"أم الرمان" تلك القرية التي قدمت الكثير ظلت كما قناطرها المعلقة، التي تدل على قدم الاستقرار فيها. حيث تقع في الزاوية الجنوبية من منطقة الجبل، أي في الزاوية المنفتحة على بادية الشام.

أول من سكنها حديثاً كان آل "النبواني" حيث استقروا هناك في مطلع سبعينيات القرن التاسع عشر، وبعدها سكنها آل "البربور" عن طريق أربعة البرابرة "أسد وعقاب وصقر وأجود" قبل أن يسكنها آل الأطرش بعد طرد آل الحمدان منها.

والشيء المتداول بين الناس، أن الاسم يعني كثرة أشجار الرمان فيها، وهو خطأ شائع حيث لا يوجد فيها أي شجرة للرمان، ويعيد المهتمون بالتاريخ أصلها الى الرومانية، فيقول الأستاذ "حسن حاطوم" الباحث التاريخي: إنها كانت تدعى "ريمونا" وتحرف الاسم حتى أصبح "أم الرمان".

والشيء الذي يدعوك للدهشة هو آثارها المنتشرة أينما حللت فيها ولا يخلو بيت من رسوم على أحجار بازلتية تعود إلى الأنباط أو الرومان الذين سكنوا تلك المنطقة قبل آلاف السنين، ومن آثارها المتعددة تظهر القيصرية التي نهبت ولم يبقى منها إلا قنطرة وبعض الجدران، وهناك البيوت الكثيرة مثل منزل "سلمان الأطرش" الذي يؤكد السكان أنه يمتد إلى ثلاثة طوابق تحت الأرض. وتخبرك المضافات التي مازال أهلها يسكنونها على عظمة المكان وروعة التصميم.

والشيء الذي يميز القرية التي لجأ إليها "نسيب البكري" و"عبد الرحمن الشهبندر" و"ابراهيم هنانو" و"شكري القوتلي" و"أدهم خنجر" وأغلب زعماء سورية في تلك الفترة لما تتمتع به من حصانة وشجاعة وعنفوان قل نظيره.

وكان زعيمها في تلك الفترة الشهيد "حمد البربور" الذي يعد الساعد الأيمن لـ"سلطان الأطرش" وكان يبلغ عدد سكانها آنذاك حوالي900 نسمة ولم يخل بيت من شهيد أو جريح أو مجاهد.

والآن يبلغ عدد سكان القرية بحسب مختارها السيد "أبو مأمون النبواني" 3570 نسمة.

والقاطنون منهم فعليا ألفي نسمة بسبب الهجرات إلى "فنزويلا وليبيا" والعمل في الخليج العربي.

الزراعة في خطر

يعمل أغلب أهالي أم الرمان في الزراعة حيث يقول الأستاذ "جمال العاقل" المشرف في الوحدة الإرشادية الذي التقيناه يوم الاثنين في الرابع من حزيران لعام 2008: إن مساحة الأراضي في القرية تبلغ63 ألف دونم، وأن المستثمر منها حوالي 33 ألف دونم يزرع بها محاصيل زراعية وأشجار مثمرة، وأن هناك منطقة حراجية شمال شرق البلدة تبلغ مساحتها (6) آلاف دونم.

ومنذ سبع سنوات غزا الجفاف المنطقة والمحاصيل دون العتبة الاقتصادية حتى بلغ الصفر في الأعوام الأربعة الأخيرة.

وتبلغ الثروة الحيوانية حوالي 1300 رأس غنم و600 رأس ماعز و60 رأس بقر وهي متراجعة بسبب الجفاف وغلاء الأعلاف، وأغلب الفلاحين مديونون للمصرف الزراعي وهم يطالبون بإعفائهم من تسديد القروض، خاصة بعد أن باعوا هذه السنة دونم القمح بمئة ليرة سورية .

ويتابع السيد "جمال": القرية فيها وحدة زراعية داعمة تخدم أيضا القرى المجاورة ويقام فيها الندوات الزراعية والأيام الحقلية للفلاحين.

مدرستان و76 مجازاً

في القرية مدرستان حلقة أولى وحلقة ثانية، والأهالي راضين تماما عن الوضع التعليمي لأبنائهم بوجود إدارة واعية ومتابعة، والذي يدعو للتفاؤل على حد قول السيد "ماجد العاقل" الموظف في بلدية أم الرمان هو الاتصال الدائم من الإدارة بالأهالي لمتابعة الطلاب.

يقول الأستاذ "شفيق العودة" مدير مدرسة أم الرمان الحلقة الثانية

إن لديه ثلاث شعب ويبلغ عدد الطلاب 96 طالبا، وعلى ما يبدو أن قلة عدد الطلاب نابع من التوازن الأسري وتحديد النسل الذي يتبعه الجميع هنا.

ويفتخر الأستاذ شفيق بطلابه المتفوقين على مستوى المحافظة وهو متفائل جدا هذه السنة أن تكون نسبة الناجحين في شهادة التعليم الأساسي عالية، وأن أحد الأشياء التي يعاتب عليها هي فاتورة الهاتف العالية بسب التواصل اليومي مع الأهالي.

الأستاذ "سليم العاقل" قال: في قرية أم الرمان (76 مجازا) عدا الذين رحلوا أو هاجروا أو البنات الذين تزوجوا خارج القرية.

مشكلة الصرف الصحي

على الرغم من وجود بلدية تقوم بكل الأعمال على قدر المستطاع خاصة وهي من الدرجة الرابعة، إلا أن مشكلة الصرف الصحي هي التي تؤرق الأهالي في أم الرمان، وبعضهم يدفع شهريا "ألف ليرة سورية" لضخ الصرف الصحي من الجور الفنية، وهم متأملون خيرا أن تساهم المساعي في إيجاد حل سريع لهذه المشكلة الكبيرة.

الخدمات الأخرى ممتازة

يقول العامل في شبكة المياه السيد "عاهد البربور":

إن وضع مياه الشرب ممتاز جدا، ويصل إلى كل بيت وفي مواعيده المحددة، ففي القرية بئر ارتوازي تابع لمؤسسة مياة الشرب. وقال: إن البلدة تتمتع بوجود برك قديمة قدم التاريخ والدليل على ذلك أدراجها الرومانية الباقية حتى الآن وهذه البرك كانت تسقي الأهالي مع أراضيهم وحيواناتهم عندما كانت تمتلئ عن آخرها في سنين الخير. وهناك شبكة هاتف وكهرباء والوضع فيها متميز، إضافة الى مستوصف نشيط وفعال.

وتتمتع القرية بحديقة عامة صغيرة نوعا ما، ولكنها جيدة فهي مزروعة بالأشجار الحراجية وفيها أمكنة للاستراحة وألعاب للأطفال.

وهناك (17) حديقة ملحوظة على المخطط التنظيمي للقرية.