تعتبر قرية "ذيبين" البوابة الجنوبية لمحافظة "السويداء" يحدها غرباً محافظة "درعا" ومن الجنوب المملكة الأردنية الهاشمية ومن الشرق قرية "أم الرمان" ومن الشمال قرية "بكا" وتبلغ مساحتها 99000 دونم وعدد سكانها 6000 نسمة وقد اكسبت هذه البلدة أهمية خاصة على مر التاريخ.

بتاريخ 18/7/2008 قال فيها الشاعر"غانم بو حمود" القادم من "صافيتا" في محافظة "طرطوس" في إحدى أمسياتها الشعرية:

"ذيبين" يا ذاتَ المساءِ القرمزيِّ../ ولا أُلامْ..!!/ لو جاءَ يأمرني بهاؤُكِ بالسفر../ صوتي جريحٌ والمقامُ على اكتمال،/ والروح أسكرَها سؤالٌ منتظرْ..!!/ لك في كتابِ الصِّيدِ/ فاكهةُ السلام.../ ونشيدٌ يورقُ بالبطولةِ/ والمطرْ،/ وجرارُ تنضحُ بالبروقِ/ وبالسهام،/ وسلال ملأى بالحكايا/ والسِّيرْ..!!!/ كلُ الأحبةِ حمّلوني بوحهم/ فلتهنئي "ذيبين" في صوغِ الدررْ.

الشيخ أبو حسن يحيى بن سعيد الحناوي

ويقول لموقع esuweda: بعد أن قلتُ قصيدتي بتاريخ البلدةِ الحافل بالبطولات وبشعبها، الكريم ليس لديَّ ما أقوله..لأن قصيدتي كانت معبرةً عما يخالجني من شعورٍ نبيلٍ أكنّه للبلدةِ وأهلها الطيبين، إلا أنه أدهشني ذلك الشيخ "أبو حسن يحيى بن سعيد الحناوي" الوقور بقامته المديدة دونما انحناء وكأنها الرمح العربي الممشوق، يقف في باب داره وقد ناهز عمره قرناً ونيف، مرحّباً بعشرات الضيوف الذين توافدوا إلى منزله الرحب، التي تشهد له عتباته العالية وأبوابه الواسعة وعريشته ذات القطوف الدانية، وزيتونه السامق، بالمروءةِ، والبطولةِ، والكرمْ، أما تلك الأوابد من حجارةٍ تكسرت عليها النبال، وميادين انطلقت من أرجائها في ذات حرب، قوادم الجياد، وقناطر وأعمدةٍ، كانت شاهدةً على كل بطولة وسخاء جعلتني لساعاتٍ أقف بين نفسي ونفسي مستذكراً أولئك الرجال الذين تيمموا بطين الوطن وكبريائه، وأدوا صلواتهم في محراب الفضيلة والوغى تاركين لنا هذا الإرث من الخلف الوطني الصالح الذي نفخر به ونعتدُّ بقيمه التي ستكون صخرةً تتحطم عليها سهام المعتدين ونواياهم الدنيئة في أي وقت من الزمن.

كما التقى موقعنا الشيخ "أبو حسن يحيى بن سعيد الحناوي" الذي ناهز عمره القرن من الزمن وهو ممن أصلح مدفعاً للثوار وأعادوا استخدامه في معارك الثورة السورية الكبرى، إذ بين أن "ذيبين" تتميز بكثير من الأوابد التاريخية ومنها البئر الموجود الذي يعود بتاريخه إلى مئة عام في القرية وأهل البلدة يأخذون احتياجاتهم منه إلى تاريخه الحالي، وفيها مقبرة متميزة وهي من المقابر ذات الطراز المعماري الجميل، وبنيت على شكل صفين متقابلين من القبور بينهما ممر بعرض 2.20 متر وأبعادها 6.50 ×5.25 أمتار وكان سقفها مبنيا بشكل قبة، وهناك مقابر كثيرة بنيت في العصرين النبطي والروماني في معظم مواقع الجبل ولكنها الآن زالت من الوجود مثل مقبرة "صما البردان" ومقبرة "بكا" وغيرهما.

