اقترن اسمها بالغار تلك البلدة التي تقع في أقصى جنوب "السويداء" ومازالت تحمل ملامح الريف الجميل، الذي يعتمل الزراعة وتربية الماشية لكنه في ذات الوقت لم يكن بعيداً عن التحضر والتعليم، لتكون "الغارية" الريفية المتحضرة التي سكنت منذ القدم ومازال غارها يانع الخضرة.

عندما تزور هذه البلدة تشعر بنوع خاص من الجمال الريفي فالأرض مستوية ولا جبال قريبة سوى بعض التلال المحيطة التي تغطيها أشجار الزيتون وغيرها من الأشجار المثمرة، موقع eSuweda جال في أرجاء هذه البلدة ليرسم مع أهلها لوحة لكل من أراد التعرف لتشكيل ريفي بديع يتماثل مع صور الريف الجميل في قطرنا.

أسر قليلة تلك التي ابتعدت عن تربية الماشية وفي هذه البلدة، وهناك اعتماد واضح على الثروة الحيوانية ومع توافر الخدمات الطبية للمواشي من خلال الوحدة ووصول الأعلاف من المركز استطاع الأهالي المحافظة على هذه المواشي لتكون منتجاتها المشكل الغذائي الأهم للأهالي، حيث نجد ما يزيد على 2500 رأس على مستوى الأغنام و50 بقرة تدر الحليب، فهنا الأهالي نشيطون يستمتعون بالعمل الزراعي ورعاية الماشية وتجدهم متابعون لعملهم وفي كل يوم تردنا أسئلة من الأهالي ونحن كوحدة نتساعد معهم لتأمين احتياجاتهم للمحافظة على هذه الثروة، لكننا نسعى مع الجهات المختصة لتعيين طبيب بيطري لمصلحة الوحدة لتحسين مستوى الخدمات وتأمين مستلزمات تلقيح الأبقار بشكل دائم لتوفير التكاليف على الفلاحين ومساعدتهم

ولاشك أن لاسمها معاني كثيرة لكن نبتة الغار كانت الأقرب للنفوس ليكون المعنى الأدرج على لسان الأهالي وهذا ما حدثنا به المهندس "بسام أبو لطيف" رئيس البلدية بقوله: «هذه البلدة الواقعة في أقصى الجنوب اقترن اسمها بالغار هذا النبات البري دائم الخضرة الذي يتميز بأن خشبه صلب وعطر انتشر في هذه المنطقة وكانوا يصنعون منه أكاليل النصر، هذا بالنسبة للاسم لكن هذه البلدة التي تتوضع على بعد 45 كم عن مدينة "السويداء" وترتفع 1204مم عن سطح البحر وتبلغ مساحة المخطط التنظيمي 424 هكتارا تحدها من الجنوب الحدود السورية- الأردنية ومن الشمال أراضي مشاع أملاك دولة لتجاورها من الشرق قرية "عنز" ومن الغرب أراضي قرية "أم الرمان"، حيث تتمتع بمناخ صيفي جميل ومعتدل وبارد نسبياً في الشتاء ومازالت تتسم بالطابع الريفي مع العلم أن كافة الخدمات، موجودة لكن هذا الطابع اتخذته من الاعتماد على الزراعة وتربية الماشية لترى تلالها مكسوة بالأشجار والخضرة حيث تزدهي بأبهى حلة في فصل الربيع.

لقطات من الغارية

وبشكل عام "فالغارية" مسكونة منذ عصور ما قبل الميلاد ومازالت النقوش على جدران المغائر القديمة دليل على ذلك، وقد سكنها العرب منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، وهذا ما جعلها إحدى أهم القرى من الناحية الأثرية وكانت محط الاهتمام خلال الأعوام الماضية، لتكتشف عدة أماكن حوت من عهود قديمة مدافن تحكي تاريخ هذه البلدة الموغل في القدم».

لون الحياة الاجتماعية الريفية الهادئة يلون حياة هذه البلدة حديث أفادنا به مختار القرية "جاد الله أبو ديكار" وقال: «حياة اجتماعية متميزة يعيشها أهالي البلدة الذين يبلغ عددهم 7200 نسمة، ومازالت التقاليد الاجتماعية القديمة رابطا قويا وحقيقيا تنتظم به تقاليد الأفراح والعزاء وغيرها من المظاهر الحياتية التي نعيشها في جبل العرب، ومن العائلات التي سكنت "الغارية" منذ القدم: "أبو لطيف" "الصفدي" "نادر" "فرج" "غزالة" "خداج" وعدد من الأسر التي تعيش حياة مستقرة في هذه البلدة التي وصلتها الخدمات من تعليم وخدمات طبية وزراعية يحتاجها الأهالي، حيث يلتحق طلاب البلدة بمدرستين ابتدائيتين وإعداديتين وثانوية، وهناك مستوصف يقدم خدماته لكبار السن والأهالي بشكل عام، ووحدة إرشادية وجمعية فلاحية، إلى جانب خدمات طرقية جيدة ومشروع مكتمل للصرف الصحي ساهمت إلى حد كبير في تطوير البلدة لتتلاقى مع صفات الريف المتحضر.

مجلس بلدة الغارية

ومن الظاهر في "الغارية" أن الزراعة رغم سنوات الجفاف مازالت النشاط الأهم للأهالي ويعود ذلك لسعة الأراضي الزراعية، حيث تصل مساحة الأراضي الزراعية 40 ألف دونم منها 22 دونما داخل الأراضي الأردنية، وبقي الأهالي مزارعون ينتظرون أمطار الشتاء والمواسم، ولا يتأخرون عن تعليم الأبناء ومتابعة الحياة المتطورة، وإلى جانب هذا النشاط فقد اتجهت نسبة ليست بالقليلة من الشباب للعمل في الخارج مثل دول الخليج وغيرها».

وعن حجم الثروة الحيوانية تحدث المهندس "رأفت الباسط" رئيس الوحدة الإرشادية في هذه البلدة بقوله: «أسر قليلة تلك التي ابتعدت عن تربية الماشية وفي هذه البلدة، وهناك اعتماد واضح على الثروة الحيوانية ومع توافر الخدمات الطبية للمواشي من خلال الوحدة ووصول الأعلاف من المركز استطاع الأهالي المحافظة على هذه المواشي لتكون منتجاتها المشكل الغذائي الأهم للأهالي، حيث نجد ما يزيد على 2500 رأس على مستوى الأغنام و50 بقرة تدر الحليب، فهنا الأهالي نشيطون يستمتعون بالعمل الزراعي ورعاية الماشية وتجدهم متابعون لعملهم وفي كل يوم تردنا أسئلة من الأهالي ونحن كوحدة نتساعد معهم لتأمين احتياجاتهم للمحافظة على هذه الثروة، لكننا نسعى مع الجهات المختصة لتعيين طبيب بيطري لمصلحة الوحدة لتحسين مستوى الخدمات وتأمين مستلزمات تلقيح الأبقار بشكل دائم لتوفير التكاليف على الفلاحين ومساعدتهم».

إحدى البرك الأثرية التي لازالت على الهيئة القديمة في وسط القرية

الجدير بالذكر أن الغارية تقدم خدماتها للقرى المحيطة على مستوى الهاتف وخدمات متنوعة وقد رعت منذ خمسة وعشرين سنة ماضية مشروع تشجير للأراضي الواقعة إلى الشمال من القرية بمختلف أنواع الأشجار المثمرة لتتحول إلى غابة كبيرة، لكنها تأثرت إلى حد ما بظروف الجفاف.