وعين "سليم" وبئر البلد وهو أساسي».

عين "أم جرن" المشهورة أو عين البلد

ولدى سؤالنا عن مساحة القرية أجاب: «لا أعلم بالضبط، ولكن قديماً زرعت كافة أراضي القرية وبذرت بالحبوب، واحتاجت الأراضي إلى 1300 مد من البذار، ولبذار ثلاثة دونمات نحتاج إلى 100 مد، فهذا يعني أن مساحة القرية 3000 دونم تقريباً».

السيد "معضاد الشومري" مختار القرية قال: «الرومان هم أول من استعمل الينابيع الموجودة في القرية، ثم تعاقبت باقي الحضارات على المنطقة. حالياً نعتمد في مياه الشرب على الآبار الارتوازية ومياه السدود وبشكل خاص سد أبو زريق والشبكات المحددة للبيوت، أما في القديم فكانت الينابيع تسقي الناس وتروي الأراضي المجاورة لها، وكانت القرية مشهورة بزراعة مختلف أنواع الخضراوات .

جانب من القرية

عدد سكان القرية 580 نسمة، وهناك انتشار واسع للمنطقة العمرانية، فالبيوت لا تبدو قريبة إلى بعضها كثيراً، وهناك نسبة 40% من السكان من المغتربين في لبنان ودول الخليج وليبيا وفنزويلا، وهي تتبع تنظيمياً لبلدية "المنيذرة" التي تقوم بأعمالها المعتادة من نظافة وصيانة شبكات المياه والكهرباء وتنفيذ خططها السنوية في شق وتعبيد الطرق.

يوجد في القرية مدرسة ابتدائية وإعدادية، ووحدة إرشادية، ومشغل للسجاد اليدوي، أما وضع الطرق في القرية بشكل عام فهو مقبول، وبالنسبة للطرق الزراعية فهي وعرة وتحتاج القرية إلى عشرة كم حتى تخدم أراضيها، وهناك طرق مازالت فيها أرصفة رومانية قديمة.

الآثار الموجودة في القرية يقال إن "الأنباط" سكنوا القرية قديماً وتركوا فيها البيوت والكتابات القديمة وهي ماتزال مسكونة وتحتفظ بطابعها القديم في معظمها، ويوجد كنيسة في بيت "فارس الشومري" عبارة عن دير كبير تشمل خمس بيوت، ويوجد دير "مارمارون" وهو موقع قديم يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد.

أما بالنسبة للكتابات فقد قامت مديرية الآثار بترجمة الرقم والكتابات الموجودة وقد تحدثت معظمها عن أسماء كانت متداولة قديماً، وفي كسرة موجودة قرب البرج في الجزء الجنوبي من القرية وجد أربعة حروف هي عيون جمع عين، وهي حصن هام حيث توجد عدة ينابيع وربما هي عيون المذكورة في ثبت "تحوتمس الثالث" في النصف الأول من القرن الخامس عشر قبل الميلاد ويوجد فيها خرائب تدل على ذلك».