الأستاذ الدكتور أديب عقيل

لقد قدمت قريتنا العديد من الشهداء في معارك الثورة السورية الكبرى التي قادها المغفور له "سلطان باشا الأطرش" ومن بين قائمة الشهداء في معركة "المسيفرة" والدي الشهيد "أبو فارس سعيد الحناوي" بالإضافة إلى العديد من شهداء في حربنا ضد العدو الصهيوني.

وعائلات قريتنا تتميز بمضافاتها فلكل عائلة مضافة تستقبل بها ضيوف العائلة القادمين من خارج البلدة ويوجد في كل بيت مضافة إلا أن المضافة الكبرى هي مخصصة للمناسبات الكبرى (الأفراح-الأتراح)، ومن بين مضافاتنا مضافة "آل الحناوي" التي قصفها العدو الفرنسي في معارك أهلنا، ومازلت حجارتها تشهد على وحشية أعدائنا، ولأن الشعراء هم التاريخ الذي لم يكتبه المؤرخون، فعلى الأدباء والشعراء أن يوثقوا الأحداث والوقائع.

السيد فارس الحناوي

الأستاذ الدكتور "أديب عقيل" أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق بيّن أن السبب الرئيسي لأهمية بلدة "ذيبين" يعود إلى كونها مخزن المحافظة من الحبوب، فقد ردد الناس قديماً «أن ذيبين تحمل الجبل والجبل لا يستطيع حمل ذيبين» لكثرة إنتاجها من الحبوب بالنسبة لباقي قرى المحافظة فالمساحة الكبيرة للأراضي جعل عدد سكانها يزيد عدة أضعاف لكثرة الفلاحين الذين يستثمرون في هذه الأرض من داخل المحافظة ومن خارجها.

كما لعب وجود البلدة على الحدود مع المملكة الأردنية دوراً في تبادل البضائع وعملية المقايضة مع السعودية وباقي دول الخليج حيث يأتون بالتمر والسكر وكثير من المواد ويعودون مزودين بالقمح والشعير والحبوب البقولية.

واليوم تجد المدارس بجميع مراحلها الأساسي والثانوي بالإضافة إلى المركز الصحي والمركز الثقافي ووحدة إرشادية زراعية ومركز بريد ومؤسسة استهلاكية وصالة اجتماعية ومخفر وأمانة السجل المدني وهي ناحية يتبع لها إدارياً قريتا "بكا وأم الرمان".

وفي البلدة انتشرت في الآونة الأخيرة زراعة الأشجار المروية بنظام التنقيط من الآبار الارتوازية وآبار المكرمة، ولو قيض للبلدة استثمار البئرين (المكرمة) على كامل مساحتها وهي التي تقع على حوضي "اليرموك والأزرق" من المياه لازداد الإنتاج من خلال المياه الجوفية من الخضراوات والحبوب والأشجار المثمرة في حال استخدام أدوات الري الحديث التي تهدف الدولة إلى نشرها.

السيد "فاضل فارس الحناوي" أشار إلى أن بلدية "ذبيين" تقوم بمجموعة من الخدمات الفنية وشق الطرق، إضافة إلى المركز الثقافي الذي يعد نشاطات ثقافية خلال خطته السنوية واستضافته للعديد من المثقفين والأدباء والشعراء وأصحاب الفكر، ويوجد عدداً من الشعراء الشعبيين وشعراء الفصيح وأساتذة في جامعة "دمشق"، ولهذا فإن حنين أبنائها دائماً مرتبط مع هوائها العليل، وحمل ترابها دماء أبنائها، فكانت القرية التي تحكي حكايا الأهل والأجداد، من خلال الأوابد التاريخية التي تحتويها، وهي التي تبعد عن مركز مدينة السويداء حوالي 30 كم.